2024- 07 - 01   |   بحث في الموقع  
logo فلسطين كإختراق لمسلّمات لوعي الدولي logo في الإعاقةِ ومُصْطَلَحِها: أَيْنَ مَحَلُّ الإصلاح؟ logo "عملية رفح ستنتهي"... نتنياهو: سندخل "المرحلة الثالثة" logo "خلال 10 أيام"... تسوية على الحدود الجنوبية للبنان! logo "في حال الحرب على لبنان"... تهديدٌ عراقيٌ لأميركا وإسرائيل logo المرحلة 3 في غزة... وشبح الحرب في لبنان logo حزب الله يوثّق استهداف مقر الفرقة 91 في "بيرانيت" (فيديو) logo هل ربح حزب الله الجامعة العربية أم "غلبها"؟
"ريلز" الفايسبوك... قناصة ومناشير حطب وتوحش
2022-10-23 12:26:11

بغص النظر عما استنتجه الروائي الايطالي ايمبرتو إيكو، بأن أدوات مثل تويتر وفيسبوك "تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى"، أو ما قاله الفيلسوف السلوفيني سلافيو جيجك: "حسابنا على فيسبوك يريحنا من عبء المسؤولية المباشرة، إنه يشبه الضحك المسجّل في مسلسلات (ست كوم) القصيرة أو النائحات اللواتي يؤجرن في الجنازات، فهم يضحكون ويبكون بالنيابة عنا، بالتالي فإن الحساب الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي هو نسخة نريدها لأنفسنا"... وبغض النظر عن تحليلات الفيلسوف البولندي زيغموند باومان الذي يرى من ضمن حديثه عن "الحداثة السائلة" أن "مؤسس شركة فيسبوك يتغذّى على خوف البشريّة من الوحدة!" هذا ما تشير له أرباح شركته التي تقدّر بـ $50,000,000,00، فعبقريّة مارك تكمن في إدراكه لمخاوف الإنسان الحديث، ففي العالم الافتراضيّ لا وجود للوحدة، هناك دومًا من يُبدي استعداده ليقرأ لنا وليشاركنا "اللايك" معربًا عن إعجابه ودعمه.
هناك جانب أبعد من الخوف من الوحدة، وأكثر حمقاً من كلام الحمقى، وربما يعكس همجيتنا المدفونة أو حتى الظاهرة، يتجلى ذلك في اندفاع جزء كبير من "معشر الفسابكة" في نشر الفيديوهات أو مقاطع الـ"ريلز"(استنساخ وتقليد صريح لتطبيق تيك توك)، التي تتضمن مشاهد تدل على وحشية الإنسان، اذ بات الفايسبوك يدلف نوعاً من بصريات يغلب عليها طابع الفتك والافتراس والتوحش، لا ندري هل هي صدفة أم أن هذا ما يطلبه الجمهور أو ما يرغب في مشهادته، أو أن العنف هو قاعدة الحياة البشرية كما البريّة.. وعدا عن اللقطات الترفيهية السخيفة والنكات السمجة والبورنوغرافية والمكرّرة بشكل دائم في الفايسبوك، هناك "ريلز" التفنّن في قتل ذئاب البراري والقطط والثعالب برصاصة في الرأس من خلال منظار، واصطياد البط على شواطئ البحيرات والمستنقعات، أو الحجلان والأرانب في الجرود، أو قنص الخنازير في الغابات والأحراج، أو الفتك بديك الحبش في المزارع من خلال استدراجة ووهمه بأن أنثاه تنتظره. كل شي مرسوم بدقة لكي يصور ويكون مثيرا ولافتا وخاتمته السقوط، برا وبحراً وجوا، ومن اجل جمهور يحب الحماقات والعنف، وربما يتابعها كبديل عن الحرب... في ديارنا اللبنانية، بلد كل شي وأي شيء، الاندفاع غالباً الى تصوير قتل العصافير المهاجرة، الصياد يخبرنا عن مهارته في قتل اعداد كبيرة منها، فضلا عن قتله الطيور التي لا تؤكل...