أقامت رابطة الجامعيّين في الشمال في مقرها بطرابلس ندوة بعنوان؛ “المواطنة الرقميّة والسمعة الرقميّة وأثرها على التنمية الإقتصاديّة والمجتمعيّة”، قدمها الدكتور دال حتي، وهي الثالثة في سلسلة الندوات التي تقيمها، وذلك بحضور النائب طه ناجي، والدكتور محمد الحاج مدير كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة الفرع الثالث – الجامعة اللبنانيّة، والدكتور خالد بغدادي مدير جامعة بيروت العربيّة، والدكتور باسم بخّاش مدير جامعة AUT الجامعة الأميركيّة للتكنولوجيا، ورئيسة اللجنة الثقافية لجمعية أندية الليونز الدوليّة المنطقة 351 الدكتورة رنا الحسيني علم الدين، وأمين عام الجمعية اللبنانية للإنترنت والمعلوماتية الشيخ منصور الخوري، والمربي الأستاذ شفيق حيدر، وجمعيّة البرج الإنمائيّة الإجتماعيّة ممثلة برئيسها المختار حسن حمّادة، ونائب الرئيس نزيه العلي, والأستاذ عبدالرؤوف حرّاش، وعدد من الأكاديميّين، وقيادات مجتمعيّة مدنيّة وطلاب جامعيّين وثانويّين.
بداية، النشيد الوطنيّ اللبنانيّ، بعدها رحب رئيس رابطة الجامعيّين في الشمال غسان الحسامي بالحضور، وأشار إلى أن رسالتنا من خلال هذا المنبر الحر هي رسالة تفاعلية مع المجتمع، لتعزيز الحركة الثقافية والأدبية واستذكر الحسامي بمناسبة الاستقلال جملة زجليّة للممثل الراحل “أبو ملحم” حين قال: “شعب يمزق ألف جلال حتى ينال استقلاله، وشعب يدوس الاستقلال حتى يحافظ ع جلاله”، وحتى اليوم هنالك من يدوس الاستقلال في سبيل مصالحه الخاصة.
أما عن المواطنة الرقمية، قال الحسامي أن الدراسات حولها كثيرة صادرة عن حكومات أوروبية من خلال مؤسسات دولية وأقلها صادر عن جامعات عربية، أهميتها تكمن في دورها بوضع الطلاب على طريق المعرفة والعلم والتقدّم، واكتساب المقالات الرقمية والمعرفة لدخول سوق العمل، أما نحن في جمهورية إضاعة الفرص والسلطة الفاسدة الممسكة برقاب الناس والوطن لم تعرف حتى الآن أن تقرأ حركة التطور التكنولوجي والاستفادة منه، ونحن بحاجة للحوكمة الرقمية لرفع العلم وتطوره، ولكن ماذا فعلت السلطة سوى إضاعة العقول النيّرة التي استفادت منها الدول الأجنبية واستحوذت عليها؟.
ثم تابع الحسامي، تسنى لي الإطلاع على خطة “ماكنزي” والتي وضعت في سياق توصياتها رؤية لبنان الاقتصادية والتي لم يتم الاستفادة منها بشيء يُذْكر بل كان ذلك هو بداية اختطافنا نحو “جهنم”.
هذه الخطة وضعت قطاع التكنولوجيا والمعرفة في المرتبة الأولى وأن لبنان متأخر عن كافة دول الشرق الأوسط في مجال الرقمية، واعتبرت أن أبرز التحديات في وجه هذا القطاع هي غياب التنظيم والفساد المستشري.
(من هو الأُمِّيٌّ الرقميٌّ؟)
مع بداية محاضرته، أبدى الدكتور “دال حتي” محبته لطرابلس وأهلها وعلاقة عائلته بها وأن الحب في القلب والقلب عالشمال على حدْ تعبيره، ثم بدأ محاضرته التي كانت تمس حياة كل شخص يستخدم الأجهزة الذكية ولكنه قد يجهل قوانينها وأخطارها كونها سيف ذو حدين إن لم نحسن استخدامه انقلب علينا، وأوضح “حتي” أنه بدخول جهاز الكمبيوتر إلى بيوتنا عام 1982، فمن وُلِد بعد هذا العام ولم يتابع مراحل تطوره فهو “أُمِّيٌّ رقميٌّ”، من ثم فكل من جاء بعد هذا العام تعلم وتثقف وبات يعرف كيفية استخدامه إلى أن جاء الموبايل “المُلتصق بنا” أينما حللنا وباتت حياتنا كلها متعلقة به محتفظ فيه بكل ما يهمنا حتى أننا نشعر بالضياع لو فقدناه.
