"علّموا الطلاب إذا استطعتم وكيفما تيسّر. المهم عودوا إلى مدارسكم وثانوياتكم في الوقت الحالي وسجلوا دوامات العمل". هذا ما يتناقل على لسان الأساتذة في مختلف المناطق اللبنانية، نقلاً عن المسؤولين المباشرين لهم في المدارس والثانويات التي لم تباشر التعليم الأسبوع المنصرم. فبعد قرار روابط المعلمين في التعليم الثانوي والأساسي مساء أمس بالعودة إلى التدريس، بدأ الأساتذة بالبحث عن الطريقة المناسبة للالتحاق بالمدارس والثانويات. وقد تواصلت "المدن" مع أساتذة ومديرين في مختلف المناطق اللبنانية وتبين أن العام الدراسي لم يبدأ بعد إلا كقرار صدر عن وزارة التربية الأسبوع الفائت. أما واقعياً فما زالت مناطق واسعة في لبنان من الجنوب إلى الشمال ومن بيروت إلى البقاع، غير ملتحقة بالتعليم. أما عودة الأساتذة إلى التواصل مع المديرين للالتحاق، فلمجرد تسجيل الدوامات وعدم خسارة بدلات الإنتاجية.التواصل عبر واتسابفي مناطق الجنوب والبقاع والضاحية تقرر تعليم الطلاب من بعد، نظراً للنزوح ولإقفال المدارس. لكن إلى حدّ الساعة لم ينطلق التعليم من بعد. في الجنوب يفيد أساتذة لـ"المدن" أنهم بدأوا اليوم التواصل مع طلاب عبر منصة واتساب وارسال دروس. بمعنى أن التعليم من بعد عبر منصة "تيمز" غير متوفر. وأفاد أساتذة أنهم تواصلوا مع الطلاب ليس للتعليم بل لمعرفة مدى توفر الانترنت لديهم، وإذا لديهم اشتراك ثابت أو حزم عبر الهاتف الخليوي. ليتبين أن غالبية طلاب الثانوي لديهم حزم انترنت على هاتف الخليوي، وهذا لا يمكنهم من التعليم من بعد عبر منصة "تيمز" عندما تصبح مفعلة. فالوزارة أطلقت الخطة وما زالت منصة "تيمز" غير مفعلة، بل هناك وعد بتفعيلها قريباً.لا تعليم جدّي إلا في بعض المناطق الآمنة، والذي لا يشمل كل الطلاب أيضاً. فتحول غالبية المدارس إلى مراكز إيواء وعدم وجود بديل للطلاب، دفع المديرون والمناطق التربوية وفعاليات محلية وجمعيات إلى البحث عن حلول. لكن لم تصبح الحلول منجزة بعد. وبحسب مصادر "المدن" في العديد من المناطق المصنفة آمنة لم يبدأ التعليم بعد. في منطقة إقليم الخروب والمتن المدارس مستخدمة كمراكز إيواء، ولم يبدأ التعليم لأن المدارس الخاصة لم تشارك في خطة وزارة التربية لتعليم طلاب الرسمي في الفترة المسائية. بل ثمة محاولات على مستوى القرى لإيجاد حلول خاصة. في منطقة عرسال جميع المدارس تستخدم كمراكز إيواء، وما زال المديرون يعملون مع "الخيّرين" لمحاولة إيجاد بديل. أما ثانوية عرسال فغير مستخدمة للإيواء وبدأت بتعليم صفوف الثانوي. وفي منطقة الفاكهة يعملون على استئجار مدرسة خاصة لتعليم الطلاب، بينما في رأس بعلبك يجهزون مركز البلدية لتحويل قسم منه لتعليم الطلاب.في بيروت لا يختلف الموضوع عن المناطق. فقد حوّلت غالبية المدارس والثانويات إلى مراكز إيواء. في بعض الثانويات يعملون حالياً على إخلاء طوابق معينة لتعليم طلاب الثانوي (مثال ثانوية جميل الروّاس في طريق الجديدة)، أو تجهيز مبانٍ رسمية للدولة. فمجمع المدارس والثانويات في منطقة بئر حسن تحول إلى مراكز إيواء. وهناك محاولات لنقل الثانويات الثلاثة منه إلى مبنى معهد "الكنام" في زقاق البلاط. لكن لم يسأل أحد عن إمكانية التحاق الطلاب به. فغالبية طلاب هذا المجمع من منطقة الأوزاعي والجناح والضاحية، وهم بعداد النازحين.استثناءات لعدم إعلان فشل الخطةفشل خطة التعليم في الدوام المسائي، لناحية عدم وجود مدارس خاصة ولناحية رفض المديرون العمل في دوامين، أدى إلى فشل جزء كبير من الخطة. وتفيد مصادر مطلعة على الإشكاليات الحالية أن وزارة التربية أباحت لكل مدير لم يجد مكاناَ لمدرسته بعد بتعليم طلابه من بعد. وكل مدير يستطيع أن يقدم كتاباً للوزارة يشرح فيه الأسباب الموجبة للتعليم من بعد، ويسمح له بذلك. لكن هذه الإشكالية ليست فردية أو محصورة بمنطقة، بل هي عامة، لأن نحو سبعين بالمئة من المدارس الرسمية تحولت لمراكز إيواء. والثلاثون بالمئة المتبقية لا تتسع لكل الطلاب في لبنان لتنفيذ خطة وزارة التربية. وبالتالي تقرر إطلاق العام الدراسي بمن حضر وعدم وضع خطة تربوية جديدة تحاكي الواقع على الأرض. فأي تراجع بهذا الشأن يعني أمام الجهات المانحة أن الوزارة وضعت خطة متسرعة للحصول على التمويل، كما أكدت المصادر.هذا التخبط في التعليم الرسمي أتى بسبب افتقار وزارة التربية لخطة تشمل تأمين التعليم للجميع. فبسبب تحول غالبية المدارس إلى مراكز إيواء، وضعت الوزارة الخطة على أساس تأمين مدارس خاصة أو تأمين مبانٍ رسمية لتعليم الطلاب. وقد أطلق العام الدراسي قبل تحقق هذين الأمرين. فالمدارس الخاصة لم تشارك في إنجاح الخطة بسبب عدم وجود تمويل لها من الوزارة، وتجهيز المباني الرسمية تأخر. وألقيت مسؤولية تأمين بديل عن المدرسة أو الثانوية التي تحولت إلى مركز إيواء على عاتق المديرين. ومن يستطيع تأمين البديل سيعلم الطلاب ومن لا يجد سبيلاً إلى ذلك سيذهب نحو خيار التعليم من بعد.التعليم من بعد، لا تنطبق عليه هذه الصفة لناحية أنه تعليم "أونلاين". بل ما زال إلى حد الساعة يقوم على ارسال تسجيلات عبر واتساب. أما الأساتذة الذين التحقوا لتنفيذ خطة الوزارة فالتحاقهم أتى بهدف تسجيل دوامات العمل ليس أكثر. فمن دون تسجيل حضورهم لا يحصلون على بدلات الإنتاجية. فكان أن التحق أساتذة في مدارس وثانويات قريبة إلى أمكان سكنهم للقول إنهم جاهزون، فيما الأساتذة النازحون من الجنوب والبقاع اكتفوا بالتواصل مع مديري ثانوياتهم ومدارسهم ومع طلابهم لعرض آخر المستجدات. لكن لا تعليم انطلق للطلاب.