عقب سقوط سقف ثانوية القبة الرسمية على رأس الطلاب، الذي راحت ضحيته التلميذة ماغي محمود، سرّعت وزارة التربية علمية ترميم المدارس، التي كان يفترض أن ترمم منذ سنوات، خصوصاً أن لبنان حصل على قروض من البنك الدولي لهذه الغاية منذ العام 2017، ينتهي في شباط العام المقبل. هذا فضلاً عن وجود تمويل خاص بالترميم من المنح التي تقدمها منظمة اليونيسف، لتعليم الطلاب السوريين، في فترة بعد الظهر.
كان يفترض أن يذهب 95 مليون دولار من قرض البنك الدولي لمشروع S2R2، المقدر بنحو 204 مليون دولار لترميم وتجهيز وبناء مدارس رسمية. لكن لم يعرف كم وكيف أنفقت الأموال من هذا المشروع بعد. فحسب العقد كان يفترض بناء 40 مدرسة وترميم 125 مدرسة وتجهيز نحو 300 مدرسة.من دون إشراف لجنة الهندسةأموال طائلة لم يعرف كيف أنفقت وكم أنفق منها وماذا تبقى منها. وبمعزل عن هذه التفاصيل الأساسية، التي لا يعلم فيها إلا الضالعون في خبايا وزارة التربية، استفاقت وزارة التربية بعد حادثة ثانوية القبة على عدم وجود جهة رقابية تتابع المدارس الرسمية وآلية ترميمها. فرسمياً يوجد في وزارة التربية وحدة هندسية من مهامها الكشف على المباني المدرسية لتحديد معايير الترميم وتسلمها بعد الكشف عليها من المتعهدين. لكن واقعياً تبين أن في الوزارة لا يوجد مهندسون يكفون لهذه المهمة، فحصل ما حصل في طرابلس، لأن لا كشف على الترميم من الوزارة حصل سابقاً. فالاعتماد كان على كشوفات المهندسين الذين يشرفون على الترميم وليس من اللجنة الهندسية المختصة في الوزارة. وبالتالي لم يتم الكشف على المدارس المهددة بالسقوط سابقاً.ترميم بعد بدء العام الدراسيبعد هذه الحادثة استفاقت وزارة التربية وسرعت عملية ترميم المدارس وبدأت بتلزيمها. فعوضاً عن أن يكون ملفات المدارس قد أنجز قبل بدء العام الدراسي، بدأت مرحلة إخراج الطلاب من مدارسهم مؤخراً. ما أحدث بلبلة في صفوف أهالي الطلاب كما حصل منذ أسبوع في إحدى مدارس طرابلس، ويوم أمس في مدرسة برج حمود الرسمية، وكما سيحصل لاحقاً في إحدى مدارس بيروت. لكن وبمعزل عن إخراج الطلاب من صفوفهم لتوزيعهم على المدارس المجاورة، أتى بعد بدء العام الدراسي، وليس في فصل الصيف، مبدأ الترميم لا يخرج عن قاعدة الستة والستة مكرر، كما تقول مصادر مطلعة لـ"المدن". وتضيف بأنه عوضاً عن دراسة وضع كل مدرسة ومعرفة ضرورة تمريرها والسرعة المطلوبة للتدخل، يتم انتقاء المدارس لإرضاء المناطق والطوائف!الأموال باللولارملف الترميم متشعب ومعقد بقدر تشعبات وتعقيدات وزارة التربية بملف التمويل الذي حصلت عليه سابقاً. وإلى حد الساعة يقال إن الأموال للترميم متوفرة وسيصار إلى تلزيم المدارس، بعدما تم تحديد أوضاعها. لكن من أين ستؤمن الأموال؟ الجواب هو من الجزء المخصص للترميم من مشروع البنك الدولي S2R2 ومن مشروع اليونيسف. فإضافة إلى القرض يوجد مشروع اليونيسف لتمويل تعليم الطلاب السوريين. علماً أن لبنان أنفق نحو 76 بالمئة من قرض البنك الدولي المقدر بـ204 مليون الدولار، الآنف الذكر.وحسب مصادر مطلعة قرر وزير التربية تخصيص الجزء المتبقي من قرض البنك الدولي المخصص للترميم، لدفع حوافز الـ130 دولاراً شهرياً لخمسين ألف أستاذ، في حال تم تعديل القانون في المجلس النيابي ووافق البنك الدولي عليه. وقد تبلغ العاملون في مشروع S2R2 أن المبلغ المتبقي للترميم سيذهب كحوافز للأساتذة. علماً أنهم يشكون أصلاً من أنهم يتلقون رواتبهم بنحو 25 بالمئة منها بالدولار النقدي والمبلغ المتبقي باللولار. لكن رغم قرار الوزارة، بتخصيص ما تبقى من القرض كحوافز للأساتذة، لم يحصل لبنان بعد على موافقة البنك الدولي. فالبنك الدولي لا يموّل إلا مشاريع، ولا يدفع أموالاً على الحوافز، لأنها من مسؤولية الدولة. وحتى لو وافق البنك الدولي يجب تعديل قانون القرض في المجلس النيابي، تقول المصادر.وتضيف المصادر أن القيّمين على مشروع S2R2 يطلبون من أصحاب العقود الاستشارية معه رفع قيمة العقود لأنها ستدفع باللولار. وهذا الأمر، معطوف على تلقي العاملين بالمشروع رواتبهم باللولار، يعني أن أموال القرض اختفت أسوة بودائع اللبنانيين في المصرف المركزي. أو بددها الحاكم رياض سلامة، وراح ينفقها على أسعار صرف مختلفة للمشروع. بمعنى آخر، سواء ذهبت أموال القرض للترميم أو كحوافز للأساتذة، قد يدفعها المصرف المركزي باللولار.ورغم هذه المخاوف من تبدد الأموال، تؤكد المصادر أن الوزارة تستطيع التوافق مع مصرف لبنان، بعد ممارسة ضغوط على الحاكم من البنك الدولي لصرف ما تبقى من أموال القرض بالدولار النقدي. لكن لا شيء مضموناً في لبنان.