بعد إعلان قرار إعفاء العراقيين من تأشيرة الدخول إلى لبنان ومنحهم الإقامة لمدّة ثلاثة أشهر مجاناً، يوم الإثنين الفائت، عادت أروقة وزارة التربية لتزدحم بالطلاب العراقيين، الذين حضروا بالمئات يومي الثلاثاء والأربعاء في 13 و14 أيلول، كما تظهر الصور التي حصلت عليها "المدن" من داخل الوزارة.سير المعاملاتالطلاب العراقيون اقتنصوا الفرصة لتسليم وتسلم معاملاتهم العالقة، عقب الإضراب المفتوح لموظفي القطاع العام. فهم ينتظرون عودة العمل بالوزارة لإتمام معاملات تخرجهم من الجامعات الثلاث: الجامعة الإسلامية، وجامعة الجنان والجامعة الحديثة للإدارة والعلوم. نحو 16 ألف طالب ينتظرون معادلة شهادة الثانوية ليتسنى لهم التخرج من هذه الجامعات. فبعد قضية بيع الشهادات ووقف العراق التعامل مع تلك الجامعات، خصصت السفارة العراقية في بيروت منصة إلكترونية للطلاب لتقديم طلبات الحصول على المعادلات من وزارة التربية، للجامعات الثلاث حصراً. وتم الاتفاق على تمرير خمسين طلباً يوماً.
اعتبر الطلاب العراقيون أن الآلية المتبعة تظلمهم لأنه في ظل بطء سير المعاملات، وبعد إضراب موظفي التربية، قد يُحرم مئات الطلاب من الاعتراف بشهادتهم في العراق. فيما الموظفون في وزارة التربية يعتبرون أن "مظلومية" الطلاب هدفها تمرير عشرات لا بل مئات الطلبات لأشخاص لا يستحقون شهادتهم الجامعية، لأنهم غير مؤهلين حتى لتعبئة طلب الحصول على المعادلة. والحال، تكدست الطلبات في وزارة التربية وتكدس الطلاب الذين يريدون تقديم المعاملات بعد قرار إعفائهم من تأشيرة الدخول إلى لبنان.نهاية السمسرةتضيف مصادر "المدن": قبل قرار إلزام الطلاب بالحضور شخصياً إلى الوزارة لتقديم طلب معادلة شهادتهم، كان الطلاب يعتمدون على سماسرة لتمرير طلباتهم، وكانوا يتخرجون من الجامعات حتى من دون الحضور إلى لبنان. واليوم يضغط بعض الطلاب لإعادة الأمور إلى سابق عهدها، ومن خلال توكيل الجامعات شخصاً معتمداً منها لتقديم الطلبات. وهذا يجعل من الشخص المعتمد سمساراً بين الطلاب وبين موظفي الوزارة. أما اليوم فهم مضطرون للمجيء بالمئات إلى مكاتب الوزارة، بغية الضغط ودفع وزارة التربية إلى تعديل إجراءاتها، واعتماد مندوبين من الجامعات.
وتضيف المصادر، أن الطلاب العراقيين يريدون تمييز أنفسهم عن باقي الجنسيات، هذا رغم أن بعض الإجراءات التي تعتمدها الوزارة معهم تميزهم عن غيرهم. فبعد القرار بإلزامهم بالحضور شخصياً إلى الوزارة، تم التغاضي عن إلزامية الحصول على إقامة شرعية في لبنان للحصول على المعادلة. وهذا بخلاف باقي الجنسيات. إذ ينص القانون على أن يكون الطالب مقيماً شرعياً في لبنان. لكن البعض يريد إعادة عهد السماسرة كما كان في السابق، تقول المصادر.الإرضاء الصعببعد الإضراب المفتوح لموظفي القطاع العام تكدست طلبات الطلاب في الوزارة، ولم يتمكن الطلاب الذين لم يتقدموا بطلب معادلة من تقديمه. ارتفعت صرخة الطلاب، وهي محقة، لكن الإضراب لم يكن موجهاً ضد فئة معينة، بل شمل وقف المعاملات كلها في لبنان، تقول المصادر. وتضيف أنه بعد فك الإضراب، بدأ طلاب عراقيون يجرون وساطات مع نواب ومسؤولين وقادة عسكريين، لتمرير طلباتهم قبل أقرانهم الذين ينتظرون دورهم منذ شهور.
حيال هذه الضغوط طلب وزير التربية عباس الحلبي من الجامعات المعنية إعداد لائحة بالطلاب الذين هم بحاجة ماسة لمعادلة الشهادة، من الذين سيتخرجون قريباً. وذلك بغية تنظيم الازدحام وضمان حصول الطلاب على المعادلات، بطريقة لا تضرّ بغيرهم. فعدد الموظفين في الوزارة لا يكفي لتلبية مئات الطلبات يومياً لجميع الجنسيات، بما فيهم اللبنانيين. ليس هذا وحسب، بل إن الموظفين في الوزارة أوقفوا معاملات معادلة شهادة البكلوريا الفرنسية، وغيرها من المعادلات للبنانيين، لإرضاء الطلاب العراقيين، نظراً لتكدس طلباتهم، بعد مرحلة الإضراب، تقول المصادر.ثمن الارتكاباتوتضيف المصادر، هناك طلاب مر أكثر من ثلاثين عاماً على حصولهم على شهادة الثانوية العامة في العراق، رأوا في لبنان مكاناً جيداً لهم للحصول على شهادة جامعية بعد الحضور إلى لبنان. فالتدقيق في شهادتهم يشمل معرفة التسلسل الزمني للأعوام المدرسية التي تعلموها في العراق. والكثير منهم أعمارهم تفوق الخمسين عاماً، وانقطعوا عن الدراسة لسنوات عدة خلال مرحلة التعليم ما قبل الثانوي. لكن البعض لا يريد لوزارة التربية أن تدقق في هذه الأمور، ويريد الحصول على المعادلة فوراً كي يتخرج بشهادة ماجستير من لبنان، حتى لو أنه لا يجيد كتابة بعض الكلمات في طلبات المعاملات. فهذا البعض لا يريد التدقيق في التسلسل الدراسي كما ينص القانون اللبناني، كما أكدت المصادر.
لقد ظلمت الجامعات الطلاب العراقيين بقبولها هذا الكم الكبير من الطلاب. ففي السابق كان مندوب الجامعة يخلّص معاملاتهم، وحصلت شوائب كثيرة. لكن عندما بدأ التدقيق الجدي بطلباتهم بعد قرار إلزامهم بالحضور الشخصي إلى لبنان، ارتفعت صرخة البعض منهم من الرافضين لسلوك معاملاتهم المسار القانوني. وبالتالي مشكلتهم ليست مع وزارة التربية، بل مع الجامعات التي تسجلوا فيها بالآلاف. ودفع غالبية الطلاب ثمن الارتكابات التي حصلت سابقاً، تقول المصادر.