2024- 06 - 24   |   بحث في الموقع  
logo اغتيال عنصر من قوات الأمن الوطني في عين الحلوة… التوتر يُسيطر على المخيّم logo استهداف إسرائيلي للدفاع المدني… وإصابة عنصر logo رعد: سنبقى نتصدى للعدو حتى نهزم مشروعه logo تعديل توصيف المواد يطعن بالامتحانات.. والطيران الإسرائيلي يرعب الطلاب logo خلف يساوي المصارف بالمودعين: ودائعنا أيضاً مقدّسة! logo إصابة عنصر في "الهيئة الصحية" إثر قصف إسرائيلي logo تعليقاً على طلب بعض الدول من رعاياها مغادرة لبنان... مولوي: إجراء روتيني logo ميقاتي عرض مع بو حبيب التطورات في الجنوب ونتائج الاتصالات مع الرئيس القبرصي
الرئيسي..الثانوي..والفهم المغلوط
2022-10-31 12:26:13

لا أدري بأية قوة ساحرة تحوّل نواب التغيير إلى مركز الجذب، في تكتلهم وفي انفراط عقده؟وقفت البلاد على رؤوس أصابعها متحفّزة لرؤية أفق مصيرها المشرق على أيدي ثلاثة عشر بني آدم لا حول لهم ولا طول. حتى إذا استحال ظهور النور في نفق حياتنا المعتم، إصطف الراجمون زرافات ووحدانا يرشقون بكل الآفات تلك الحفنة من النواب، ويندبون أحلامهم المتكسرة على صخرة إنعدام كفاءتهم في إبتداع شروط تحقيقها.
علينا، ربما، ان نربط حجم التوقعات بحجم قوة التغيير التي أظهرتها الإنتخابات، لنفهم حجم المجسمات الضخمة التي وضعنا من أنجحتهم الثورة داخلها. الربط ضروري، إنما الفهم مغلوط. وأول الإستنتاجات أن رغبة خبيثة لدى قوى النظام عمدت إلى تكبير حجر نواب التغيير لإظهار عجزهم. ثانيها، أن هذه القوى سعت إلى إدخال نواب التغيير في لعبتها السياسية التقليدية (اللجان النيابية نموذجا)، لإفقادهم التمايز الذي طبع عملية خرقهم لجدار النظام ومنظومته : أنتم أصبحتم تشبهوننا فارتدوا ثوبنا التقليدي واتركوا ثوب الثورة خارجا. ثالث الإستنتاجات أن النواب الذين انجحتهم (أنتجتهم) الثورة إرتدوا الثوب الذي عرض عليهم فوقعوا في فخ الفهم المغلوط.
للتأكيد بداية على حقيقة لا ينتبه إليها كثيرون، وبالأخص نواب التغيير، وهي ان هؤلاء لم يفوزوا في الإنتخابات بفعل قوتهم الذاتية أو قوة حضورهم الشعبي، ولا بفعل إقتناع الناخبين ببرامجهم الإنتخابية، ولا بفعل إنتمائهم إلى هذه المجموعة (منهم من يسميها حزبا) أو تلك. فازوا بفعل مصادفة وجودهم كمرشحين في دوائر إستطاعت كتلة التغيير الشعبية فيها أن ترجح نجاحهم. من هنا الفهم المغلوط، فحجم المجسمات الضخمة هو حجم الثورة الناخبة وليس حجم الأشخاص الذين انتخبتهم.للتأكيد ثانيا على ان كتلة اللبنانيين الحاملة لمسار التغيير ممتدة على مساحة الوطن، ومتجانسة تكوينا ومضمونا على امتداد هذه المساحة. وهي انتخبت من انتخبت (نجح منهم من نجح) تعبيرا عن رغبتها بالتغيير وليس تأييدا للسيدات والسادة اللواتي/الذين ترشحوا. الفهم مغلوط هنا أيضا : نواب التغيير ليسوا هم من يمثل الثورة بل الثورة هي التي تمثلهم. ومقارباتهم الخاصة. ومن الغريب رؤيتهم يجهدون لبناء علاقات بأبناء دوائرهم الإنتخابية، تارة عبر قسطل مياه وطورا بالهايكينغ...، بدل تظهير ارتباطهم بثورة كان من أبرز إنجازاتها كسر الحدود بين المناطق.
