دعت رابطة جامعات لبنان المسؤولين إلى "الكف عن الإمعان في تدمير ما تبقَّى من المؤسَّسات التَّربويَّة والجامعيَّة والاستشفائيَّة في لبنان بسياسات ماليَّة وضريبيَّة جائرة" وذلك تعليقاً على الضريبة التي ستقتطع من الرواتب والأجور التي تدفع بالدولار والعملات الأجنبية.
المرضى بالدولار والموظفون بالليرةالرابطة محقة في انتقادها للسياسيات الضريبية التي تضرب بالقطاع الخاص. لكن تضم الرابطة كبرى الجامعات التي تدير المستشفيات الجامعية التي تتقاضى أتعابها من المرضى بسعر صرف يفوق سعر صرف الدولار في السوق السوداء. بما يجعلها أشبه بالمؤسسات التجارية، التي تسعر بضائعها بالليرة اللبنانية، لدولار يفوق سعر الصرف في السوق السوداء بأكثر من ألفي ليرة.وقد شكا مواطنون من كبرى مستشفيات العاصمة التي تطلب من المرضى تسديد الفاتورة الاستشفائية بالدولار أو بالليرة اللبنانية على سعر صرف بـ41 ألف ليرة، في وقت كان سعر الصرف في السوق السوداء 40 ألف ليرة. هذا فيما موظفو تلك المستشفيات يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، مع تخصيص جزء بسيط بالدولار. فيما يقتضي الإنصاف، حيال الصرخة التي أطلقتها رابطة الجامعات، تحمل المسؤولية الاجتماعية بجعل رواتب الموظفين موازية لتعاملها بالدولار النقدي مع المرضى.أرباح خياليةليس تفصيلاً أن يصل سعر لقاح الانفلونزا في بعض المستشفيات الجامعية في بيروت إلى 450 ألف ليرة، من دون أتعاب المستشفى (نحو 300 ألف ليرة)، فيما سعره في الصيدليات نحو 290 ألف ليرة. وتصل الوقاحة في بعض المستشفيات حد الطلب من المرضى الدفع بالدولار أو بسعر صرف للدولار يفوق السعر في السوق السوداء.أما سعر فحص كورونا فقد وصل في إحدى المستشفيات في بيروت إلى 850 ألف ليرة. أي بما يوازي ثلاث أضعاف سعره في المختبرات. ووفق أحد أصحاب المختبرات السعر المعتمد لفحص كورونا هو 250 ألف ليرة. لكن كل مختبر يسعر على هواه. ففي بعض المناطق يسعّر بـ350 ألف ليرة أو حتى 450 ألف ليرة. أما في المستشفيات فيتراوح السعر بين 250 ألف ليرة والمليون ليرة. علماً أن كلفة الفحص مع كل مستلزماته لا تصل إلى خمسة دولارات، كما يؤكد، مشيراً إلى أن إجراء الفحوص في المستشفيات للمرضى والمرافقين لهم باتت بمثابة باب لدرّ الأرباح الطائلة فحسب. ففي المختبرات التي تفرض ربحاً صافياً من الفحص بمئة في المئة، يصل سعر الفحص إلى 400 ألف ليرة.إجراء غير مسؤولوكانت رابطة جامعات لبنان قد أصدرت بياناً انتقدت فيه الضريبة على الراتب. وجاء في البيان: "توقَّفت رابطة جامعات لبنان الَّتي تضمُّ 19 جامعةً عاملة على الأراضي اللُّبنانيَّة باهتمام إزاء القرار رقم ۱/٦٨٦ الصَّادر عن وزير الماليَّة يوسف الخليل بتاريخ ۲۳/۱۱/۲۰۲۲، والمعطوف على القرار رقم ۱/٦٨۷ وبنفس التَّاريخ أعلاه، والموقَّع من وزير الماليَّة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، اللَّذين سيحتسبان اقتطاع الضَّريبة على الرَّواتب والأجور الَّتي دُفعت وتُدفع كلّيًّا أو جُزئيًّا بالدُّولار الأميركيّ، أو بأيَّة عملة أجنبيَّة للعاملين لدى المؤسَّسات الخاصَّة، بالأسعار الرَّائجة في السُّوق. ووصفت الإجراء بالمجحف واللَّامسؤول بحقّ المؤسَّسات الجامعيَّة والاستشفائيَّة الَّتي تعاني ما تعانيه في سبيل استمراريَّة رسالتها".وأعلنت الرَّابطة، إثر اجتماع لرؤساء الجامعات الأعضاء أنه"حسناً فعلت لجنة الإدارة والعدل بأنَّها حصلت على التَّريُّث بتنفيذ العمل بهذين القرارين، إلَّا أنَّ الصَّحيح والمطلوب هو أن يتمَّ سحب هذين القرارين بشكل نهائيّ، لأنَّهما يمثّلان سياسة عشوائيَّة تدمّر ما بقي من مؤسَّسات التَّعليم العالي الَّتي بذلت الغالي والنَّفيس للحفاظ على أساتذتها وطلَّابها".واعتبرت "إنَّ هذه السّياسة، من دون إصلاحات جذريَّة على مستوى إدارات الدَّولة، هي الَّتي سبَّبت الانهيار الاقتصاديّ والماليّ، وها هي تنقضّ من جديد على أجور النَّاس الَّذين اختاروا البقاء في خدمة الوطن، بفرض ضريبة مباشرة جائرة لها تردُّداتها التَّدميريَّة على الأفراد والمؤسَّسات".وختمت الرَّابطة بيانها بالقول إنه "إن لم تتمَّ إعادة النَّظر الجذريَّة بهذين القرارين، فإنَّها لن تتردَّد في اتّخاذ التَّدابير والإجراءات الَّتي تحمي أسرتها الأكاديميَّة ومؤسَّساتها الجامعيَّة من هذه السّياسة الَّتي توازي انفجار ٤ آب ۲۰۲۰ الإجراميّ الَّذي تسبَّب بتدمير أجزاء واسعة من بيروت، وتهجير عشرات الألوف من المواطنين إلى خارج الوطن. وإنَّ المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرَّتين".