شهد اليوم الثامن قبل الأخير من فعاليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الـ64، حركة زوار غير مسبوقة، جعلت التجول في أروقته غير ممكن أحياناً وخصوصا في فترات قبل الظهر، حيث زار المعرض 44 مؤسسة تربوية وتعليمية وكشفية من مختلف المناطق بتعداد تجاوز 3000 طالب وطالبة من مختلف الأعمار، إلى جانب رواد المعرض الذين حضروا للمشاركة في فعاليات "أنا أقرأ بتوقيت بيروت" من ندوات ومناقشات للكتب إلى التواقيع التي تجاوزت يوم السبت فقط الـ40 توقيعا، بالإضافة إلى النشاطات المخصصة للأطفال.
استهل النشاط السبت بندوة نظمها دار الفارابي خصصت لمناقشة رواية "حبيبتي مريم" لهدى عيد وأدارت الندوة نازك بدير وشارك فيها كل من حبيب يونس وجان توما ومنى رسلان.
قدمت بدير المشاركين في الندوة وقالت: "يسعدنا أن تعيد بيروت العصية على الموت لم شملنا على الرغم من كل ما يحصل"، مشيرة إلى أن "بيروت تمنح الكثير من سماتها إلى المخيال الروائي للكتاب اللبنانيين والعرب على حد سواء".
وتناولت منى رسلان النص الأدبي بشكل عام ومقاربته للوجودية، ثم انتقلت لتناول رواية "حبيبتي مريم" وقالت: "تبين الذكريات الشاخصة في الرواية بأنها تتقاطع مع الزمن بعالمه السفلي الذي يتضمن الراهنية والتوهم والموت بواقعيته الحقيقية الفجة".
من جهته، قال جان توما: "تردك هدى عيد إلى المسالك الروائية المتعبة، في عز الزمن المتعب فالرواية فخ روائي محكم، تأخذك الكاتبة في نصها، المشحون بالحبكة الروائية، على ألسنة أبطالها إلى حيث لا تستطيع العودة إلى البدايات"، مشيراً إلى أن "الكاتبة سعت إلى المواطن الواقعي، لكنها مضت مقتنعة بنظرية "المواطن الإفتراضي"الذي صار إليه العالم".أما حبيب يونس، فأكد على أن "هذه الرواية دليل على قدرة الكاتبة على تحدي نفسها في وطن يكاد شعبه أن يمحى عن الخارطة الإنسانية"، مشيرا إلى أن "الرواية تتضمن أربعة أصوات كأنها أربعة فصول، كأنها أربعة رواة، فيكتمل عقد أبطال الرواية، فتكتمل مشهدية الوطن المصلوب على الخطر".
من جهتها، أشارت كاتبة الرواية الدكتورة هدى عيد إلى "أهمية فعل الكتابة، وإيمانها الراسخ بقدرتها على توليد أثر ما، من خلال تعرية الواقع عند الضرورة، مهما بدا هذا التغير بطيئاً في مجتمعنا، فالحاضر يعاملنا بقسوة وباستهانة، فالأَولى بنا أن نبادر دائماً، كل من موقعه وبأن علينا ألا ننتظر من الآخرين أن يفعلوا".عاشق سعودي
كذلك، نظمت دارفيلوسوفيا ندوة لكتاب "عاشق سعودي" للكاتبة أسماء وهبي شاركت معها المؤثرة الإجتماعية إسراء ياسين، حيث يتناول الكتاب كيفية التعامل مع الشريك لإنجاح العلاقات.
وفي نشاط اليوم ندوة حول أدب الطفل واليافعين، أدارتها أمل ناصر وشارك فيها كل من الدكتورة مريم رعد، الدكتورمحمد كجك والسيدة سمر محفوظ براج.
قدمت السيدة أمل ناصرالندوة والمشاركين، مستشهدة بكلام الألماني بيرند برونو الذي تساءل: "هل الرمان مجرد ثمرة عادية نقشر جلدها السميك وصولاً لحباتها الشهية؟".
بدورها، تحدثت مريم رعد عن أدب الصغار وإنعكاسه لهويتنا الثقافية، معتبرة أن "الجودة في الكتب التي تحترم عقول الأطفال هي الطريق الصحيح ليشعر بها الطفل، مشيرة إلى "ضرورة إنتاج كتب أطفال تحاكي الأطفال ورؤيتهم ووجهة نظرهم"، مؤكدة على أن "الكتابة للأطفال تتطلب السمع للأطفال والتكلم معهم بصيغة أفكارهم، فمن الضروري ترك مجال أدب الأطفال ليكون أكثر حرية للكتاب والرسامين والمنتجين".
