رغم وجود مساعٍ من قبل بعض أعضاء رابطة التعليم الثانوي مع وزير التربية عباس الحلبي، لتأمين مساعدات للأساتذة بالدولار النقدي، قضي الأمر بإلغاء حوافز الـ130 دولاراً شهرياً لكل أستاذ. واعترف الوزير أمام وفد رؤساء المكاتب التربوية أن الموضوع خارج عن إرادته. أي لن تستطيع وزارة التربية دفع الحوافز الموعودة.
تسعون دولاراً أو أقلوكانت "المدن" كشفت سابقاً أن الحوافز لن تصل إلى الأساتذة، بسبب وجود إشكالية حول القرض الممنوح لوزارة التربية لترميم المدارس. ووفق مصادر مطلعة، فرغم موافقة من البنك الدولي على تعديل وجه صرف القرض ليصبح حوافزَ للأساتذة، إلى أن العقبات الداخلية تحول دون تحقيق الأمر. فلا يوجد توافق سياسي بين الأحزاب السياسية على إقرار قانون في المجلس النيابي لتعديل وجهة القرض، كي لا يستفيق باقي موظفي القطاع العام ويبدأون بالمطالبة بحوافز لهم. ما يعني أن الأساتذة لن يحصلوا على الحوافز. لكن ثمة مساعي لتأمين مبالغ بالدولار لهم (تسعون دولاراً أو أقل بقليل) قد يتمكن الوزير من الحصول عليها.المكاتب التربويةيوم أمس اجتمع الحلبي برؤساء المكاتب التربوية (مفوض التربية في الحزب التقدمي الاشتراكي سمير نجم، ممثل قطاع التربية في حزب الكتائب اللبنانية الدكتور شربل يزبك، رئيس التعبئة التربوية في حزب الله يوسف مرعي، رئيس المكتب التربوي المركزي في حركة أمل علي مشيك، ممثل المكتب التربوي في حزب القوات اللبنانية ربيع فرنجي، وممثل قطاع التربية في التيار الوطني الحر إيلي سلوم) أما تيار المستقبل فقد غاب عن اللقاء لكن حضر عنه عملياً مدير التعليم الثانوي خالد الفايد. ووفق مصادر مطلعة على مجريات الاجتماع، أبلغ الوزير المعنيين أن موضوع الحوافز ليس في يده، رغم سعيه لتأمين بديل عنها.وطلب الحلبي من رؤساء المكاتب التربوية مواكبة قرارات وزارة التربية وقال لهم "لوحدي ما بقدر أعمل شي". والمقصود ممارسة الضغوط على روابط المعلمين والأساتذة للعودة إلى المدارس بعد انتهاء عطلة الأعياد. لكن الوزير بات مدركاً أن الحارس وعاملة النظافة في المدرسة يتقاضون، بين راتبهم الشهري المعدل وبدل نقل، أكثر من أستاذ التعليم الثانوي، وأن الأساتذة المتعاقدين عشرين ساعة أسبوعياً في التعليم الثانوي، باتوا يحصلون نحو 14 مليوناً بالشهر، من دون بدل النقل، أي بما يزيد ضعفاً عن راتب مدير الثانوية، بعد احتساب مساعدات الدولة له.ادفع خمسين دولاراً!بعض الحاضرين ابلغوا الوزير صعوبة ما يطلبه خصوصاً أن الأساتذة وعدوا بقبض 130 دولاراً شهرياً، ولم ينفذ. وطلبوا منه تأمين أي مبلغ كان كي يتمكنوا من إقناع الأستاذة بأن الحوافز ستصلهم. وبدوره شكا الوزير من بعض أعضاء روابط المعلمين الذين يقولون شيئاً ويفعلون نقيضه. ويوجد تباين بينهم وبين مكاتبهم التربوية ويشيعون أخباراً تضر بالوزارة.ووفق المصادر وعد رؤساء الروابط بأن يضغطوا على ممثليهم في الروابط وأساتذتهم، لكن يجب أن يواكب الموضوع بتلقي الأساتذة أي دفعة كانت بالدولار النقدي. حتى أن أحد ممثلي الأحزاب قال له: ادفع لو خمسين دولاراً للأساتذة، إذا كنت غير قادر على دفع 130 دولاراً، كي يشعروا بأن ثمة أموال ستصلهم.لكن الوزير أكد أنه لا يملك أي حل بخصوص الحوافز. في المقابل ثمة مبلغ زهيد بالدولار النقدي يستطيع التصرف به بعد عطلة الأعياد لتمرير العام الدراسي. أي لن يتقاضى الأساتذة المبالغ الشهرية الموعودة، بل سيصار إلى دفع حوافز لشهرين بطريقة متقطعة، بغية تمرير الوقت وصولاً إلى إجراء الامتحانات الرسمية. ولكنه يسعى مع بعض الجهات المانحة لتأمين استمرارية دفع هذه الحوافز. وقد تلقى اقتراحات من بعض المانحين بتخصيص الحوافز للأساتذة حصراً، وبالتالي يمكنه التصرف بالمبالغ المتوفرة، لأنه يستحيل توزيع حوافز للموظفين والعاملين في الوزارة والمناطق التربوية والمدارس. لكنه أصر على مبدأ تلقي الجميع أو لا أحد.لا إضراب مفتوحاًوتفيد المصادر بأن الحلبي تلقى وعداً من المكاتب التربوية بعدم ذهاب الروابط لإضرابات مفتوحة. لكن لم يعده أحد بعدم استمرار الإضراب المتقطع في حال بقيت الأمور على حالها. وعلى ما يقول أحد المدراء: لقد ضغطوا بما فيه الكفاية ولم يعد من شيء يضغطون به أكثر. فالمكاتب التربوية تستطيع الضغط على المدراء المعينين من قبلها. وتستطيع الضغط على ممثليها في الروابط. لكن لا أحد منهم يستطيع الضغط على أكثر من أربعين بالمئة من الأساتذة في لبنان كله. ووزير التربية بات مدركاً لهذا الواقع. لكنه يضغط من أجل تمرير العام الدراسي بأفضل الممكن. غير ذلك، ستتفلت الأمور أكثر فأكثر. وبالتالي يتفهم دعوة الروابط لإضرابات متقطعة لتنفيس الأساتذة وتخفيف حال الاحتقان الذي يعيشونه.وتضيف المصادر أن الحلبي بات مدركاً أنه لوحده غير قادر على السيطرة على الأرض. فرغم التعاميم التي تصدرها الوزارة والتنبيهات والاستدعاءات التي تحصل، لم تتوقف احتجاجات الأساتذة الفردية والجماعية في التعليم الثانوي. والسبب مرده إلى أن نحو ثمانين بالمئة من الأساتذة الثانويين مثبتين في ملاك الدولة. والواقع مغاير في المدارس الابتدائية والمتوسطة التي تعتمد على 80 بالمئة من نصابها على المتعاقدين، الذين لم يلتزموا بأي إضراب لعدم تضييع ساعات عملهم.