تتحسّن ساعات التغذية الكهربائية قليلاً. فمن العتمة الشاملة، باتت بعض المناطق ترى الكهرباء لنحو ساعة أو ساعتين يومياً. كما أن حركة المعنيين بالملف تتسارع لتأمين الفيول بشتّى الوسائل، إن كان عبر الهبة الإيرانية أو الفيول العراقي أو الجزائري.. من دون قطع الأمل بالكهرباء الأردنية والغاز المصري. لكن أيّاً من تلك القنوات لم يُحسَم رسمياً. ليبقى المؤكّد، شراء الفيول بما تيسّر من دولارات محلية. وجديد هذا الملفّ، توقُّع وصول شحنة فيول إضافية خلال أسبوع. فضلاً عن إصرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على موقفه الداعي إلى تأمين الغطاء التشريعي لأي مبلغ يخرج من المركزي بالدولار، لغرض استيراد الفيول.وعود مستمرةلم تقفل أيّ جهة الباب أمام توريد الفيول. فالجميع يؤكّد وقوفه إلى جانب لبنان في الظروف الصعبة. إلاّ أن ترجمة النوايا الطيّبة إلى شحنات فيول، لم يحصل بعد. فالجزائر بيَّنَت لوزير الطاقة وليد فيّاض، استعدادها لتجاوز المحنة القانونية المتعلّقة باتهام شركة سوناتراك الجزائرية بالتورّط في قضية توريد الفيول المغشوش للبنان. وتالياً، استئناف توريد الفيول.
مصر والأردن والعراق، لم يقفلوا الباب نهائياً. لكن العقبة أمام الأردن ومصر هي ضمانات عدم التأثّر بعقوبات قانون قيصر الأميركي. أما العراق، فعقد التوريد تجدَّد، لكن لم تصل أي شحنة جديدة بعد. بل إنّ لبنان ينتظر الشحنة الأخيرة من العقد السابق. وفي السياق، تشير مصادر في وزارة الطاقة إلى أنه "من المتوقّع وصول شحنة فيول إلى لبنان قبل تاريخ 20 تشرين الثاني الجاري. لكن من غير المؤكَّد أن تكون تلك الشحنة هي الشحنة الأخيرة المنتظرة من العراق، أو هي شحنة مشتراة بشكل منفصل عن العقد المقصود".وعن الفيول الإيراني، تقول المصادر في حديث لـ"المدن"، أن "لا شيء رسمياً في هذا المجال، وكل ما يُتداوَل في الوزارة لا يؤكّد ولا ينفي احتمال التوصّل إلى صيغة مع الإيرانيين لتوريد الفيول". والغموض الذي يلفّ القضية يتعلّق بالقرار الأميركي من جهة، وما إذا كانت إيران سترسل فيولاً مجانياً أو غير مجاني. وإذا كانت قضية ثمن الفيول أقل تعقيداً، يبقى القرار الأميركي هو الأساس. ولذلك، خَيَّمَ جوٌّ من القلق على الاجتماع الذي عقد يوم أمس الأربعاء، بين وزير الطاقة وليد فياض ووزر المالية يوسف الخليل ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي. فالجميع ينتظر القرار الأميركي الذي يُخضِع الفيول الإيراني للعقوبات، ما يمنع لبنان من استيراده. علماً أن المخرج الذي كان قد طُرِحَ سابقاً، هو تقديم الفيول على شكل هبة، ما يُعفي لبنان من مسؤولية الإفادة الاقتصادية لإيران، وبالتالي كسر القرار الأميركي. لكن هذا الخيار لم يُحسَم في إيران، بل أن الاتجاه الرسمي المُعَبَّر عنه في تصريحات المسؤولين الإيرانيين، هو عدم تقديم الفيول مجاناً.جمود داخليبغياب المواقف الرسمية، بفعل عدم حسم أي جهة قرارها، يبقى المنفذ الوحيد لتأمين الفيول هو الدولارات الداخلية المؤمَّنة عبر مصرف لبنان. والأخير، يعمل على سحب الدولارات من السوق وإعادة ضخّها، وهو ما يظهر من خلال تقلّب أسعار الصرف. إلاّ أن تخصيص دولارات لشراء الفيول، يزيد الضغط على المصرف المركزي، الأمر الذي دفع الحاكم رياض سلامة، منذ العام الماضي، إلى طلب الحصول على تغطية تشريعية تجيز سحب الدولارات من الاحتياطي لشراء الفيول. وبذلك، يحمي سلامة نفسه من تهمة تبديد احتياطي الدولارات.
سلفات الخزينة والاعتماد على الذات هي الطريق الأكثر وضوحاً. ووزارة الطاقة تعمل على اتجاهين متوازيين، فهي تطلق مناقصات شراء الفيول لضمان عدم إطفاء المعامل وتأمين ما يمكن تأمينه من كهرباء، وفي الوقت عينه لا تقطع التواصل مع الدول التي يمكن التوصّل معها إلى اتفاقات لتوريد الفيول بالصِيَغ المناسبة، مجاناً أو بعقود مدفوعة. وأمام هذا التعقيد وعدم حسم الخيارات داخلياً وخارجياً، يبقى وعد وزارة الطاقة تأمين الكهرباء بين 8 إلى 10 ساعات، بعيد المنال.