تكاد تتشابه حملات المناصرة للنساء بين الجمعيات النسوية، بمناسبة حملة الـ16 يومًا العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الإجتماعي. تُتهم هذه الحملات بأن معظمها بات "كليشيه"، ذلك أن المضمون واحد والمصطلحات واحدة، كتصوير سيدات معنفات يتحدثن عن العنف وإيجاد تبرير له باستخدام مصطلحات مثل "ضرب الحبيب زبيب"، و"ضربني لأني إستفزيته"، الى جانب مشاهد لأصوات ضرب إمرأة يستمع لها الجيران من دون تقديم أي مساعدة.
View this post on Instagram
A post shared by Masaraat مسارات (@masaraat_mena)
انطلقت الحملات منذ 25 تشرين الثاني/نوفمبر، وتستمر حتى العاشر من كانون الأول/ديسمبر وباتت معروفة باسم حملة الـ16 يوماً العالمية، أطلقتها الأمم المتحدة العام 1991، وتهدف إلى مناهضة جميع أشكال العنف الموجّه ضد النساء والفتيات حول العالم، وقد خُصّص البرتقالي لوناً للحملة، كرمز لمستقبلٍ مشرق وعالم خالٍ من العنف ضد النساء.
تتوجه غالبية هذه الحملات هذا العام للمرأة المعنفة بضرورة التبليغ للقوى الأمنية، وهي لا تملك أي حماية قانونية. فهل ستقدم هذه الحملات من جديد على صعيد إحراز تقدم في القوانين، أم هي مجرد شعارات تُرفع في روزنامات محددة؟
View this post on Instagram
A post shared by Uplifting Syrian Women (@uplifting_syrian_women)
في لبنان أطلقت منظمة "أبعاد"حملة وطنية تحت شعار #لا_عرض_لا_عار، من خلال مختلف الحسابات الإلكترونية الخاصة بالمنظمة، وعبر حسابات المؤثرة اللبنانية وعارضة الأزياء نور عريضة، وتتضمن عرض أربع حلقات مصوّرة تتحدث فيها الناجيات عن قصصهنّ في حوار مع عريضة.
كما تضمنت الحملة دراسة قامت بها "أبعاد" خلّصت إلى ان "6 من أصل 10 نساء تعّرضن للإعتداء الجنسي في لبنان لم يبلّغن عن الجريمة بسبب العرض والشرف، ما يعني أن أكثر من نصف النساء 55% لم يبلغنّ".
View this post on Instagram
A post shared by Nour Arida (@nouraridaofficial)
انتقادات.. و"أبعاد" توضح
الحملة التي لاقت إنتشاراً ومشاركة كثيفة في وسائل التواصل الإجتماعي، لم تخلُ من الإنتقاد، بالقول إن القضايا النسوية ووجعها وقهرها ليست للمتاجرة، لا سيما عبر استخدام "الإنفلونسر" كفكرة للتضامن وزيادة نسب المشاهدة. وترى نسويات أنّ هناك مشاهد بصرية مؤذية للناجيات من العنف، وتُوقظ لديهن ذاكرة أليمة يحاولن تخطيها.
وتوضح مديرة ومؤسسة منظمة "أبعاد"، غيدا عناني لـ"المدن"، أن الجديد في هذه الحملة هو "تقديم المنظمة إقتراح قانون المواد الخاصة بكل جرائم الإعتداء الجنسي بالفصل الأول من الباب السابع من قانون العقوبات اللبناني، حيث تقوم المحامية دانيال الحويّك بالتواصل مع الكتل النيابية لشرح القضية والحصول على التواقيع والدعم اللازم لعرضه لاحقًا على لجنة الإدارة العدل ومن بعدها عرضه في المجلس النيابي اللبناني"، لافتة الى ان الحملة تأتي "كدعم لمطلب قانوني بحت".
وتقول العناني، إن العديد من المعترضات على الحملة قررن التواصل مع "أبعاد"، أو من خلال رسائل مباشرة على حساب نور الشخصي، مضيفة أن "وصف الحملة بأنها لا تشبهنا هو أمر غير منصف ومصطلح غير لطيف تجاه النساء عموماً ونور خصوصاً". وتقول إنهم في "أبعاد"، لا يقومون بتصنيف النساء بين "بتشبهنا أو ما بتشبهنا"، مؤكدة أن "كل النساء سواسية في الحقوق والحرية، ولا نصنف اللواتي يدعمن قضايا النساء بحسب النمط المعيشي أو الدخل أو الدين أو العرق أو الإنتماء، فكل من تريد أن تدعم قضايا النساء فهي مرحبٌ بها، وحتى الإنتقاد مُرحب به". أما في ما يخص نور العريضة، "فهي إختارت أن تدعم مطالب النساء وتفتح منصتها كمنبر لدعم القضية وأصوات النساء وهو أمر إيجابي".
View this post on Instagram
A post shared by ABAAD (@abaadmena)
حملات تمتلك القدرة على وصول
من جهتها تشير الإختصاصية في العمل الإجتماعي والخبيرة في مجال الحماية، رنا غنوي، إلى أن حملات المناصرة يجب أن تكون ذات قدرة على الوصول، أي يجب أن تصل إلى كل سيدة في المجتمع، سواء كانت معرضة للعنف أم لا، مشددة على وجوب أن تكون ذات دور مجتمعي، مضيفة في تصريحات لـ"المدن": "هناك من يجب أن يسمع صوت هذه السيدة ويحاول أن يقدم لها حلول".
وترى أن هذه الحملات "يجب أن تكون تشاركية، لا هجومية أو متطرفة تجاه الرجال، لأنه في الكثير من الحالات يكون الرجل أو المعنف بحاجة للعديد من التدخلات النفسية والإجتماعية، وإذ إستطاعت هذه الحملات لمسه، قد تأتي بنتائج مثمرة".
وترى غنوي أن هذه الحملات قد تأتي كوسيلة ضغط من خلال المجتمع على سلطات القرار من أجل إقرار قوانين تحمي النساء، تماماً مثلما ألغى البرلمان اللبناني المادة 522 من قانون العقوبات الذي يمنع تجريم المغتصب إذا تزوج من ضحيته، وذلك بعد العديد من الحملات الضاغطة. ولدى سؤالها عن الطريقة التكرارية لهذه الحملات، تقول غنوي إن عمل الجميعات في لبنان على مناهضة العنف القائم على النوع الإجتماعي، هو عامل يافع، أما تكرار أشكالها "فيعود الى أن مواضيع التحرش والإغتصاب والعنف الزوجي هي مواضيع "تابو" أو مواد تكسر المحرمات وتحتاج سنوات من النضال لكي تأتي بثمارها".
وعادة ما تُرافق هذه الحملات، تعليقات من سيدات لجأن الى هذه المنظمات ولم يلقينّ نتيجة أو تجاوباً مع قضيتهنّ. وتقول غنوي إن الجمعيات في أغلبها تقدم خدمات الدعم النفسي والإجتماعي، وهي رهن تقديمات الجهات المانحة أي قائمة على التمويل محدد الخدمات، في الوقت الذي تتطلب فيه الاستجابة لمناهضة العنف الأسري جهوداً مكثفة وخدمات متعددة، منها المادي والقانوني الى جانب الدعم النفسي. وتصرّ غنوي على تمسكها بدور العمل المؤسساتي للدولة وعدم إقصائه.
View this post on Instagram
A post shared by ABAAD (@abaadmena)