توترت العلاقات بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» بعد جلسة مجلس الوزراء التي دعا اليها الرئيس نجيب ميقاتي، وامّن لها النصاب القانوني عبر خرق لكتلة الطاشناق بالوزير جورج بوشكيان، الذي فصله حزب الطاشناق، واتهمه رئيسه النائب آغوب بقرادونيان، بانه حضر الجلسة لتأمين مصالحه في الادوية والادوات الطبية.
فالى اين سيصل التفاهم بين الطرفين الذي عُقد في كنيسة مار مخايل في 6 شباط 2006، ولا سيما ان بيان «العلاقات الاعلامية» في «حزب الله» لم يكن تصعيدياً، بل توضيحياً يتعلق فقط بجلسة الحكومة، ولم يلجأ الحزب الى الرد، لو لم يذهب رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الى عدم قول الحقيقة كاملة، وروى في مؤتمره الصحافي ما يدغدغ قاعدته الحزبية، التي فوجئ «حزب الله» بالتعبئة ضده من قيادات في التيار وتحديداً نوابه، ومحازبيه وجهموره، وهذا ما رفع من منسوب التشنج، واستخدام عبارات فيها من التخوين وافقاد الحزب مصداقيته، وهو صاحب شعار «الوعد الصادق»، الذي مارسه «حزب الله» في كل مراحل نضاله السياسي ومقاومته العسكرية، فكان صادقاً مع العماد ميشال عون، بان يكون معه في انتخابه رئيساً للجمهورية، حتى وصل الى قصر بعبدا، كما لم يقصّر في الوقوف الى جانب «التيار الوطني الحر» في الانتخابات النيابية، ولو على حساب حلفاء آخرين له.
لذلك استهجن «حزب الله»، ان يصل باسيل الى حد الجحود بما قدمه الحزب للتيار، وهو لا ينكر وقوف «التيار الحر» ومؤسسة العماد عون، الى جانب المقاومة، وكان الاختبار الاول في اثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان في صيف 2006، فصمد «تفاهم مار مخايل» ، وكان الامتحان الاول له، وهو سهّل دعم العماد عون لرئاسة الجهورية في 2016.
ولا يبدو ان التفاهم سينهار، اذ ان الطرفين حريصان على بقائه والاستمرارية، والعمل على تطويره، بعد اعادة تقييم الـ 16 سنة التي مر بها، بايجابياتها وسلبياتها، وهذا امر طبيعي بين حليفين اذا كانا حريصين على تثبيت التفاهم بينهما، حيث لم يظهر حتى الان، ما يؤشر الى ان الطلاق وقع بينهما وفق مصادرهما، اذ لم يصدر عن الطرفين ما يشير الى ذلك.
و «حزب الله» اكتفى بالبيان الذي اصدرته «العلاقات الاعلامية»، وليس بصدد الدخول في سجال مع «التيار الحر»، لان قرار قيادة الحزب هو الاستمرار في تفاهم مار مخايل، وهذا ما يؤكده لـ «الديار» مسؤول «العلاقات الاعلامية» في «حزب الله» محمد عفيف، ويشير الى ان الرد اضطررنا اليه، لان في كلام باسيل، تشويها لحقيقة موقف الحزب من جلسة الحكومة، التي شاركنا فيها، لان جدول اعمالها تضمن حاجات ضرورية للبنانيين، لا سيما في الشأن الصحي، وان مشاركتنا كانت تحت هذا العنوان، وهذا ما حصل في الجلسة، ولم يكن هناك من وعد بان الحزب لن يحضر جلسة للحكومة، انما كان التوجه ان يكون القرار بالاجماع.
ولا يمكن السكوت عن اتهام غير صادق من قبل باسيل، بان «حزب الله» لم يكن صادقاً في وعده بشأن جلسة الحكومة، وهذا ما لا يستطيع الحزب تركه يمر دون توضيح، لانه فيه مسّ بمصداقية الحزب، يقول عفيف الذي لا ينكر ان الوضع بات صعباً مع «التيار الحر»، ويكشف ان الحوار متوقف بينهما، وعندما تبرد الاجواء الساخنة، لا بدّ من العودة الى حوار موضوعي، وقراءة علمية للشأن الداخلي، وانعكاسات ما يجري في الخارج على الداخل، الذي لا ينفك يزرع الشقاق بين الفئات اللبنانية.
ولا يخفي المسؤول الاعلامي في «حزب الله» انعكاس مواقف باسيل على رئاسة الجمهورية، في ظل خلط الاوراق الداخلية. وان موقف باسيل يؤزم الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، وقد سعى الامين العام «لحزب الله» السيد حسن نصرالله، الى تقريب وجهات النظر بين الحليفين باسيل ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، الذي لم يعلن ترشيحه بعد، والحزب ليس لديه موقف سلبي منه، وهو حليف استراتيجي، لكن عتبنا على باسيل بانه اساء الى الحزب في مؤتمره الصحافي، لجهة قوله ان «الصادقين نكثوا بالوعد»، وهو كلام شكل طعنة لنا، بما لم يرتكبه الحزب، بشأن جلسة الحكومة.
ويترك «حزب الله» للايام المقبلة حتى تظهر المواقف دون انفعال، ولتهدأ النفوس وتبدد الاجواء ليستأنف الحوار ووضع النقاط على الحروف يختم عفيف لـ «الديار»، اذ يكشف عن ان الارباك حصل، والتأزم وقع، لكن الحوار لن ينقطع من طرفنا، مع دعوتنا للتفاهم الوطني.