ذاك الذي يقتل ديك الحبش يرسم سيناريو مفصّل لعمله الابله، من خلال الرحلة والمكان والكمين والكاميرات المرافقة والعبارات التي يقولها، والحركات التي يقوم بها بعد تحقيق مراده. وعدا القناصة الذي يظهرون وكأنهم يقدمون اعلاناً لبنادق الصيد على أنواعها، هناك هواة الصيد بالقوس النشاب، يعملون بشكل ممنهج على قتل الغزلان الوعول والآيائل والجواميس وحتى الدببة والطيور، وتنتهي القصّة بأن الصياد يجلس وهو يمسك بقرني الغزال مقتولاً(يا لهذا الإنتصار العرمرمي)، وعارضا ابتسامته وربما علامة نصره ونشوته الوحشية. ومارك صاحب الفايسبوك والوحش الرأسمالي، يشجع على نشر هذه الصور(علينا أن نتذكر أيضا أن المصرفي اللبناني الراسب في الانتخابات، ذهب إلى افريقيا ليقتل أسدا وثوراً ويلتقط الصور معهما)...
من بين الأمور السائدة أن مجموعات من الأشخاص لديهم هويات مختلفة في التعاطي مع الوحوش الضارية، فمنهم من يقتلها ويجرّب فيها بنادقه ورصاصه، ومنهم من يهوى تصوير حياة البراري وتشعباتها وأسرارها، ينتظر أن يفترس الأسد جاموساً، أو أن يصطاد النمر غزالاً، أو أن تسطو الضباع على فريسة اصطادها الفهد، أو أن يفتك النمس بأفعى، أو أن يمزق التمساح بطن حمار وحشي، أو أن يبلع التنين (كومودو) ماعزاً، وهو حيوان ينتمي لفصيلة الزواحف، ويتميز بشراسته وأسنانه الحادة مثل سكين تقطيع اللحوم، اللحظة الهمجية منتظرة بقوة وتترصدها عشرات الكاميرات...
لا تقتصر مقاطع الـ"ريلز" على تلك التي تتضمن مشاهد لقتل الحيوانات والطيور والأسماك، فثمة اندفاع في الاسابيع الاخيرة لنشر فيديوهات تتضمن مشاهد لقطع الأشجار العملاقة في الغابات أو قرب المنازل..الحطاب بمنشاره الألي حين يسقط شجرة كأنه يحقق نشوته الذكوريةً، ومرات يكون اسقاط الشجرة على أيقاع الموسيقى.
ثمّة من يقول إن قتل الاشجار يكون من اجل التدفئة أو بيع الأخشاب، أما مختصر ما تفعله الحيوانات ببعضها، فهو في إطار الصراع من أجل البقاء، أو التوحش من أجل البقاء، وهناك فكرة أخرى تقول في كل صباح في أفريقيا يستيقظ الغزال وهو يعلم أن عليه الجري أسرع من الأسد وإلا فإنه سيقتل... وفي كل صباح في الحياة الاستوائية يستيقظ الأسد وهو يعلم أن عليه الجري أسرع من أبطأ غزال وإلا فإنه سيموت جوعاً... في المقابل لا نستطيع حصر صائدي الحيوانات في إطار نمطي أو واحد، لكن السؤال، هل نتابع مقاطع الـ"ريلز" حتى لا نموت ضجرا، أم لأن ما نراه مرآة لنا؟! أم أن ما يحصل هو الضجر بذاته في زمن "ثقافة السوائل؟"
الراجح لو أن الفايسبوك يسمح في نشر صور الجثث، لأصبح هناك من يقتل من اجل تصوير عمليات قتله ونشرها، وسبق أن حصل اختراق من هذا النوع، وأربك العالم.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top