تتزامن عودة انتشار فيروس كورونا مع ارتفاع حالات التسمم جراء فساد الأطعمة أو تلوث المياه بالصرف الصحي، وتتشابه الأعراض المرضية في حالتي الإصابة بكورونا أو بالتسمم الموسمي، وخصوصاً عند الأطفال، الذين يصابون بالمتحورات الجديدة من كورونا أو جراء انتشار الميكروبات في فصل الصيف. وتتمثل هذه الأعراض المرضية المتشابهة بالتقيؤ والإسهال وارتفاع حرارة الجسم، من دون وجود أعراض مرضية بالجهاز التنفسي.
إعادة تدوير الميكروباتويشرح رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، والبروفسور في طب الأطفال، غسان دبيبو لـ"المدن" هذه الظاهرة مشيراً إلى أنه "يلاحظ ارتفاع نسبة الأعراض المرضية التي تصيب الجهاز الهضمي عند الإصابة بالمتحور الجديد لفيروس كورونا، وخصوصاً عند الأطفال. أي الإصابة بأعراض الاسهال والتقيؤ وارتفاع الحرارة بما يشبه حالات التسمم. ما يستدعي إجراء فحص كورونا في حال لم يكن من شكوك لتعرض الأشخاص لحالات تسمم جراء تناول أطعمة أو مصادر تلوث معينة.
ويضيف دبيبو أنه في فصل الصيف ترتفع حالات التسمم بسبب عوامل عدة أولها تلوث المياه بالصرف الصحي، سواء تلك التي تستخدم في ري المزروعات أو التي تستخدم في المنازل للخدمة اليومية أو للشرب حتى. فتلوث مياه الري بالصرف الصحي بمثابة إعادة تدوير الميكروبات التي تسبب التهابات الجهاز الهضمي: تنتقل من الإنسان إلى الصرف الصحي ومنه إلى مياه الري بالمزروعات وثم إلى الانسان مجدداً.غياب البنى التحتية مسبب للأمراضووفق دبيبو ارتفاع حالات التسمم جراء التعرض للميكروبات تصبح أكثر ملاحظة في فصل الصيف، لأن ارتفاع درجات الحرارة تجعل بعض الميكروبات تتكاثر أكثر. يضاف إلى ذلك انقطاع التيار الكهربائي وعدم حفظ المأكولات بطرق سليمة، ما يسمح للميكروبات بالتكاثر أيضاً. ويشكل تلوث الشاطئ اللبناني بالصرف الصحي عاملا إضافيا للأمراض . بمعنى آخر البنية التحية للكهرباء والمياه سيئة والشواطئ ملوثة وبالتالي من الطبيعي أن ترتفع حالات التسمم أكثر من المعتاد، كما نشهد هذا الصيف بين الكبار والصغار في السن.
ويضيف دبيبو أن الأعراض المرضية نتيجة تكاثر الميكروبات مثل الاسهال والتقيؤ وارتفاع درجات حرارة الجسم تتشابه مع الأعراض المرضية التي ارتفعت نسبتها بين الأطفال الذين يصابون بكورونا مؤخراً، ما يصعب تحديد المرض من دون اللجوء إلى فحص كورونا.
تحدٍ جديد لكوروناوحول الواقع الوبائي المتمثل بانتشار كورونا مجدداً لفت دبيبو إلى أن المخاطر والتحديدات الجديدة لكورونا تكمن في سرعة الانتشار وفي التهرب من المناعة المكتسبة سواء من اللقاحات أو الإصابات السابقة.
ويشرح أن المتحورين الجديدين المتفرعين عن متحور أوميكرون (BA.4 وBA.5) المتشرين حالياً لديهما القدرة على التهرب من المناعة المكتسبة حتى من متحور أوميكرون بنسخه السابقة (BA.1 وBA.2 وBA.3)، وبطبيعة الحال من المتحور الأساسي المعروف في ووهان الصينية، وكل المتحورات اللاحقة عليه. كما أن القدرة على التهرب من المناعة المكتسبة تعطي هذان المتفرعان الجديدان الأسبقية في الانتشار على كل المتحورات السابقة.
وحول الأعراض المرضية الناجمة عن هذين المتحورين وإذا كانت أكثر أو أقل خطورة من أعراض كورونا السابقة، لفت دبيبو إلى أن "المسألة تقاس من خلال المقارنة بين الأشخاص الذين يصابون بأي متحور من كورونا وليس لديهم مناعة سابقة على الإصابة. فالأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاحات وليس لديهم أي مناعة مكتسبة من إصابة سابقة كانت أعراضهم المرضية، بعد الإصابة بالنسخة الأساسية في ووهان ولغاية متحور دلتا، أقوى بكثير من الأعراض المرضية بعد الإصابة بأوميكرون والمتحورات المتفرعة عنه. في الوقت الحالي أعراض أوميكرون عند الأشخاص الذين ليس لديهم أي مناعة سابقة أقل حدة، وهي خفيفة بشكل عام. وهذا يعني أن كورونا بات يضف لناحية التسبب بأعراض مرضية خطرة. لكن في المقابل باتت سرعة انتشاره أكبر بكثير من السابق. وهذا أمر جيد طبياً: كلما انتشر الفيروس بسرعة أكبر وبأعراض مرضية خفيفة يكون الأمر أفضل بكثير من انتشاره بأعراض مرضية خطرة.
وإذ أكد دبيبو أن "كل الأشخاص بمن فيهم الذين أخذوا ثلاث وأربع جرعات معززة معرضين للإصابة بالمتحورات الفرعية الجديد"، لفت إلى أن "الأعراض المرضية بات أقل حدة أو أقله لا تؤدي إلى الدخول إلى المستشفيات". وهذا يؤشر إلى أنه كلما ارتفعت المناعة في المجتمع كلما بات الفيروس أقل خطورة لناحية الأعراض المرضية.