توفي الأديب والشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح، عن 84 عاماً، الاثنين، في العاصمة صنعاء. ونعته وزارة الثقافة في حكومة صنعاء المقالح في بيانٍ، وقالت إنّه قضى عمره "في رحاب القصيدة العربية والنقد الحديث، شاعراً كبيراً وأديباً متميزاً ومناضلاً وطنياً مخلصاً"، ووصفته بأنّه "علم من أعلام اليمن والوطن العربي، ورمزاً من رموز الثقافة الإنسانية"، مؤكِّدةً أنّ رحيله "سيترك فراغا كبيراً في الساحة الثقافية اليمنية والعربية".ونعاه اتحاد الأدباء والكُتاب اليمنيين في بيان قائلاً إن "اليمن والأمة العربية والعالم خسروا بوفاة شاعر اليمن الكبير المقالح واحداً من أهم الأسماء الشعرية التي مثلت إضافة ورصيداً لقصيدة التفعيلة والنقد العربي الحديث، علاوة على التعليم الأكاديمي الذي كان المقالح من أبرز أعلامه". وأضاف البيان: "ما تمتعت به قصيدته الحديثة ومقاله الرصين من سمات عززت من مكانته وكرست حضوره الإبداعي والإنساني اسماً كبيراً وعلماً عظيماً من أعلام القصيدة العربية".والمقالح رئيس المجمع العلمي اللغوي اليمني، ويوصف برائد القصيدة اليمنية المعاصرة إلى جانب علي أحمد باكثير (1910-1969)، و"تدين له أجيال من شعراء اليمن الشباب بالأبوة الرمزية" بحسب ما نقل موقع الجزيرة، وله حضور واسع يتجاوز اليمن والوطن العربي. وخلال السنوات الماضية من حياته تقلد المقالح العديد من المناصب الرسمية والأدبية، ونال جوائز عديدة (سلطان العويس، اللوتس، الشارقة للثقافة وغيرها).ولِدَ في قرية المقالح الواقعة ضمن محافظة إب العام 1937، وتخرّج في دار المعلمين في العاصمة اليمنية صنعاء العام 1960، ثم حصل على الشهادة الجامعية في العام 1970، ونال بعد ذلك درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها، من كلية الآداب بجامعة "عين شمس" المصرية، ومنها حصل أيضاً على درجة الدكتوراه في العام 1977، وترقى إلى درجة الأستاذية في العام 1987.بدأ مسيرته العملية مدرِّساً في كلية الآداب في جامعة صنعاء، وترأس الجامعة بين عامي 1982 و2001. صدر له أكثر من 15 ديواناً شعرياً، منها: "رسالة إلى سيف بن ذي يزن، وهوامش يمانية على تغريبة ابن زريق البغدادي، ووراق الجسد العائد من الموت، وأبجدية الروح، وكتاب صنعاء، وكتاب القرية، وكتاب بلقيس وقصائد لمياه الأحزان، وبالقرب من حدائق طاغور"، وغيرها. أما محاولاته الشعرية الأولى فكانت في طفولته، ونشرها باسم "ابن الشاطئ"، وجمع أيضاً محاولاته الشعرية في ديوان سماه "دموع في الظلام"، وأولى قصائد المقالح الموقعة باسمه حملت اسم "من أجل فلسطين" أواسط خمسينيات القرن الماضي. ومن دراساته: "الأبعاد الموضوعية والفنية لحركة الشعر المعاصر في اليمن، وقراءة في أدب اليمن المعاصر، وقراءات في الأدب والفن، والوجه الضائع، ودراسات عن الأدب والطفل العربي، وشعراء من اليمن".رثاه عدد من الأصدقاء في الفايسبوك:عباس بيضون
الآن وصلني نعي عبد العزيز مقالح في كلمة لجودت فخرالدين. المقالح الشاعر والأكاديمي والشخصية الثقافية البارزة في اليمن هو أيضاً صديقي وقد أفاض علي في زياراتي العديدة التي كان وراءها كلها. إذ كنا نزور المقالح أولاً في زيارتنا لليمن، ونلقى جميعاً الكثير من حدبه ورعايته والأحرى القول صداقته. كان المقالح يخجل بهذا النفوذ ويواريه، ويقدم نفسه كشاعر فحسب وكمثقف عربي أولاً.. كان في ذلك فوق المناصب وكان كرمه أكبر من حساباته. خسرت صنعاء برحيله عراباً ثقافياً وإنسانياً، وربما بالهمس، سياسياً. أن يرحل المقالح في هذا الوقت، والنار اليمنية مستعرة، والحرب الأهلية في ذروتها، نعي لليمن كله، بل للراهن في جملته. أنه أيضاً موتنا جميعاً. وداعاً عبد العزيز وداعاً اليمن.راسم المدهون
منذ زمن الحرب في اليمن لم أعد أعرف أخباره لكنه ظل في البال. "كتاب صنعاء" الذي سبق وكتبت مقالة عنه، ولا أزال أراه هو الشاعر كتاب مدينته صنعاء..
