بزهو وضحكة تعلو محياه، يتنقل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في الأروقة اللبنانية. يحتفي الرجل بإنجاز يحققه مبعوث رئاسي أميركي بين لبنان واسرائيل للمرّة الأولى منذ العام 1982، إنه اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، والذي أطلق عليه هوكشتاين صفة "الإنجاز التاريخي"، إذ يسعى إليه لبنان لتحسين وضعه اقتصادياً، فيما تسعى إليه إسرائيل لضمان أمنها واستقرارها، والمباشرة بتصدير الغاز من حقل كاريش. لم يشأ هوكشتاين إزعاج أحد من المسؤولين اللبنانيين، وطالما أن رئيسيّ مجلس النواب والحكومة رفضا التوجه إلى بعبدا للمشاركة إلى جانب رئيس الجمهورية بهذه الاحتفالية، فإن هوكشتاين قرر زيارتهما أيضاً.اختيار أعضاء الوفدبدأ نهار هوكشتاين من قصر بعبدا، حيث سلّم رئيسَ الجمهورية ميشال عون نسخة رسمية عن نص الاتفاق، والذي وقع عون على أحد ملاحقه، فيما يترك التوقيع على كامل الصفحات للوفد اللبناني الذي سيمثل لبنان في اجتماع الناقورة اليوم.
بعد مغادرة هوكشتاين، عقد عون اجتماعاً للمسؤولين الذين شاركوا في المفاوضات مع الوسيط الأميركي، وذلك لوضع اللمسات الأخيرة على إجراءات توقيع الاتفاق قبل التوجه إلى الناقورة، واستمرت المباحثات حتى وقت قليل، قبل التوجه لتحديد أعضاء الوفد. وقد تم التوصل للاتفاق على ارسال العميد منير شحادة عن الجيش اللبناني، وهو مسؤول التنسيق من قبل الحكومة اللبنانية مع قوات اليونيفيل، والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير، ووسام شباط عضو هيئة إدارة النفط، وأحمد العرفة رئيس مركز الاستشارات القانونية. هنا، ثمة من يعتبر أن الجيش رفض أن يكون ممثلاً وحيداً للبنان في هذا الاتفاق، كي لا يتم تحميله مستقبلاً مسؤولية التوقيع على اتفاقية كان فيها تنازل كبير، فيتكرر مع قيادة الجيش ما حصل مع قائد الجيش إميل البستاني الذي وقع اتفاق القاهرة عام 1969. فيما يعتبر آخرون أن محاولة تغييب الجيش كانت متعمدة، لعدم إعطاء أي دفع معنوي سياسي لقيادة المؤسسة العسكرية، أو لعدم نسب الإنجاز لها.كما اتفاقات ابراهام؟!بعد اجتماع بعبدا، أعلن نائب رئيس مجلس النواب ​الياس بوصعب​ أن رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ وقّع الرسالة الأميركية الرسمية، التي تسلّمها من الوسيط الأميركي ​آموس هوكشتاين​، في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية​ الجنوبية، وسلّمها إلى الوفد اللبناني.
وأشار بو صعب، إلى أنّ الرئيس عون كلّف وفداً باسمه لتسليم الرسالة إلى هوكشتاين في الناقورة، وستكون هناك رسالة أيضاً للأمم المتحدة من قبل الخارجية اللبنانية. وقال بوصعب: "منذ صغري كنت أسمع عن اتفاقات أبراهام، ويمكنني القول اليوم إن لدينا الآن اتفاقات هوكشتاين". وختم بوصعب: "أتوجّه بالشكر لهوكشتاين. فقد ساهم عمله بأن نصل إلى هذا الاتفاق التاريخي ولم يأخذ طرفاً مع أحد".هوكشتاين: نقطة تحوّلأما الوسيط الأميركي فقال: "نعيش يوماً تاريخياً بعد التوصل إلى اتفاق من شأنه توفير الاستقرار على جانبي الحدود". وأضاف: "عقدتُ عدّة اجتماعات هنا، وكنتُ أقول دائماً إنّني متفائل وأنا ممتنّ لوصولنا إلى هذا اليوم التاريخي ولتحقيق الاتفاق". وشدد هوكشتاين، على أن "اتفاق ترسيم الحدود البحرية سيشكّل نقطة تحوّل في الاقتصاد اللبناني وسيشعر به المواطن قريباً". وأضاف: "هذا الاتفاق سيسمح للبنان بدء العمل في البلوك رقم 9، ولن يأخذ أحد عائدات هذا البلوك من لبنان". مع الإشارة إلى أن "هذا الاتفاق هو بين دولتين لا علاقات دبلوماسية بينهما. وهو سيضمن عدم استيلاء أي من طرفي الاتفاق على حصة الآخر". وأكد بأن "واشنطن ستبذل جهدها لتذليل أي مشكلة في الاتفاق، ولا خوف لدينا من أي خرق له". و"إذا انتهك أحد الجانبين اتفاق الحدود البحرية اللبناني-الإسرائيلي فسيخسر كلا الجانبين".دور الأمم المتحدة وحضورهاالمسؤول الإعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا، قال إنّ "هناك اجتماعًا للوفد اللّبناني الّذي سيحضر توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبيّة عند قرابة السّاعة العاشرة والنّصف من قبل ظهر اليوم"، مشيرًا إلى أنّ "مهمّة الوفد تسليم الرّسالة فقط، ولا توجد مفاوضات، ولن يلتقي الوفد اللّبناني إطلاقًا بالوفد الإسرائيلي".
ولفت، إلى أنّه "لم يتمّ بعد تحديد من سيوقّع الاتّفاق من الجانب اللبناني"، مبيّنًا أنّ "المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان ستكون موجودة في الناقورة، وستتسلّم من لبنان الإحداثيات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية، فوراً في اللحظة نفسها التي تسلَّم فيها الرسالة اللبنانية إلى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين".
من جانبه قال المتحدث باسم "اليونيفيل" أندريا تيننتي إنهم سعداء بالنتيجة الإيجابية للاتفاق البحري، مؤكدًا الجهوزية لمساعدة الوسيط الأميركي والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة. وشدّد تيننتي على ان هذا الاتفاق سوف يعزز الاستقرار في جنوب لبنان، معتبرًا أنه يمهّد الطريق لمتابعة النقاط العالقة بما خصّ تحديد الخط الأزرق.أسئلة جنبلاطأما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فغرّد عبر حسابه على "تويتر": "لماذا تغيّب الجيش عن ابرام الاتفاق حول الترسيم الذي يثبت الهدنة ويؤكدها. وأين هي الشركة الوطنية للنفط وأين هو الصندوق السيادي. إن تحركات المسؤولين في هذا الشأن تثير الريبة وكأن الموضوع هندسة مالية إضافية مصيرها الضياع والهدر".