للتأكيد ثالثا، وبما يوضح المقصود، على أن صراعات ثلاث تدورعلى الخريطة السياسية في لبنان لكل منها طبيعته : صراع بين قوى السلطة، صراع بين قوى التغيير وقوى السلطة وصراع داخل قوى التغيير. أتجاوز نظريات تحكم الخارج بنا لأن قدرته على التدخل منوطة برغبة الداخل في استدراجها وليس العكس. مرحلة مديدة في الزمن مرت حين كان الصراع على النفوذ والحصص بين قوى السلطة مهيمنا على كامل الخريطة السياسية. التحوّل الذي شهدته هذه الخريطة هو في خروج قوى جديدة إلى النور، أصبحت عبر تراكماتها قوى التغيير، بالأخص عندما أظهرت حجم تحوّلها في 17 تشرين، فارضة تغييرا جوهريا في طبيعة الصراع تموضعت فيه قوى التغيير في جبهة تقابلها جبهة تجمعت داخلها كل قوى النظام (كلن يعني كلن). أصبح الصراع الرئيسي صراعا بين قوى التغيير وقوى النظام مجتمعة. بين منظومة سياسية-اقتصادية-اجتماعية-ثقافية تستظل النظام الطائفي وتحتمي به، وبين كتلة قوى تغيير تناضل في سبيل إحداث تغيير بنيوي في الإجتماع السياسي اللبناني. واحتوت الخريطة بالتالي صراعين ثانويين أحدهما بين قوى السلطة والآخر داخل البنية المبعثرة لقوى التغيير. الفهم المغلوط هنا هو في تقديم الثانوي على الرئيسي. في اعتبار ناخبي الدوائر أهم من ناخبي الوطن. في اعتبار عضوية اللجان والتمحيص بالملفات والمشاركة في بازار الرئاسة الأولى أكثر جدوى من التمايز عن الممارسة السياسية التقليدية تعبيرا عن إرهاصات ثورة إنتدبت نوابا لينطقوا باسمها، لا بما يرتأي كل منهم بأنه رأيه الخاص واجتهاده الشخصي وترجمة لإستقلاليته (لا أدري كيف يمكن أن يكون مستقلا من يعتبر نفسه منتميا إلى الثورة ؟!). الفهم المغلوط هو في عدم بذل كل ما هومتوفر من أدوات وإمكانيات لتظهير طبيعة الصراع الرئيسي بين قوى الثورة وكامل المنظومة المتهالكة.
إستنتاج أخير يمكن التوصل إليه من متابعة الحركة السياسية لقوى النظام ( من المظاهر البائسة لنهاية مدة ميشال عون في الرئاسة، إلى إتفاق هوكشتين، إلى الإمعان في تهشيم المؤسسات الدستورية...) يفيد بأن نظام المنظومة دخل مرحلة جديدة من بؤسه واهترائه، بالرغم من كل مظاهر الفجور التي يبديها. وبالتالي، يصبح الخضوع لشروطه في الممارسة السياسية من باب جهل ضعفه وتصغير حجم القدرة على مواجهته. وهي قدرة فاعلة داخل المجلس النيابي، إذا انتقل الأداء لما هو منسجم مع طبيعة الصراع الرئيسي، أي مواجهة بين ثورة لها مندوبون يتصدون لمنظومة بكاملها متجاوزين الصراع الثانوي بينهم. والقدرة أكثر فاعلية خارج المجلس، حين تقتنع المجموعات السياسية المتناثرة بان وظيفتها الأولى كمجموعات نشات في خضم 17 تشرين إنتهت، وانها مطالبة اليوم، بفعل إنتمائها إلى الثورة كما تعلن، بتجاوز تمايزاتها الثانوية والعمل على تشكيل مرجعية سياسية واضحة لكتلة التغيير الشعبية التي طفح كيلها من الضباب السياسي الذي يغمرها.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top