أما محمد كجك فقال:"إن شغف الإنسان هو أن يكون لديه حضور، لذلك نكتب ونؤلف، نرقص ونغني، كله من أجل إثبات الحضورالذي يحتاج إلى السلطة"، مشيراً إلى أن "الفنون تتغير وتختلف لأن كل جماعة بشرية تحاول إبراز تصورها بنوع من الفن".
وعرضت الكاتبة سحر براج تجربتها في قصص وحكايات والأطفال، وكيف بدأت بالكتابة عنهم وكيف تبدأ عند كتابتها للحكايات والنصوص.الزعني
ومن نشاط المعرض أيضا مناقشة كتاب "القصائد الممنوعة لعمر الزعني" التي أدارها نجا الأشقر وشارك فيها كل من أحمد قعبور، محمد كريّم، سليمان بختي وزياد دندن.
سبق الندوة عرض وثائقي عن حياة ومسيرة الشاعر الزعني، قبل أن يفتتحها نجا الأشقر بتعريف الحضور.
وكان أول المتحدثين محمد كريم الذي وصف الزعني "كرجل ضخم الجثة، كثيف الحاجبين ذي النظارتين السميكتين، قلبه يسع الكون بأكمله، حبه للبنان لا يضاهيه حب، لكن في قلبه زاوية أثيرة كانت مضيئة مخصصة لبيروت، فهو يهوى بيروت وناسها وشوارعها".
أما أحمد قعبور فقال: "الزعني شجرة مثمرة، فقدت ثمارها، تركوها الذين إستفادوا منها، لعمر جمهورية خاصة له، إستكشفها بكل أغانيه وهو أحد المريدين لها قبل نشوئها وهو ذاكرة أريد أن تدفن في كل مرحلة، وبيروت زهرة بغير مكانها، حافظوا عليها".
من جهته، الإعلامي زياد دندن قال: "شاعرنا الكبير عمر الزعني يتمتع بحس نقدي عالٍ ومرهف، فلا مكان عنده للتطنيش ردة فعله محيرة، لا تستطيع أن تعرف له هزلاً من الجد، فقد كتب واستخدم فيما كتبه كلماتٍ، وأسماء وأشياء لحظها من ملامح التراث البيروتية "، مشيراً إلى أن "الزعنّي غارق من دون سابق تصور وتصميم بالمحلية البيروتية ليس تعصباً ولا تفوقاً فبكل بساطة لأنه بيروتي عظيم من بلادي".
أما سليمان بختي فتحدث عن الزعني منذ نشأته، وعن صراعاته التي عاشها وعدد من كتبه مثل:"البؤس"، "بدنا بحرية يا ريس"، مشيراً إلى أن"الزعني كان يحرص على الإطار الشعبي لقصيدته مستفيداً من تجربة الشيخ سيد درويش في استلهام البائعين والصنايعية والحرفيين".
وفي ختام نشاطات اليوم، نظمت دار الفرات ندوة ناقشت كتاب "العائد الى سيرته" للشاعر باسل عبد العال بادارة ميراي شحادة ومشاركة كل من محمد العثمان والشاعرعبد العال.
عرفت مديرة الندوة ميراي شحادة عبد العال بأنه "العائد إلى سيرته، كما قالت لها الأرض وهمست لها فلسطين وشعره هو كيانية لوجوده، لغربته، لبحثه عن سيرته والعودة إليها، فباسل لم يكتب عن شيء بل كتب كل شيء ذاته".
أما العثمان فوصف الرواية بأنها "رمزية غرائبية أبطالها ليسوا كما الناس العاديين فالبطل هو من سلالة أهل الريح، شخص تائه باحث عن هويته، وعن حل الأسرار والمعضلات التي أتعبت أهل الريح قبل قدومه إليهم".
بدوره، شكر عبد العال المشاركين، قائلاً:"هذه الرواية لم تعد لي فهي أصبحت ملك القارئ، فولادتها كانت نصاً ينطلق من الواقع بأسلوب"الواقعية السحرية"، واصفاً حالته أثناء الكتابة حيث كان يكتب ويعيش الحالة ويعتبر نفسه الباحث العائد إلى سيرته، فالباحث والكاتب هو الذي يحتاج للتمسك بسلاح البحث خوفا من النسيان".