في ظل ازدياد حالات الكوليرا وتمدّدها على مستوى الأقضية والمناطق اللبنانيّة، والاقتراب من حالة التفشي الوبائي، ومع تسارع الاستعدادات لمواجهة وباء الكوليرا، كشف التقرير اليومي الصادر عن وزارة الصحة أن عدد الإصابات التراكمية وصل إلى 169 حالة. أما عدد الحالات الجديدة فوصل إلى 80 إصابة جديدة في الساعات الـ48 الماضية. وبما يتعلق بعدد الوفيات فقد تم تسجيل حالتي وفاة، رفعت العدد التراكمي للوفيات إلى خمس.
إزاء هذا الواقع، كشف وزير الصحة الصحة اللبنانيّة، فراس الأبيض، أن أسباب الوفاة تعود إلى التأخر في وصول الحالات إلى المستشفى لتلقي العلاج المناسب السريع.
كلام الأبيض أتى بمؤتمرٍ صحافيٍ، صباح اليوم الأربعاء، في وزارة الصحة، بهدف عرض المستجدات الوبائية المتعلقة بوباء الكوليرا، والتدابير والإجراءات المتخذة من وزارة الصحة لمكافحة التفشي.الأرقام الرسميةووفق أرقام وزارة الصحة اللبنانية الرسمية، سجّل لبنان 169 حالة كوليرا، 80 حالة سجلت يوم أمس، كما أن الوباء بدأ يظهر في مناطق جديدة ومنها: زغرتا، زحلة، حوش الأمراء، قب إلياس، تمنين التحتا، قبة بشمرا، وقليعات.
وبالتعاون مع وزارة الصحة، بدأت المستشفيات الحكومية تستقبل حالات الكوليرا لمتابعتها، فتوزعت بين مستشفى حلبا الحكومي، ومستشفى طرابلس ونيحا. وانقسمت 33 حالة في هذه المستشفيات بين مؤكدة ومشكوكاً بها، وتم وضع المرضى في قسم العزل المخصص للأوبئة، إلى جانب 6 حالات موجودة في العناية المركزة. وقد سجلت وزارة الصحة 5 وفيات في لبنان. ويتم الاستعداد لتجهيز أقسام جديدة لاستقبال مرضى الكوليرا في بعض المستشفيات الخاصة، وذلك لتخفيف الأعباء عن المستشفيات الحكومية وللمساعدة في مواجهة انتشار الوباء.أسباب الانتشارأظهرت نتائج الجولات الميدانية التي قام بها الأبيض لرصد أسباب انتشار الكوليرا في منطقة الشمال، أن السبب الأول والأساسي في انتشار الكوليرا هو تلوث المياه، فأجرت وزارة الصحة فحوصاً لعدة مصادر للمياه التي تصل إلى مخيمات النازحين، وتستعمل في بيوت المواطنين، وتبين أنها ملوثة وتحتوي على الجراثيم. علماً أن النتائج أظهرت أيضاً تلوث الأنابيب في منطقة الشمال. كذلك أدى تلوث الخضار إلى امتداد هذا الوباء بين النازحين، إذ تبين أن المياه الملوثة تستعمل في ري المزروعات في مناطق عدة. إضافة إلى مخالطة الإصابات المحتملة أو المؤكدة من دون اتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية.مساعدات دوليةفي هذا السياق، قدمت منظمة اليونيسيف 100 ألف لتر من مادة المازوت، لاستعمالها في محطات ضخ المياه في مناطق الشمال والبقاع، وللمساعدة على تنقية المياه الملوثة، إذ تعاني هذه المحطات من انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر، ما ساهم في تلوث المياه النظيفة داخل الانابيب.
وهنا شدد الأبيض على ضرورة التعاون مع الوزارات المختصة والمعنية، وذلك لتأمين الطاقة الكهربائية اللازمة لمحطات ضخ المياه للحفاظ على نظافتها، وتجنّب تلوثها. وأعلن الأبيض أن الوزارة حصلت على كميات كبيرة من الكلورين ستوزعها على محطات ضخ المياه بهدف تعقيم المياه، وأنها تعمل على تأمين كميات كبيرة من الكلور لوضعها في صهاريج المياه. و سيصل إلى لبنان الأسبوع المقبل حوالى 4 ملايين و800 ألف فلترٍ للمياه، ستوزع مجاناً في مناطق انتشار الوباء.
وخلال الأسابيع المقبلة، ستقوم وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة الزراعة للعمل على إجراء فحوص مخبرية للعديد من المزروعات، بهدف معرفة نسب تلوثها وإيجاد الحلول اللازمة.إجراءات جديدةكما أعلن الأبيض عن إنشاء منصة جديدة في إدارة الكوارث في السراي الحكومي، سيتم اعتمادها لجمع الجهود المحلية والدولية ومنها: منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة والجمعيات الأهلية، إلى جانب منصة وزارة الصحة التي تستعمل لرصد الوباء، على أن تضم مجمل المعلومات عن المرض وتطوره وذلك لاتخاذ التدابير السريعة من الجهات المعنية.
وسيتم تجهيز مشفى ميداني في منطقة عرسال، إلى جانب استعداد 8 مستشفيات متنوعة لتقديم كل المساعدات الطبية للمرضى، ووزعت عليهم كل المستلزمات الطبية إلى جانب كميات كافية من الأمصال، من وزارة الصحة ومن هبات المنظمات الدولية، ومجموعة من المستلزمات التي استعملت خلال جائحة كورونا.انقطاع اللقاحفي ظل الإجراءات الجديدة التي اتخذتها وزارة الصحة، يعاني لبنان اليوم من عدم توفر اللقاح، علماً أن وزارة الصحة حصلت على وعودٍ عدة من منظمات دولية بهدف تأمين كميات كافية من اللقاح خلال الفترة المقبلة، وسيتم توزيعه بشكل أساسي في السجون ومن ثمّ للمناطق الأكثر حاجة.
وحسب هذه المعطيات، يبدو أن لبنان على موعد قريب مع تفشٍ سريع لأوبئة لم تدخل إليه منذ زمن بعيد.