في مخالفة للنظام الداخلي لروابط الأساتذة، قررت الأخيرة التوقف عن التعليم ليومين بالأسبوع، بدءاً من الأسبوع المقبل ولغاية نهاية العام. هذا ما أكد عليه أكثر من نقابي داخل وخارج الروابط لـ"المدن". فوفق النظام الداخلي لروابط المعلمين لا يحق للهيئة الإدارية إعلان الإضراب إلا ليوم واحد من دون العودة إلى الجمعيات العمومية أو مجالس المندوبين. وبما أن الروابط قررت الإضراب ليومين في الأسبوع، بما مجموعه أربعة أيام تعطيل، حتى نهاية العام، كان يفترض بها أقله دعوة مجالس المندوبين. وهذا ما لم يحصل.التوقف عن العملوكانت روابط التعليم الرسمي (ثانوي، أساسي، المهني والتقني) عقدت اجتماعاً لتقييم المرحلة وأصدرت بياناً أعلنت فيه "التوقف القسري وعدم الحضور إلى المدارس والمعاهد والثانويات يومين من كل أسبوع، على أن تكون في أيام الإثنين 12 والثلاثاء 13 والأربعاء 21 والخميس 22 من شهر كانون الأول في الدوامين قبل وبعد الظهر... وهذا التوقف بمثابة موقف تحذيري قبل العطلة الميلادية أما ما بعد العطلة فهناك حديث آخر".
وأكدت الروابط في البيان أن مطلبها الأساسي هو تصحيح الرواتب. واشترطت العودة إلى التدريس بدوام كامل "بتحسين الراتب 3 أضعاف من أصل عشرين ضعفاً قد خسرها الأساتذة، وتأمين الحوافز التي وعد بها وزير التربية. وارتضت الروابط ذلك الواقع إيماناً منها بضرورة الحفاظ على المدرسة الرسمية.. لكن بما أن ما يتم تقديمه من أجور، بغياب المساعدات والحوافز لا يمكن الاستمرار به بدوام كامل، تقرر التوقف القسري وعدم الحضور إلى المدارس والمعاهد والثانويات يومين من كل أسبوع".قرارات عشوائية وغير تربويةمصادر "المدن" أكدت أن الارباك حيال توقف أساتذة التعليم الثانوي تباعاً عن العمل، وبعد اتساع رقعة الاحتجاجات، التي كانت ستصل إلى الذروة يوم الإثنين المقبل، بإقفال غالبية الثانويات في لبنان، دفعت بعض أعضاء الرابطة إلى الموافقة على قرار التوقف ليومين في الأسبوع. وقد سبق وعرض ممثلو حزب الله هذا الأمر في اجتماعات الرابطة ولم يحصل على توافق عليه، لأن مبدأ "العمل بقدر الأجر" غير تربوي من ناحية، ولا يحل مشكلة الأساتذة من ناحية ثانية.وتضيف المصادر أن الروابط، ولا سيما رابطة التعليم الثانوي، تلقفت موجة الاحتجاجات في المناطق، بعدما تضعضعت ركائز الرابطة، وراح كل فرع أو حتى مجموعة من الأساتذة، بالتوقف عن التعليم، من دون العودة إلى الرابطة، المتهمة بالتقصير في المطالبة والعمل على تحقيق الوعود التي قطعتها سابقاً للأساتذة. ليس هذا فحسب، بل قدمت الهيئة الإدارية "جائزة الترضية" لممثلي حزب الله، الذين قاطعوا اجتماعات الرابطة، بعد رفض مقترح التوقف عن العمل ليومين في الأسبوع، وبالتالي أتى قرار الروابط لإرضاء ممثلي حزب الله.ووفق المصادر، أتت محاولة الروابط لتلقف غضب الأساتذة بقرارات عشوائية وغير تربوية. فالأساتذة يطالبون بتصحيح رواتبهم أو الحصول على مساعدات تكفيهم للعيش الكريم، لا تقليص دواماتهم، لأنهم غير قادرين على الذهاب إلى المدراس جراء غلاء المحروقات. فمشكلتهم ليس في عدم القدرة على تأمين بدل النقل، كي تقرر الروابط التوقف عن العمل ليومين لتخفيف الأعباء عنهم. بل إن مبدأ العمل على قدر الأجر الحالي (ثلاثة ملايين في الشهر كمعدل وسطي)، كما قررت الروابط، يعني إبقاء الأساتذة في بؤسهم الحالي معيشياً. بالتالي هذه القرارات غير نقابية في سبيل تحقيق المطالب بالعيش الكريم.تفاقم الفوضى الحاليةوتضيف المصادر، أن التوقف عن العمل ليومين وتعليم الطلاب يومين فقط بالأسبوع يساهم في تدمير ما تبقى من التعليم الرسمي. لأن الطلاب لن يتعلموا ما تبقى من هذا الشهر أي شيء، نظراً لتوزع الحصص والمقررات على أربعة أيام. وبما أن لا حوافز للأساتذة طوال أشهر السنة الدراسية، كما سبق ووعد وزير التربية، فهذا يفتح الباب للاستمرار بتوقف الأساتذة عن التعليم الفصل المقبل. فيبقى الأساتذة في بؤسهم ولا يتعلم الطلاب في القطاع الرسمي.قرار الروابط لاقى امتعاض الأساتذة على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء لناحية عدم تحقق مطالبهم بتحسين ظروفهم المعيشية، أو لناحية خوفهم على طلابهم، الذين تركوا رهينة إفلاس الدولة وعدم قدرة وزارة التربية على تأمين الحوافز من الدول المانحة، بسبب عدم موافقة البنك الدولي تخصيص أموال المشاريع في التربية كحوافز للأساتذة.وتضيف المصادر، أن مدراء في الثانويات في مختلف المناطق سيفتحون أبوابها رغم قرارات الروابط. وذلك احتجاجاً على هذا القرار غير التربوي وغير النقابي. فمشكلة الأساتذة ليست في كيفية الوصول إلى عملهم، بل بواقعهم المعيشي الصعب. ما يعني أن هذه القرارات ستفتح الباب إلى المزيد من الفوضى الحاصلة في التعليم الرسمي، في ظل إفلاس العمل النقابي.وأكد نقابيون، أعضاء حاليون وسابقون في الروابط، أن ما تقوم به الروابط مجرد تنفيس لحالة الاحتقان التي يعيشها الأساتذة. وهي محاولة لكسب الثقة المفقودة. فقد وصلتها معلومات بأن وزير التربية يتحين للإعلان عن منح الأساتذة "عيدية"، وقررت الإضراب قبل الإعلان عن العيدية، لتوهم الأساتذة لاحقاً، أن الضغوط التي مارستها أثمرت مكاسب للأساتذة.