2024- 06 - 24   |   بحث في الموقع  
logo اغتيال عنصر من قوات الأمن الوطني في عين الحلوة… التوتر يُسيطر على المخيّم logo استهداف إسرائيلي للدفاع المدني… وإصابة عنصر logo رعد: سنبقى نتصدى للعدو حتى نهزم مشروعه logo تعديل توصيف المواد يطعن بالامتحانات.. والطيران الإسرائيلي يرعب الطلاب logo خلف يساوي المصارف بالمودعين: ودائعنا أيضاً مقدّسة! logo إصابة عنصر في "الهيئة الصحية" إثر قصف إسرائيلي logo تعليقاً على طلب بعض الدول من رعاياها مغادرة لبنان... مولوي: إجراء روتيني logo ميقاتي عرض مع بو حبيب التطورات في الجنوب ونتائج الاتصالات مع الرئيس القبرصي
"المعارضة الوصولية" كأحد وجوه المنظومة
2022-10-31 07:26:03

فور ظهور نتائج الانتخابات الماضية، قدم وليد جنبلاط، أحد أقطاب السلطة السياسية وأكثرها خبرة، نفسه كفائز، وكان كذلك بالفعل، لكنه حين سُئل عن فوز عدد كبير من المرشحين الذين يحسبون أنفسهم على "انتفاضة 17 تشرين"، أجاب بأن من لا يتأقلم أو يتكيف، يخسر.
والتأقلم أو التكيّف سمة عظيمة لأقطاب هذه السلطة اللبنانية الخارجة عن المألوف، وهي أساساً كمثل الوحوش الشديدة الخفة في أفلام الرعب الأرضية والفضائية، برؤوس عديدة قد تتفتت لأقسام عديدة حيناً، وتجتمع وتُواجه كجسد واحد هائل حيناً آخر.
حين خرجت تظاهرات تحت عنوان اسقاط النظام الطائفي بالتزامن مع انتفاضات "الربيع العربي"، صارت حركة "أمل" ورئيسها في عداد المحتجين. كان هذا الشعار المفخخ كافياً لافشال الحراك. لكن شعارات انتفاضة تشرين كانت أكثر بساطة وشمولاً لدرجة شعر معها كل أقطاب السلطة وعلى رأسهم "حزب الله" بتهديد مباشر يستدعي تهديداً وتخويناً وقمعاً واحتواء خارج إطار الأجهزة الأمنية. هذا حصل، ويستمر.
صحيح أن القمع وجائحة كورونا والانهيار وانفجار بيروت، جميعها عوامل أسهمت في اضعاف الحركة الاحتجاجية، إلا أن الصوت الاعتراضي في الانتخابات الأخيرة أظهر حجم خسائر أحزاب السلطة وأقطابها، رغم كل الإمكانات المتوافرة لديها. أثبتت الانتخابات إمكانية لحراك سياسي خارج المنظومة لاستنزافها بشكل أوسع، وتقديم مشروع بديل لإدارة البلاد.
أصلُ استمرار الحالة الاعتراضية هو أن السلطة تُعيد تعريف العقد الاجتماعي، أو العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وهي ببساطة تمنح قلة قليلة من الساسة ورجال الأعمال، نسبة هائلة من الموارد والنفوذ والمنافع النسبية، مقابل إفقار الغالبية وتحميلها خسائر الانهيار. أقل السياسيين نفوذاً اليوم حوّل ثروته للخارج، وبات أكثر قدرة وثروة نسبة لسكان لم يعد يملكون عُشر قدرتهم الشرائية قبل الانهيار. جوهر هذه المنظومة، أنها كتلة احتكارات وامتيازات تُخفي نفسها وراء قشور من الصراعات والخلافات والانقسامات، وأغلبها قائم لكنه ثانوي وهامشي ومتقطع أو موقت.