رحل عبد العزيز المقالح وبيننا وعد لم يكتمل بأن يرسل لي قهوة وعسلاً يمانيَين هو الذي حملت له دوماً المحبة والاحترام العميق وداهمني الحزن برحيله المفاجىء..وداعاً للكبير عبد العزيز المقالح.جودت فخر الدين
توفي اليوم واحد من أعز أصدقائي. الشاعر عبد العزيز المقالح، بوابة اليمن الثقافية، ومفكرها وأديبها. منذ العام 1992، فتح لي عبد العزيز المقالح أبواب اليمن، كما فتح لي قلبه وعقله. كنا معاً دائماً ، عندما نلتقي (في اليمن)، أو عندما تُباعد بيننا المسافات. لم ينقطع الاتصال بيننا منذ تعارفنا. لقد جعلني عبد العزيز المقالح أكتشف للصداقة معانيَ ثريةً لا يتوقف تجدّدُها، وجعلني أشعر في كل رحلة لي إلى اليمن وكأنني أعود إلى مهدي الأول. حاتم الصكر
كما تهب عاصفة فجأة. يأتي الموت في الريح والكلمات، مختبئاً كصياد. فرائسه في بريّة أحلامها وآلامها. وبراءة قلوبها ومحبتها. هو ذلك الصيرفي الذي يختار جياد الجواهر، كما لخّص شاعر قديم. هكذا تستيقظ على خبر رحيل عبدالعزيز المقالح. تتقطر أعوام صنعاء الستة عشر، وما قبلها. جواره وقربه حتى في أعوام الاغتراب الأخيرة. صوته عبر الهاتف بالهدوء ذاته والحميمية واللهفة التي تعرف... الصديق والزميل والمعلم والمبدع. في مجلسه الأسبوعي وفي لقاءاته اليومية. تلك البساطة التي تبهر مَن يعرفه أو يلتقيه. قلب متسع للجميع. محبة نادرة في زمن صعب اللحظات والوقائع. أول شاعر أقرأ له ديواناً كاملاً عن أصدقائه. درسٌ في الوفاء والتواضع. قيم تتلخص في سيرته. وقلَّ أن يُجمع الناس على مثله. الكلمات لا تفيه حقه، ولا تحمل ثقل الحزن الذي اخترق القلب. صار للموت طقس نعيشه ونعبره، ويعيش معنا. لكن فقْد المقالح مما لا يحتمله قلب وهو في وهن دائم. ستفتقدك شمس صنعاء وهي تطلع صباح غد، فلا ترى وجهك الذي أحب تراب مدينته وناسها.. واستوعب قلبه كل تلك الطيبة والمحبة.. سيكون ظلام شاسع بدونك. وسنفتقد معك الكثير مما كنت تمنح الصداقة بإنسانيتك المتأصلة... لكن لنا في ما تركت من كلمات وأفعال ما يؤنس وحشتنا قليلاً.. ويجعل وجودك بيننا دائماً.. شوقي عبد الأمير
في رحيل عبدالعزيز المقالح..
رحل شاعر اليمن ورجلها الصادق الحكيم..
صديق الشعراء والاساتذة الجامعيين العرب وكل من أحب اليمن.. قلب منفتح وعقل متنور وإرادة صلبة..
عاد الى صنعاء من منفاه في القاهرة، وقرر أن لا يبارحها حتى الى أي مكان في اليمن..
ظلّ مضيئاً حتى آخر ارتجافة نور في عينيه. حمل اليمن الى العالم كأُم تحمل جنيناً ألفيّاً
حتى صار اسمه مرادفا لوطنه. كتب قصائد في الحنين والحب والسياسة، وكان رهانه أن يجمعها معاً في شعره..
عرفته منذ ما يربو على أربعة عقود، وكنت قد اهديته قصيدتي عن اليمن: "رأيت جبالاً تُقتسمُ كالخبز". عبدالعزيز وداعاً، برحيلك سقط ملمح من وجه اليمن الأصيل..