منذ بداية العام الحالي لم يقبض مدربو الجامعة اللبنانية رواتبهم، وباتوا غير قادرين على الحضور إلى العمل، ما يهدد بتعطل مرفق أساسي للجامعة، خصوصاً أنهم يعملون في مجالات المكننة والإدارة والمختبرات. ورغم ذلك مورست عليهم ضغوط كبيرة، وباتوا ملزمين بالحضور لمدة ثلاثة أيام بالأسبوع مطلع الشهر المقبل. فمعظمهم في الوقت الحالي يسيّر أمور الجامعة من بعد أو يحضرون ليوم واحد، لأن رواتبهم تتراوح بين مليون و800 ألف ليرة وملونين و200 ألف ليرة، لم يقبضوها منذ مطلع العام الجاري. وحتى عمال التنظيفات هجروا الجامعة، لأن يومية الواحد منهم تقتصر على ثلاثين ألف ليرة. ما فاقم من أمور النظافة وجعل أروقة الجامعة ومراحيضها غير صالحة للاستخدام.
تسوية أوضاعهمووفق مصادر هؤلاء المدربين، يصل عددهم إلى نحو 1200 مدرب يعملون كإداريين أو في مجال المكننة وشؤون طلاب وغيرها، وفق عقود مصالحة يصل عدد ساعات المدرب فيها إلى نحو ستمئة ساعة بالسنة. ومن بين هؤلاء المدربين من يعمل في مجال التعليم أو كمساعدين لأساتذة. ما يجعلهم حاجة أساسية في اعتماد الجامعة عليهم.كان يفترض أن تسوّي الجامعة وضع هؤلاء المدربين ليصبحوا موظفين يقبضون راتبهم كل آخر شهر، أسوة بما فعلت وزارات عدة، التي سوت أوضاع المياومين لديها. ففي فترات سابقة كانوا يقبضون بدل أتعابهم شهرياً عندما بدأ مسار تثبيتهم (ليس ضمن ملاك الدولة، بل كمياومين يعملون كمعدل وسطي نحو ستين ساعة بالشهر). لكن مسار التوظيف توقف في مجلس الوزراء ولم ينجز ملفهم.ضغوط حزبيةمر نحو عام، أي منذ شهر كانون الثاني المنصرم، ولم يتلق هؤلاء المدربون بدل أتعابهم. وباتوا ملزمين بالحضور ثلاثة أيام إلى العمل في وقت لم يعد يكف راتبهم لبدل النقل. وحتى مساعدة النصف راتب وبدلات النقل التي أقرتها الدولة لم يقبضوها. بل اقتصر الأمر على تلقي نحو أربعمئة مدرب منهم تلك المساعدة. فالمسألة تتعلق بدوامات الحضور وكم يوم يفترض أن يحضر المدرب إلى عمله. ومن سجل ثلاثة أيام قبض المساعدة، والمتبقون لم يحصلوا عليها.في السابق أضرب المدربون عن العمل وتوقفت الجامعة لمدة شهر كامل. لكن الأحزاب السياسية قاطبة تدخلت وضغطت على مناصريها وفرقت صفوفهم. وبدأ المدربون التابعون للأحزاب بالحضور إلى العمل لكسر الإضراب، أسوة بما حصل مع أساتذة الجامعة اللبنانية. وحصلت ضغوط على الرافضين من خلال تسليط التفتيش عليهم، والتوقيع على تعهد بعدم الإضراب وتهديدات بفسخ العقود.وساطات في المقابل، أجرت الأحزاب وساطات للمناصرين للحضور ليوم واحد في الأسبوع والتوقيع على دوامات عمل ثلاثة أيام، للحصول على المساعدات التي أقرتها الدولة. ليس هذا فحسب، بل يؤمن مدراء فروع وعمداء بعض الكليات مساعدات للمحابين لتسيير أمور كلياتهم كي لا يتوقف عمل الجامعة. حتى أن بعض التقنيين يعملون من الخارج نظراً لحاجة الجامعة إليهم، تقول المصادر.
حالياً يعمل المدربون على تسيير أمور الجامعة بالحد الأدنى، لأنهم لا يستطيعون الحضور لثلاثة أيام إلى الجامعة. وباتت الأخيرة تعتمد على مساعدات المازوت التي يؤمنها الجيش اللبناني أو الأحزاب أو البلديات، كي لا تعم العتمة الشاملة أروقة الجامعة. وانتقل مدراء الفروع إلى تسيير أمورهم بطريقة لامركزية، ويؤمنون مساعدات للموظفين وكراسات الامتحانات والمحابر والمياه والمازوت من القوى الحزبية. غير ذلك لا يمكن الجامعة تسيير أمورها.بلا عمال نظافةوتضيف المصادر أن الجامعة باتت بلا عمال نظافة ولا نواطير ولا عمال للخدمات اليومية، أو ما يعرف بموظفي "الأشغال بالأمانة". فالأجر اليومي لهؤلاء العمال ثلاثون ألف ليرة فقط لا غير. لذا توقفوا عن العمل وباتت الكليات متسخة.وفيما يعمل المدراء والعمداء وكبار الموظفين على تنظيف مكاتبهم بأنفسهم، أجرى البعض منهم، في بعض الكليات، وساطات مع عمال النظافة للحضور ليوم واحد بالأسبوع والسماح لهم بتسجيل دوام أسبوع كامل. غير ذلك لا يمكن حتى تنظيف مكتب العميد ليوم واحد في الأسبوع. وفي كليات أخرى اتفق العمداء مع عامل التنظيفات لإحضار أربع هويات وتسجيل أربعة دوامات، كي يتسنى له قبض بدل عن أربعة موظفين. غير ذلك لا مصلحة له للعمل في الجامعة مقابل بدل أتعاب يومي، يحتاج إلى ضعفه للوصول إلى حرم الكلية.