لهذا كان العنوان الاقتصادي أساسياً في المواجهة، والمطلوب اليوم سحبه تماماً من التداول عبر تفعيل عنوان التحالف مع أقطاب في السلطة ضد "حزب الله" تحت عنوان مواجهة سلاحه، وعبر انتخاب النائب ميشال معوض رئيساً للجمهورية. وهل هناك مشروع جدي في البلاد لسحب سلاح "حزب الله" تحت قيادة معوض؟ والأهم، وهل مشروع انتخاب معوض ممكن عملياً؟ الإجابة هي كلا للسؤالين. أقطاب السلطة تستخدم هذا العنوان لاعادة التفاوض على السلطة، وللائتلاف في ما بينها بعد صفقة أو اتفاق إقليمي. وهذا حصل في السابق وسيحصل مجدداً.
لكن استخدام هذا الاصطفاف السياسي، وما يُرافقه من شحن طائفي، من الأدوات الفاعلة للسلطة، في تصفية معارضيها على اختلاف مشاربهم. ذاك أن يتحول النائب المعارض باتجاه التحالف مع أقطاب في السلطة وإعادة تعريف معارضته، يعني أن تُقوّض الحالة الاعتراضية وتُصنّف داخل أقبية السياسة التي يُحدد زعماء الطوائف عناوينها وحدود الصراع فيها. حين تصير "كلن يعني كلن" نصفهم أو ثلاثة أرباعهم، ويصير النائب "المعارض" رقماً اضافياً في حسابات هذا الصراع، من الصعب السباحة خارج تيارات تصنيفات هذه السياسة الداخلية.
لكن هل يحصل هذا الانقسام عن طريق الصدفة؟ بالتأكيد لا. هناك خلفيات لهذا الانشقاق، وعلينا التدقيق في ارتباط بعض هؤلاء النواب بالسلطة وزبانيتها في الاقتصاد. هل من الصدفة أن بين النواب الذين يميلون للائتلاف مع بقايا "14 آذار"، نائباً "معارضاً" كان حتى وقت قريب متعهداً لدى أحد السياسيين، وبنى ثروة مالية من صفقات عليها علامات استفهام (صفقة تزيين بلدية بيروت أو التعاونيات)؟ علينا التدقيق في خلفيات هؤلاء النواب، وعلاقاتهم المالية والاجتماعية مع أقطاب السلطة، لنرى أن بينهم من كان محامياً أو شريكاً لهم أو لأبنائهم أو حلفائهم وأقاربهم في عالم الاعلام والمال. مشكلة هؤلاء مع أقطاب السلطة، هي عدم توفير فرص لدخولهم الى عالم السياسة، وبالتالي بالإمكان احتوائهم وتوفير مقاعد لهم مقابل خدمات في السياسة والاعلام.
وهذا العنوان السياسي مخرج مريح لهؤلاء النواب، وأغلبهم غير مقتنع أو معني أساساً بالأولوية الأساسية للانتفاضة، والمرتبطة الآن بتوزيع الخسائر بشكل عادل، والتأسيس لمعارضة فاعلة تبني مشروعاً مُقنعاً وبديلاً لهذه السلطة الفاشلة والفاسدة.
وهنا فارق بين الموقف المبدئي من عدم شرعية سلاح "حزب الله"، والذي يتسم به موقف النائب إبراهيم منيمنة، وبين الدخول في لعبة الصراع الداخلي حوله، ونهاياتها غالباً معروفة، وهي الائتلاف بعد كل صفقة إقليمية. لا فارق بين ميشال معوض اليوم، وميشال سليمان الأمس، بل النتيجة واحدة.
مع هذه الطبقة السياسية، علينا دوماً التدقيق في نتائج الصراع، لا عناوينه الفارغة. في معركة الطيونة المفتعلة العام الماضي، قدم الثنائي الشيعي مدنيين ومسلحين قرابين على مذبح الاشتباك، لتصفية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. هذه نتيجة، بغض النظر عن عناوين الاشتباك والصراع.
والأرجح أن بعضاً من النواب المحسوبين على الانتفاضة، يدخل في هذه اللعبة لحجز مقعد في قطار للسلطة لا ينفك يقودنا نحو المزيد من الاستلاب والاستغلال والفقر. وخروجهم من التكتل لا يُنهي دورهم، بل سيُواصلون تسفيه الشعارات بهدف تصفية الحالة برمتها، ولهذا من الضروري شمولهم في أي معركة للمعارضة، بصفتهم أداة خفية لسُلطة متمرسة وشديدة الذكاء.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top