هنا أصبح المواطن يُدعى مواطنً رقميًا كما قال حتّي، حيث بات له رقم يحاسب عليه ووجود يجب أن يحسن استخدامه والتعامل معه.
/جائزة أفضل تطبيق إلكتروني” Easy laws” لآل صادر /
وشرح حتي الأسس والقواعد والأخلاقيات المنظمة لتعامل الأفراد مع الأجهزة الإلكترونية وقد قسمت إلى 9 قواعد أهمها: القانون الرقمي حيث أن هنالك تطبيق يمكن تحميله اسمه “Easy Laws” ابتكره آل صادر في لبنان ونال جائزة الأمم المتحدة لأفضل برنامج في العالم وهو موقع حقوقي، حيث يستطيع الشخص أن يتعرف من خلاله لكافة القوانين اللبنانية باللغات الثلاثة العربية والإنجليزية والفرنسية حيث يمكنه تزويدنا بالقانون، والمادة، والشرح، والتحليل، والدراسات القائمة عليه.
أكمل حتي بالقاعدة الثانية وهي الحقوق والمسؤوليات الرقمية، حيث لك حقوق كما عليك واجبات والدول المخترعة لتلك البرامج قادرة على معرفة كل ما تحويه أجهزتنا لذلك يجب علينا الحذر ومعرفة كيفية استخدام الوسيلة المتاحة بين أيدينا.
أما عن القاعدة الثالثة وهي الاتصال الرقمي، فمن الرسائل المكتوبة بخط اليد إلى جهاز باتصال واحد يمكنك من رؤية الأهل والأصدقاء في آخر الدنيا والحديث معهم لساعات.
وبالانتقال إلى القاعدة الرابعة وهي التجارة الإلكترونية والتي سمحت لنا بشراء ما نريده من أي دولة كانت ووصوله إلى باب بيتنا، ونحن كشبكة تحول رقمي تضم 70 جمعية ونقابة ويعمل فيها 9000 موظف أدخلنا إلى لبنان مليار و 200 مليون دولار كاش عام 2021_2022 ، عن طريق التجارة الإلكترونية وبرامجها ونحن أهم دولة في العالم متخصصة ببرامج ال “software” حيث أن شركة “ميركس” بمهندسيها ال300 وموقعها في ساحة الشهداء هي أكبر شركة “software” في العالم لكن بعض وسائل الإعلام “العاهرة” بحسب حتي شوهت صورة البلد وما يحويه من طاقات لم يسلط الضوء عليها.
وعن الصحة والسلامة الرقمية بيّن حتي كيف بات بمقدور الأشخاص معرفة معلومات تتعلق بصحتهم وسلامتهم البدنية
من خلال عدة برامج تقيس معدلات السكر في الدم، وضغطه، وسلامة القلب.
أما عن أهمية الأمن الرقمي ذكر حتي حادثة شركة “Impact” التي نشطت وقت جائحة كورونا وباتت تسجل معلومات الأشخاص وقامت ببيعها مقابل 3 دولار عن كل شخص ومعلوماته. من هنا تبرز خطورة العالم الرقمي إذا لم نقم بحماية البيانات الشخصية ولذلك أصرينا في مجلس النواب على أهمية ال “E Signature” لحماية معلوماتنا الشخصية” ولكن للأسف طالبنا فيه بعام 1982، وذهب إلى مجلس النواب عام 2004 ثم أقروه هشًّا عام 2021 ولم تصدر للآن مراسيمه التطبيقية، يتساءل الحتي هل هنالك غير لبنان بلد في العالم لايزال يستعمل الطوابع البريدية الورقية.
و بالحديث عن الإتاحة الرقمية يقول حتي الانترنت وتوفره هو حق طبيعي لكل مواطن لبناني وللأسف لاتزال هنالك مناطق لا يصلها الانترنت أثرت سلبًا على تعليم شبابها.
وعن أهمية الوعي الرقمي فبعض الناس لا تعرف مامعنى “وكيليكس، ويكيبيديا لذلك يجب الوعي بهذه المصطلحات لمواكبة المعرفة.
