في مقادير اللعبة الداخلية، يمكن لكل طرف سياسي أن يشكل قوة دافعة باتجاه تسوية معينة. وصحيح أيضاً أن التيار الوطني الحرّ لا يزال العقبة الأبرز أمام أي تسوية قد تطال سليمان فرنجية في حسابات حزب الله، أو أي شخصية أخرى كقائد الجيش جوزيف عون. موقف جبران باسيل المعارض لفرنجية وقائد الجيش يستند على علاقته بحزب الله وحرص الحزب عدم خسارة الفريق المسيحي. ولكن أي تغيّر في مواقف الكتل والقوى يمكن أن يحدث التغيير، طبعاً بحال استمر الالتقاء المسيحي بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية ضد وصول فرنجية فهذا يعني استحالة وصوله. أما انتقال القوات من مكان إلى آخر مثلاً باتجاه فرنجية فهو يؤدي إلى حصول تقدم أساسي على خطّ التسوية التي يسعى إليها كثر. خصوصاً أن ذلك سيعبّر عن تطور كبير يلاقيه نبيه برّي ووليد جنبلاط.حركة "المردة"يضغط الفرنسيون بقوة لأجل إنجاز الاستحقاق الانتخابي. حسب ما تفيد المعلومات، فإن الفرنسيين يحاولون تسويق فرنجية لدى المملكة العربية السعودية ولدى بعض القوى الداخلية، كما أن لا وجود لممانعة أميركية لوصول فرنجية. في المعطيات الداخلية، ثمة حركة يقوم بها نواب ومسؤولون من تيار المردة باتجاه كل القوى الأخرى، بما فيها القوات اللبنانية، ليس بالضرورة أن تؤدي إلى اتفاق، إنما هي حركة هدفها كسر الجليد وفتح أبواب النقاش. وهذا حصل في الأيام الماضية داخل المجلس النيابي وخارجه.
ثمة من يتوجه إلى جعجع بإشارات حول التفكير بخيار تبني فرنجية، فيكون هو صانع العهد الجديد، فيما يمكن بالتفاهم مع المردة أن يتم تطويق التيار الوطني الحرّ. في المقابل، كان باسيل واضحاً في مواقفه من فرنسا، حيث اعترض بشكل مباشر على فرنجية، ولم يتجاوب مع الرسائل الفرنسية. وهو حاول إقناع الفرنسيين بوجهة نظره الرافضة لرئيس تيار المردة. على ضفة أخرى، أيّ انتقال من قبل القوات اللبنانية إلى دعم شخصية وسطية أو توافقية، يمكن أن يلقى قبولاً من جهات أخرى، كما هو الحال بالنسبة إلى قائد الجيش جوزيف عون. في باريس وخلال لقاء باسيل مع الصحافيين وُجّه إليه سؤال عن موقفه من قائد الجيش، لكن باسيل لم يجب بالكلام، وفق ما تؤكد المصادر. بل اكتفى بإشارة رافضة بحركة من رأسه لكنه رفض الكلام.الأميركيون والقطريون والسعوديونمن يسعى إلى إنضاج تسوية تقوم على انتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية، يراهن على محاولات واتصالات متعددة تحصل على خطّ اليرزة مع حارة حريك، وعلى مؤشرات خارجية دافعة في هذا الاتجاه. موقف أميركي واضح في العلاقة القوية مع الرجل، وصولاً إلى توجيه الأميركيين شكر لدولة قطر على منح المؤسسة العسكرية مساعدة تبلغ قيمتها 60 مليون دولار، وسط معلومات تفيد بأن حركة ستحصل على خطّ المملكة العربية السعودية للبحث في تفاصيل أي تسوية ستحصل في هذا الصدد. وقد حصل لقاء فرنسي سعودي في الأيام الماضية في الرياض للبحث بالملف اللبناني.
يبقى فرنجية مرشح حزب الله غير المعلن، يحاول الحزب انتظار الظروف وإمكانية زيادة الفرصة. وهذا أمر يرتبط داخلياً بمواقف كتل متعددة، كما له سياقه الخارجي وفق المساعي التي تقوم بها باريس. ولكن ليس هذا الخيار الأوحد، فأي انتقال لأي طرف داخلي إلى آلية جديدة للعبة السياسية، يمكن أن تتغير معها المعطيات. لكن فرنجية وقائد الجيش يواجهان عقبة أساسية هي جبران باسيل وعلاقته بحزب الله، وهنا مكمن صعوبة الحزب في تمرير أي من الرجلين. لا أحد في لبنان أو خارجه قادر على الجزم حول موعد إنجاز الاستحقاق، وإذا ما كان قريباً أم بعيداً، كما لا أحد قادر على حسم هوية "الرئيس المفترض" إذ قد تبرز أسماء عديدة تشكل حرجاً أقل بالنسبة إلى الحزب، بشكل لا يستشعر فيه رئيس التيار الوطني الحرّ أي تهديد سياسي.