على هامش التقدّم العسكري السريع الذي تحققه القوّات الأوكرانيّة على الأرض، يبدو أنّ الحكومة الأوكرانيّة مازلت تبلي بلاءً حسنًا في حشد تأييد المجتمع الدولي والمؤسسات الدوليّة لصالحها، لدعم جهودها على المستويات الدبلوماسيّة والماليّة والسياسيّة، إلى الجانب الذي تتلقاه على المستوى العسكري من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. فبعد تنديد الحكومة الأوكرانيّة بتباطؤ صندوق النقد الدولي في مساعداتها منذ شهر، عاد المجلس التنفيذي للصندوق يوم أمس للموافقة على صرف تمويل بقيمة 1.3 مليار دولار لمصلحة أوكرانيا، ضمن إطار "أداة التمويل السريع"، للمساعدة في التعامل مع "الصدمات الغذائيّة" والاحتياجات العاجلة لميزان المدفوعات الأوكراني.
إشادة بادارة الملفاتأمّا أهم ما في الخطوة، فهو إعلان المجلس الواضح عن دعمه القوي للشعب الأوكراني في ظل الحرب التي تخوضها بلاده ضد الغزو الروسي، ما مثّل رسالة واضحة لاتجاه تموضع الصندوق خلال الأزمة الماليّة الناتجة عن الغزو. مع الإشارة إلى أنّ بيان الصندوق يوم أمس تضمّن إشادات ملفتة لطريقة تعامل السلطات الأوكرانيّة مع الملفّات الماليّة والاقتصاديّة خلال الغزو، من خلال الحديث عن تقدير الصندوق لحفاظ أوكرانيا على "درجة مهمّة من الاستقرار المالي الكلّي، في هذه الظروف الصعبة للغاية"، بالإضافة إلى الإطراء على طلبها برنامج التمويل بمراقبة من الصندوق لتحفيز دعم المزيد من المانحين الأجانب.
تلبية ميزان المدفوعاتوبحسب بيان صندوق النقد، تسببت شدّة حرب روسيا ضد أوكرانيا التي بدأت منذ أكثر من سبعة أشهر بمعاناة إنسانيّة هائلة وآلام اقتصاديّة، "وسط نزوح جماعي للسكان وتدمير للمساكن والبنية التحتيّة". ومن المتوقّع نتيجة هذه الحرب أن ينكمش الناتج المحلّي الحقيقي بنسبة 35% خلال العام الحالي، مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يرفع من شدّة الحاجة للتمويل الأجنبي لمساعدة أوكرانيا في التعامل مع هذه الظروف. وهكذا، سيساعد تمويل صندوق النقد الجديد، والذي تبلغ قيمته 50% من حصّة اوكرانيا في الصندوق، على تلبية حاجات ميزان المدفوعات العاجلة، والناتجة عن النقص الكبير في تصدير الحبوب. مع العلم أنّ هذا التمويل، الذي يندرج من ضمن برنامج مُراقب من الصندوق، سيسمح للسلطات بالحصول على دعم إضافي من جهات ومؤسسات دوليّة أخرى، بالاستفادة من المصداقيّة وشهادة الثقة التي سيمنحها البرنامج لسياسات ومعالجات الحكومة الأوكرانيّة.
رزمة مساعدات أكبرصندوق النقد أعلن كذلك أنّه تلقى تأكيدات من "أصحاب المصلحة الآخرين"، أي الدول والمؤسسات الدوليّة الأخرى الداعمة لأوكرانيا في الوقت الراهن، تفيد بعزمهم مواصلة الدعم المالي الممنوح للسلطات الأوكرانيّة، للمساعدة في تحقيق مسار نمو متوازن وجدوى اقتصاديّة على المدى المتوسّط. وبذلك، أكّد البيان بشكل صريح أنّ الدعم المالي الآتي ضمن إطار هذا برنامج التمويل، يأتي من ضمن رزمة أكبر من المساعدات الدوليّة التي ستستفيد منها السلطات الأوكرانيّة، بالاستناد إلى مراقبة الصندوق لتنفيذ السلطات الأوكرانيّة السياسات المتفق عليها. ولتلقي هذا الدعم، ستستفيد أوكرانيا في الوقت نفسه من تأجيل دائنيها لاستحقاقات الديون المتوجّبة على أوكرانيا، بموجب التفاهم الذي حصل خلال شهر تمّوز الماضي.
وفي ختام البيان، أعلن الصندوق أنّه سيكون على اتصال وثيق بالسلطات الأوكرانيّة، بهدف وضع آليّات مراقبة البرنامج، بمشاركة المجلس التنفيذي للصندوق. كما سيحاول المجلس -بحسب البيان- أن يوفّر دعامة أساسيّة للسياسات المتفق عليها، لتحفيز دعم سائر الجهات الدوليّة.
دعم اميركي بـ65 مليار دولاروبعد حصول أوكرانيا على هذا التمويل من صندوق النقد، يُفترض أن تُضاف هذه المساعدات إلى نحو 530 مليون دولار من المساعدات التي وافق على منحها لأوكرانيا البنك الدولي خلال الشهر الماضي، ما رفع قيمة مساعدات البنك الدولي لأوكرانيا من بداية النزاع إلى نحو 13 مليار دولار. كما ستُضاف إلى رزمة المساعدات الأميركيّة الجديدة لأوكرانيا التي وافق عليها الكونغرس الأميركي منذ أسبوع، والتي بلغت قيمتها 12.3 مليار دولار، منها 3.7 مليار دولار على شكل مساعدات عسكريّة، ما يرفع حجم الدعم الأميركي لأوكرانيا منذ بدء النزاع إلى أكثر من 65 مليار دولار.