فازت الفرنسية بريجيت جيرو، الخميس، بجائزة غونكور الأدبية، عن روايتها "العيش بسرعة" (Vivre Vite) الصادرة عن دار "فلاماريون"، وتستعيد فيها الحادث المأساوي الذي أدّى إلى موت زوجها في حادث درّاجة نارية العام 1999. بأسلوب العد التنازلي المرهق، يرسم الكتاب قصّة الوفاة المفاجئة لشريكها كلود عن عمر ٍيناهز 41 عاماً، مشهد محزن للفقدان، لرحيل حبيب هو عازف غيتار في الأصل، وناقد موسيقي. عنوان الكتاب الملفت مستعار من الموسيقار المفضّل لشريك الكاتبة Lou Reed، ومن كتاب باتريك أوتريو الذي يؤمن بأن "الكتابة يجب أن تقود إلى المكان الذي يرغب المرء في تجنّبه"، من هنا، حدّدت جيرو الإيقاع المختلف لكتابها المؤثّر.الكاتبة الفرنسية مولودة في ولاية سيدي بلعباس في الجزائر (1960)، وهي مؤلّفة روايات وقصص قصيرة. عاشت مرحلة الطفولة والشباب في ضاحية ليون الفرنسية، ودرست الإنجليزية والألمانية، وعملت بائعة كتب ومترجمة وصحافية. تقول جيرو في تصريحٍ لوكالة "فرانس برس": "كنت بائعة كتب تقريباً، وعملت كصحافية متعاقدة في ليون ليبراسيون". ماذا فعلت غير ذلك؟ مستشارة أدبية للمهرجانات، ومحرّرة في وقتٍ ما. كتبت حوالي عشرة كتب، روايات ومقالات وقصص قصيرة". كتبت جيرو في "العيش سريعاً" "دراما"، بل "كارثة" حصلت لها في 22 يونيو 1999 في ليون، وقسمت حياتها إلى نصفين. في ذلك اليوم، قاد زوجها كلود، بسرعة كبيرة درّاجته النارية عابراً إشارة المرور، وقضى على أثر حادثٍ مروّع. وكانت جيرو تبلغ من العمر 36 عاماً حينها، وانتقلت إلى منزل كانا قد اشترياه حديثاً، انتقلت للعيش فيه من دون زوجها، ليبدأ حدادها الثاني هناك. تقول: "عشت، ونشرت كتبي، واستعدت خطواتي، لكني أصبحت شخصاً آخر". وتضيف: "كنت أعرف منذ فترة طويلة أني سأضطر إلى تأليف الكتاب. الكتاب الذي يرقى إلى مستوى كلود، عن قصّة حبنا، الكتاب الذي يحتضن كل هذا، والذي يبحث عن الحقيقة، لكن لم يكن بإمكاني كتابته قبل 20 عاماً، لأنه كان عليّ أن أكون على مسافة مع الحادث".أصبحت جيرو أوّل امرأة تنال الجائزة الأدبية الفرنسية الأرفع، منذ فوز ليلى سليماني بها العام 2016، عن روايتها "أغنية ناعمة" (Chanson Douce)، والثالثة عشرة منذ إطلاق غونكور قبل 120 عاماً. وحصلت جيرو على الجائزة خلفاً للسنغالي محمد مبوغار سار، بعد تنافس حاد مع الإيطالي السويسري جوليانو دي إمبولي، إذ أدى صوت رئيس أكاديمية غونكور ديدييه دوكوان إلى ترجيح النتيجة لصالحها في الدورة الرابعة عشرة من التصويت. واختار أعضاء أكاديمية غونكور من خلال «العيش سريعاً» قصة رصينة وحساسة لقيت استحساناً كبيراً من النقاد.أما منافس جيرو الإيطالي السويسري جوليانو دي إمبولي (49 عاماً) الذي رُشح عن روايته «ساحر الكرملين» (Le Mage du Kremlin) الصادرة عن دار «غاليمار»، فكان يُعد من بين المتنافسين الأوفر حظاً، لكنه سيكتفي الآن بالجائزة الكبرى للرواية التي حصل عليها في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من الأكاديمية الفرنسية. وحضر أدب هايتي الغني للسنة الثانية توالياً في النهائيات، لكن الجائزة أفلتت منه مجدداً، إذ لم يتمكن ماكينزي أورسيل من الفوز بها عن روايته «مجموع إنساني» (Une Somme Humaine) الواقعة في 600 صفحة، ويتناول فيها عالم ما بعد الموت.كذلك نافست على الجائزة كلوي كورمان عن روايتها «الأخوات تقريباً» (Les Presque Soeurs) الصادرة عن دار «سوي»، التي تجري فيها تحقيقاً مع قريبات والدها اللاتي كن في طفولتهنّ ضحايا محرقة اليهود. وكورمان البالغة 39 عاماً هي مستشارة وزير التعليم الوطني الفرنسي باب ندياي وتتولى كتابة خطاباته.وللجوائز الأدبية عموماً، وبينها غونكور، أهمية اقتصادية كبيرة لا تقل عن قيمتها المعنوية، إذ تُلهم الراغبين في اكتشاف رواية أو تقديمها هدية في موسم أعياد نهاية السنة. ويؤدي فوز كتاب ما بجائزة غونكور إلى تحقيق مئات الآلاف من المبيعات.