نفذ عدد من الأساتذة والمعلمين/ات تظاهرة احتجاجية حاشدة، ظهر اليوم الأربعاء امام وزارة التربية والتعليم العالي في الأونيسكوفي خطوة تصعيدية لمواجهة قرارات وزير التربية عباس الحلبي والتّي تفرض العودة إلى التعليم بشروط اعتبرها الأساتذة الرسميين مهينة وأشبه برمي الفتات عليهم لإلزامهم بإكمال السنة الدراسية الحالية من دون تحقيق مطالبهم الأساسية.
وعليه، استأنف الأساتذة والمعلمين/ات سلسلة تظاهرتهم الاحتجاجية المعطوفة على قراراهم بتمديد الإضراب العام حتّى نهاية هذا الأسبوع، ووسط الأغاني الوطنية والأهازيج والمناشدات وقف الأساتذة جنبًا إلى جنب مع الطلاب ومندوبين عن لجان الأهل الذين حضروا للمناصرة والتأييد، معبرين عن سخطهم وتبرمهم من التحامل والتغاضي الرسميين، ومطالبين وزارة التربية وعلى رأسها الوزير بتحقيق مطالب الأساتذة. وقد علت أصوات المحتجين الخائفين على مصيرهم ومصير التعليم الرسمي في لبنان، فيما ظهر مجددًا الاحتقان والتوتر بين الجمعيات العمومية والروابط الرسمية كما في باقي التظاهرات.استئناف التظاهروفيما ندد عدد من لجان وروابط الأساتذة الرسميين أمس 14 شباط، بقرارات الوزير الحلبي الذي وصفوه بأسلوب ترهيبي يُمارس على الأساتذة لإجبارهم على العودة والتعليم بالسخرة، حذرت الروابط الأخرى التّي صمتت أمام تسريبات التهديد والوعيد لكل الأساتذة الذين رفضوا العودة إلى التعليم وخاصة لكونهم الغالبية الساحقة (المعبر عنه في استفتاء الرأي، بعدم العودة إلى التعليم، بنسبة تفوق الـ93 بالمئة منهم على امتداد لبنان) والتّي كان مفادها:" أن صناديق المدراس ستبقى فارغة ولن تقدّم الدول المانحة المساعدات في حال عدم فتحها". يضاف إلى ذلك، تهديد المدراء في خطوة علانية واضحة للضغط على الأساتذة، مقترحين شرط الدمج في السنة المقبلة في حال تفاقم حالات التسرب الدراسي. وبالتالي يتقلص عدد المدراء بحيث يصبح هؤلاء أساتذة ونظار في المدراس المدمجة. هذه التهديدات كانت محور تظاهرة اليوم التّي دعت إليها الجمعيات العمومية والروابط الرسمية، عقب إصدار القرارات التّي اعتبرت تعسفية.
وتحت شعار "نعم لدولرة معاش الأساتذة أسوةً بباقي القطاعات"، طالب الأساتذة المعتصمين، بدولرة معاشاتهم التّي لا تزال على سعر صرف ال 1500 ليرة لبنانية مضروبة بثلاثة أضعاف، فيما يتجاوز سعر صرف الدولار في السّوق السوداء الـ 75 ألف ليرة، أي ما يتجاوز الخمسين ضعفاً بحسب قولهم. واعتبروا أن إقرار الخمسة ليترات بنزين كبدل نقل يومي، ما هو إلا حقنة مخدرة ومؤقتة، فيما هم يدفعون باقي البديهيات المعيشية بفاتورة مدولرة بامتياز. وقد حضر رهط كبير من الأساتذة منذ بواكير الصباح الأولى ومن مختلف المناطق اللبنانية بمؤازرة عدد من الطلاب وأهاليهم، فيما تنوعت المطالب التّي وجهها الأساتذة لوزير التربية والحكومة اللبنانية بين تحسين الرواتب ورفع قيمتها وتحويلها إلى الدولار الأميركي، وتغطية الاستشفاء، وتحسين المناهج، وغيرها... . وقد لوحظ إقبال ضعيف مقارنةً بالتظاهرات السّابقة بررّه أحد الأساتذة في حديثه مع "المدن" بكونه مقرون بعدم قدرة غالبية الأساتذة على تأمين نقلياتهم من منازلهم إلى الوزارة. فيما أشار ممتعضًا لوجود عدد كبير من الأهالي الذين حثوا على العصيان فيما الأساتذة يتوجسون من إثارة جوّ من الشغب.
مواجهة بين الأساتذة والقوى الأمنيةوفي الدقائق الأولى لتظاهرة الأساتذة التّي بدأت في تمام السّاعة الحادية عشرة من صباح اليوم، حدث تصادم بين عدد من الأساتذة وعناصر قوى الأمن الداخلي ومكافحة الشغب، وقد حضرت الأخيرة قبل تجمع الأساتذة وتجمهرهم مطوقةً مداخل ومخارج الوزارة ومنعت المعتصمين من الدخول اليها. اصرعدد منهم على الدخول إلى الوزارة لمقابلة الوزير، وحين حاول أحد الأساتذة اقتحام المدخل عبر القفز من البوابة الحديدية نشب تدافع وتضارب بين الطرفين أدى إلى إصابة أحد الأساتذة بكدمات على جبينه ناتجة عن ضربه بالعصي الحديدية، فيما أصيب أستاذين آخرين بكدمات على اكتافهم وظهورهم عند محاولتهم مساعدة زميلهم.
وبعد الحادث ساد جوّ من الغضب في أوساط الأساتذة الذين اعتبروا أن هذا الأسلوب العنيف في التعاطي هو لترهيبهم، وطالبوا بالاعتذار الرسمي عنه فيما سارع بعضهم لمحاولة اقتحام الوزارة مرّة أخرى، منددين بالأسلوب التعسفي لقمعهم. وقد طالبوا العناصر الذين يعيشون مثلهم أوضاعاً مزرية التكاتف معهم لا ضربهم وهم يحاولون نيل حقوقهم البديهية. وأشارت إحدى المعلمات في التعليم الأساسي في حديثها لـ"لمدن" أن هذا الأسلوب هو محاولة واضحة من قبل الوزارة لترهيب الأساتذة والمواجهة بينهم وبين القوى الأمنية، وهذا ما يتعارض مع نضالات الأساتذة المحقّة ومحاولاتهم المستمرة لتحقيق المطالب.
وبعد أن توالت الخطابات وتنوعت المطالب، انتهت التظاهرة بعد ساعة واحدة من انطلاقها.وأكدّ المنظمون أن خبر العودة إلى التدريس بالاتفاق مع وزير التربية بعد موافقة الأساتذة على شروطه هو عارٍ عن الصحة، وأكدوا أنهم ملتزمون بالإضراب والاعتصام.
وفي حين ناشد الطلاب الوزير بتحقيق مطالب أساتذتهم معبرين عن تخوفهم من انهيار العام الدراسي الحالي أسوةً بالسنوات الثلاث الماضية، لم يصدر أي تصريح عن الوزارة .