وأهم هذا القواعد وآخرها هي أخلاقيات التعامل الرقمي، وللأسف بات كثير من الأشخاص يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لشتم بعضهم البعض بألفاظ أصبح يُفردُ لها” معجم” خاص بها من هنا تأتي أهمية الحوار فقد لا يعجب عملي أحدهم يمكنه مناقشتي، ولكن ما ذنب أبي وأمي وأختي حتى يطالهم السُباب؟ يتساءل حتي.
هنا تبرز أهمية الجامعات والمدارس وقبلها الأسرة في تهذيب عقول الأبناء وتعليمهم الأخلاق للتعامل بها، وأكبر احتلال ادخله الأميركان والصهاينة إلى بيوتنا هنّ الخادمات الأجنبيات، فكيف تستطيع الواحدة منهن أن تعلم أطفالنا ماهي الوطنية والوطن؟ طبعًا لا، يجيب حتي على سؤاله.
واستشهد حتي بدولة أستونيا والتي بلغ مستوى الفساد فيها 0 في المئة حيتظث لا تماس بين المواطن وموظف الدولة، حيث بلغ عدد المعاملات الإلكترونية التي تتم في الجولة الأستونية 2800 معاملة، فعلى سبيل المثال تستطيع تقديم الدعوى أون لاين، والمذاكرة أون لاين، ويصدر الحكم وينفذ أيضًا أون لاين وهي دولة لا سجون فيها، وقد دخلت مجموعة غنيس للأرقام القياسية بأقصر اجتماع لمجلس النواب فيها حيث بلغت مدته 28 ثانية.
أما في لبنان للأسف لدينا 170 ألف موظف و بالحكومة الرقمية، سينخفض عددهم ليبلغ 10 آلاف يجيبني أحد النواب وبالحرف الواحد يادكتور حتي، وماذا نفعل ب” أزلامِنا”؟ فهل باتوا يحتقرون الناس لتلك الدرجة؟
وختم الحتي بقوله: آدخلوا إلى جامعتنا اختصاصين هما الأمن السيبراني والحوكمة الرقمية لأنهما سيرافقاننا مدة 20 إلى 30 سنة وربما أكثر، ويعود حتي ليستشهد بأستونيا حيث أن لكل مواطن فيها هاتفه الخاص، وهاتف آخر من الحكومة يستطيع المواطن من خلاله أن يطلع على قرارات مجلس النواب، ويستطيع أن يقترح أو يعدل أو حتى أن يصوت عليها من هاتفه..
متى يصبح لبنان واحدًا من تلك الدول؟ أم أن الدمار الذي حاق به سيحول دون خروجه من أزماته المتتالية.
وقد نبه الدكتور حتي في حديث “للرائد نيوز”، على هامش ندوة، الى أن التكنولوجيا الرقمية نعمة ونقمة، وهو المتخصص بإدارة الموارد البشرية ومنسق قطاع التمكين والإبداع في شبكة التحول والحوكمة في لبنان المنبثقة عن مجلس النواب: أن المواطنة الرقمية باتت حياتنا اليومية فأجهزتنا أصبحت هي حياتنا ونتعايش معها بشكل دائم لكن الخطورة تكمن في كيفية استعمالها فهي وسيلة تواصل لكنها يجب أن تكون بالوقت نفسه وسيلة حماية.
هذه الأجهزة سهلت لنا الحياة فعملنا من خلالها، وكل ما يتعلق بصحتنا، وما نريد الوصل إليه نستطيعه عبرها، لذلك يجب أن نُجيدَ استعمالها”.
ومن خطورة تطبيق” تيك توك” حيث تقول آخر إحصائية إن 18 شابًا وصبية انتحروا وهم تحت عمر ال 16 سنة أمام أصدقائهم على التيك توك، حتّي رأى، أن “السمعة الرقمية” وكيفية الحفاظ عليها من خلال استعمال هذه الوسيلة أو تلك، هي كالسمعة العائلية، ومن هنا انتقلنا من المواطنة والسمعة الرقمية إلى الأنْسَنةِ الرقمية، فالإنسان هو الأساس في تعاطينا فإذا بنينا الإنسان يصبح لدينا تنمية، ودون تنمية لا فكر لدينا، والفكر هو أساس التنمية المستدامة.