يدخل نواب الأمة إلى مجلس النواب يوم الخميس لعقد جلسة لإرضاء الرأي العام، وليس لانتخاب رئيس الجمهورية، بعد الدعوة التي وجهها رئيس المجلس نبيه برّي يوم أمس. فالجميع مقتنع بأن الجلسة شكلية ولن ينتج عنها أي مؤشر لملء سدة الرئاسة، بعد مغادرة الرئيس ميشال عون قصر بعبدا.
مشاركة رفع عتبالدعوة أربكت جميع الكتل النيابية، بما فيها تكتل نواب التغيير، الذي كان يفترض أنه الأكثر جاهزية بين القوى السياسية لهذا الاستحقاق، بعد إطلاق مبادرته الرئاسية. فقد حالت تباينات الآراء بين النواب إلى عدم الاتفاق على سلة أسماء في الوقت المطلوب، وأتت دعوة برّي لتربكهم، وتجعل اجتماعاتهم مفتوحة للتوصل إلى خيار ما.جميع الكتل والأحزاب ستشارك في الجلسة لرفع العتب، طالما لا توجد موازين قوى لأي طرف لفرض مرشحه، بمعزل عن عدم وجود مرشحين محددين عند أي جهة. فالأحزاب المسيحية لا يمكن أن تقاطع جلسة هدفها انتخاب الماروني الأول، والنواب السنّة لن يقاطعوا جلسة انتخاب كي لا يتهموا بالتعطيل. وكذلك الأمر بالنسبة للثنائي الشيعي الذي لا يريد تحمل مسؤولية مقاطعة الجلسة.لكن انعقاد الجلسة ربما أنهت فكرة تشكيل حكومة جديدة قبل انتهاء العهد. ما قد يفتح الباب على أزمة جدية تنفجر مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. وعلى حد وصف أحد النواب المستقلين، كأن ببرّي يقول لجبران باسيل، انتهى وقت اللعب، ولم يعد هناك من مجال للمناورة في تشكيل حكومة بصلاحيات تحل مكان رئيس الجمهورية، بحال الفراغ. لكن مصادر كتلة التنمية والتحرير لفتت إلى أن ما يقال في السياسة شيء والسوابق الدستورية شيء آخر. فالمجلس لا يتحول إلى هيئة ناخبة بعد غد الخميس. أي أن الرئيس برّي يمكنه الدعوة لجلسة تشريعية لاحقاً، بعد انتهاء جلسة انتخاب الرئيس يوم غد الخميس. "بيضة القبان"يتوزع المجلس النيابي الحالي إلى كتل عدة لا يملك أي تحالف أو ائتلاف بينها الأغلبية المطلقة ترجح فوز أي مرشح لمنصب الرئاسة. فحزب الله وحركة أمل والنواب السنة في اللقاء التشاوري يصل عددهم إلى نحو 35 نائباً، والتيار الوطني الحر مع كتلة الأرمن 21 نائباً، وكتلة "التكتل الوطني" (المردة) أربعة نواب، إضافة إلى بعض النواب المستقلين، يصل عددهم إلى 62 نائباً.لدى القوات اللبنانية 19 نائباً والكتائب اللبنانية 4 نواب وتكتل "تجدد" 4 نواب وكتلة مشروع وطن للإنسان نائبان واللقاء الديمقراطي 9 نواب، وحتى لو اجتمعوا على اسم واحد، فعددهم يصل إلى 38 نائباً.أما عدد تكتل التغيير فـ13 نائباً، وبتقاربهم مع نواب صيدا يصبح عددهم 16 نائباً. والنواب السنة المستقلين مع النواب المسيحيين المستقلين يصل عددهم إلى 12 نائباً.تدخل جميع الكتل إلى الجلسة من دون الرسو على مرشح للتصويت له والاستمرار به لاحقاً. فالكل ينتظر الكل لتحديد الموقف النهائي. ورغم وجود أسماء كثيرة معروضة في التداول إلا أن مضي أي طرف بالاسم المفضل يعني حرقه، في ظل عدم وجود أغلبية. ما يجعل من النواب السنة المستقلين بيضة القبان الفعلية، لا سيما أن إمكانية توافق تكتل التغيير مع القوات والمعارضة والاشتراكي المستحيلة، لا تؤدي إلى تجميع أكثر من 51 نائباً.النواب السنة المستقلينعلى مستوى النواب السنة المستقلين يرتفع عددهم وينخفض حسب الاستحقاق ويصل إلى عشرة نواب. لكن عدد النواب السنة المستقلين الذين على تنسيق دائم وتوافق عام في مختلف الاستحقاقات، فعددهم سبعة نواب. وهم أيضاً لم يحسموا أي خيار حول التصويت بعد، كما تقول المصادر. فهم توافقوا على مبدأ عام حول ضرورة أن يكون المرشح الرئاسي ملتزم باتفاق الطائف والحافظ على علاقات لبنان مع الدول العربية، ويتبنى فكرة لبنان أولاً ويلتزم بإصلاح البلد وبخطة انقاذ له.تكتل التغييرعلى مستوى تكتل نواب التغيير لم تحسم سلة الأسماء بعد. ليس هذا فحسب بل ثمة تفاوت بالآراء بين المشاركة والمقاطعة وحتى التصويت بالورقة البيضاء. منذ يوم أمس بدأ التكتل اجتماعات مفتوحة للتوصل إلى خيار نهائي. ففكرة المقاطعة تظهر التكتل بأنه رافض لاستحقاق دستوري وفكرة الورقة البيضاء تعني دفن المبادرة الرئاسية، لأنها تعني عدم وجود مرشح لاستكمال المبادرة. وحتى لو اتفق التكتل على اسم واحد، التصويت له في جلسة الغد يعني حرقه. إذ لم يعمل التكتل على التفاوض مع الكتل الأخرى على الأسماء، وأتت الدعوة للجلسة وباغتته، كما تقول مصادر مطلعة.حرق الأسماءالجميع مقتنع أن جلسة الغد شكلية وتأمين نصابها لا خلافات عليه. فتأمين أغلبية 86 نائباً لانتخاب الرئيس في الجولة الأولى غير متوفر، ويصار بعدها إلى فرط النصاب، وحرق الأسماء لرفع أسهمها من التداول.رغم أن جلسة الغد الأولى لانتخاب الرئيس شكلية، إلا أنها تفتح الباب لبدء عملية التفاوض الجدية في الجلسات الأخرى لانتخاب الرئيس. إذ يكفي تأمين نصاب الجلسات الأخرى بأغلبية 86 نائباً لفوز أي مرشح بـ65 صوتاً ليعتلي سدة الرئاسة. لكنها أيضاً تقفل الباب نهائياً على أن الموارنة يستطيعون الاتيان برئيس جمهورية، كما حصل في العام 2016.