بالأمس، وصل إلى أبرشية بيروت المارونية تعميمان. الأول، صادر عن البابا فرنسيس، والثاني عن "مجمع العقيدة والإيمان". قضيا "بإعادة كل من الخورأسقف منصور لبكي والخوري جورج كريم بدر إلى الحالة العلمانية"، أي تجريدهما من رتبتهما الكنسية.
وقد طلب مطران بيروت بولس عبد الساتر إعلام البطاركة والمطارنة والرؤساء والرئيسات العامات بالتعميمين من خلال مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك.الكنيسة: نصلي لضحايا هذه الجرائميدين هذان التعميمان كلا من لبكي وبدر بشكل حاسم في قضايا التحرش الجنسي التي وجهت إليهما. وإذا كان مجمع عقيدة والإيمان هو المرجع الأول للبت بالقضايا اللاهوتية والأخلاقية وقواعد السلوك داخل الكنيسة، فإن قرار البابا قاطع ، نهائي ولا رجوع عنه (irrevocable).
وفيما تحفّظ أكثر من مسؤول كنسي عن التعليق على التعميمين، أكد أحد آباء الكنيسة لـ"المدن": "نصلي في مثل هذه الأوقات لأجل ضحايا هذه الجرائم ونطلب لهم الرحمة والقوة، كما نصلي لتوبة الخطأة".لا تحب الكنيسة الكلام في هذا الملف "خجلاً من جهة، وخوفاً من التعميم، ولأن الحقائق تتحول وجهات نظر في الفضاء العام".لبكي أقرّ بالاعتداءتعود قصة لبكي إلى العام 2011 حين بدأت تصل إلى الأساقفة في فرنسا شكاوى اعتداءات جنسية على قاصرات قام بها لبكي. ثم أحيلت الملفات إلى الفاتيكان.
خرجت الإتهامات إلى العلن مع رفع سيدة فرنسية دعوى أمام المحاكم الفرنسية، تتهمه فيها بالاعتداء عليها يوم كانت بعمر الـ13 عاماً.مع تراكم الدعاوى، أقرّ لبكي بالاعتداء على ثلاث من الشاكيات، من أصل 17 مدعية قلن إنه اعتدى عليهن، حسب نص الحكم الصادر عام 2012.إدانة مجمع العقيدة وكان مجمع العقيدة والإيمان، الذي نقلت إليه منذ عام 2001 مسؤولية النظر في قضايا الاعتداء الجنسي على قاصرين، من كهنة وأساقفة، أدان لبكي "بالإعتداء الجنسي على طفلة بدأ في السابعة من عمرها وتواصل من العام 1990 حتى 1996، واغتصاب طفلة في الثالثة عشرة ما بين عامي 1996 و1997".
يومها راعى الحكم "سنّ لبكي"، فكانت عقوبته "حياة من الصلاة والتكفير عن الذنب في مكان منعزل، مع حظر أي اتصال بالقاصرين، والحرمان من المناصب الكنسية كافة، ومن إحياء القداديس، ومن تقديم أي توجيه روحي أو المشاركة في أحداث عامة، أو التصريح لوسائل الإعلام أو الكلام مع الضحايا". وهي أقصى، ويفترض أنها كذلك أقسى عقوبة يمكن فرضها على رجل دين من قبل مرجعيته الكنسية.إلى المحكمة المدنيةبالتالي، يأتي اليوم "إعادته إلى الحالة العلمانية" كـ"تحصيل حاصل". لكنه يتيح ربما، محاكمته أمام المحاكم المدنية، من دون "تهيّب"، بعد أن تبرأ منه أعلى مرجع كنسي.
يشار إلى أن مذكرة توقيف دولية صدرت بحق لبكي عام 2016، للمثول أمام القضاء الفرنسي، لكن لبنان امتنع عن تسليمه، فأدين غيابياً بالسجن 15 عاماً أمام محكمة جزائية فرنسية في تهم الاعتداء على قاصرات.
وقد طغى القرار ضد لبكي على القرار ضد بدر، كاهن رعية الحازمية منذ فترة غير بعيدة وهو متهم أيضا بالتحرش بالاطفال.
فلبكي كان قد أسس في فرنسا دور أيتام منذ العام 1990، ما سهّل له التواصل مع عدد كبير من القاصرات.
فهل يطوي القانون الكنسي صفحة حكمه لتُفتح صفحة الحكم المدني المطلوبة، احتراماً لمعاناة الضحايا وظلمهم المتمادي لسنوات؟