بعد 4 سنوات على تنظیم آخر معرض للكتاب الفرانكوفوني في لبنان، ينطلق في 19 تشرين الأوّل/أكتوبر 2022 مهرجان "بيروت كُتب" - المھرجان الأدبي الدولي والفرانكوفوني، بنسخته الأولى، في محاولة من المنظّمين لإعادة الاعتبار لمكانة الكتاب، والكتاب الموضوع بالفرنسية تحديداً، في مدينة تبقى مركزاً حيوياً للقِطاع الثقافي، رغم الأعباء والظروف.
ومن المنتظر أن يشارك في المهرجان ضيوفٌ من 18 دولة، مثل الجزائر، وتونس، وتوغو، واليابان، والسنغال، وكندا، وسويسرا، وبلجيكا. وستتوزّع الفعاليات على أكثر من 40 فضاءً ثقافياً تُغطّي مناطق مختلفة في البلد، وهنا يمكنُ التماس شيءٍ من السعي إلى كسر المركزية التي تختزلها العاصمة، وما تحتاجُه بقيّة المُدن والبلدات البعيدة من انفتاح أكبر على مثل هذه الأنشطة. تشير هيرمينه نوربتليان، بأنّ Beirut Books - Beyrouth Livres، هو مهرجان ثقافي غني بالأنواع الأدبية التي يتضمّنها، ويحاكي كل الأعمار. وهو "مهرجان مع الشباب، ومن أجل الشباب، ويتميّز بأنه يتجوّل في مختلف المناطق اللبنانية، في المدارس والمتاحف وغيرها من الأماكن ذات الطابع الثقافي". يساهم المهرجان في الحثّ على القراءة من جهة، ومن جهة أخرى هو متنفّس للكتّاب والأدباء والفنانين، الذين واظبوا على الكتابة والنشر والرسم، لكنهم "لم يقدروا أن يحكوا (...) وشعروا بوجود هذا النقص"، على حدّ قول هيرمينه، نتيجة الأزمة اللبنانية وفترة جائحة كوفيد، وثمّ توقّف معرض الكتاب الفرانكوفوني. الأمر الذي ولّد الحاجة لنشاط أدبي، خصوصاً في مدينة بيروت، عاصمة الثقافة ودورها في هذا الميدان الثقافي. يشارك في المهرجان أكثر من 110 كتّاب يؤلّفون بالفرنسية، مثل التونسية فوزية الزّواري، والفرنسيين فابيان تولمي، وماري داريوسيك، وكلارا دوبون مونو، وسيرج بلوش وآخرين، إلى جانب مشاركة أعضاء من "أكاديمية غونكور" الذين سيجتمعون في نقاشات مع كُتّاب لبنانيّين مثل: شريف مجدلاني، وديان مظلوم، وسبيل غصّوب، وهيام يارد.خلال المهرجان، سيكشف أعضاء الأكاديمية عن أسماء المرشّحين الأربعة النهائيّين لـ"جائزة غونكور" لهذا العام...وللترجمة حضور في برنامج المهرجان، ليس فقط من خلال الترجمة الفورية لمداخلات المتحدّثين، بل أيضاً من خلال التفكير في الترجمة وتحليل موقع المترجِم ودوره الوظيفي، وهذا ما تتناوله الندوة التي تجمع (يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، في "مترو المدينة") الباحثة الفرنسية باربرا كاسان، والمؤلّف السنغالي سليمان بشير ديان.وبالتزامن مع المعرض، نقلت أحدى الصحف اللبنانية عن "حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان" أن "المعهد الفرنسي في لبنان" سيستقبل أدباء فرنسيين يروّجون لإسرائيل من خلال مواقفهم الداعمة للصهيونية. وقالت الحملة إنها ترحب بكل جهد يصب في خانة المعرفة والتنمية، لكنها ترفض استغلال الثقافة وحاجة لبنان إلى أنشطة مماثلة بهدف التطبيع المقنّع. مثلاً، الأكاديمي والروائي باسكال بروكنير صاحب مقولة "إذا الصهيونية لم تكن موجودة، علينا اختراعها" يدافع عن الإسرائيلي ويعتبر أنه مواطن عادي يستميت للدفاع عن جلده على حد تعبيره. وإذ ترفض الحملة محاولة التطبيع الثقافي للعقول الناشئة، تؤكد أن الاحتفاء بالمدافعين عن قتلة اللبنانيين والفلسطينيين هو استخفاف بآلامنا ودمائنا.ومن هنا تطالب "حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان" المعهد الفرنسي باحترام الشعب اللبناني واستبدال مروّجي الصهيونية بغيرهم من الأدباء الذين يدافعون عن إنسانية قضايانا كمثال الكاتبة آني إرنو... "لكم الحق في التضامن مع أوكرانيا ومقاطعة روسيا، ولنا الحقّ برفض استقبال المدافعين عن قاتلنا".وفي وقت لاحق، أعلن الأمين العام لأكاديمية "غونكور" الفرنسية، فيليب كلوديل، في حديث إلى جريدة "لوريان لو جور" اللبنانية الفرانكوفونية، انسحاب خمسة كتّاب من الدورة الأولى من "بيروت كُتب". وقال كلوديل إنّ باسكال بروكنير وإريك ــ إيمانويل شميت وبيار أسولين والطاهر بن جلّون وسليم نصيب(يهودي من أصل لبناني) لن يشاركوا في الحدث البيروتي، بحجة "تردّي الأوضاع في لبنان". وبحسب الأكاديمية، هذا القرار ليس مرتبطاً بتصريحات وزير الثقافة اللبناني محمد وسام المرتضى في 8 تشرين الأوّل/أكتوبر 2022 عن التطبيع مع "إسرائيل".وأعلن الكاتب المغربي، الطاهر بن جلون، تضامنه مع بروكنير وشميت وأسولين المعروفين بمواقفهم ومعاركهم المدافعة عن إسرائيل، معلناً عدم الحضور إلى العاصمة اللبنانية.وكان وزير الثقافة محمد مرتضى قال في تصريح سابق: "بلغنا أن جهات أجنبية صديقة قد رتبت نشاطاً ثقافياً يبدأ بعد أسابيع قليلة، ويتضمن زيارة مجموعة من الأدباء إلى لبنان، لإقامة ندوات متنقلة في أكثر من مكان فيه. وأن بين هؤلاء عدداً من معتنقي المشاريع الصهيونية فكراً وممارسة، وداعميها، سواء في أعمالهم الأدبية أو في حياتهم العادية". ونبّه إلى أن "وزارة الثقافة في لبنان لن يكون في مقدورها، قانوناً وانتماء إلى الحق، أن تفتح الباب لثقافة صهيونية ولو مقنعة، أو أن تشرع لبنان ليكون منبراً دعائياً لأدب صهيوني المحتوى ولأدباء صهيونيي الأهداف والمقاصد والهوى".