يواصل أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت تحركاتهم ومتابعاتهم اليوميّة، منعاً لطمس الحقيقة وتضليل التحقيقات. وانتقلت حركتهم الميدانية إلى خطوة قضائيّة جديدة، بعدما تقدّمت مجموعة من الأهالي بشكويين جزائيين ضد كلّ من وزير العدل اللبناني هنري الخوري، ووزير المالية يوسف الخليل.شكاوى جزائيةوفي التفاصيل، تقدّم المحامي الموكل من مجموعة من أهالي الضحايا، المحامي شكري حداد، يوم الإثنين 12 أيلول، بشكويين جزائيين بحقّ كلّ من وزير العدل ووزير المالية، مع اتخاذ صفة الإدعاء الشخصي ضدهما، أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت، بجرائم المادتين 376 و377 من قانون العقوبات اللبناني، وهي استغلال نفوذ، الإخلال بالواجبات، جلب منفعة لغيرهما، والإضرار بالغير.
وأتت هاتان الشكويان نتيجة استياء أهالي ضحايا المرفأ من تعاطي كل من وزير العدل والمالية فيما يتعلق بقضية تفجير المرفأ، وذلك بعد تمنّع وزير المالية عن توقيع التشكيلات القضائية من دون أي سند قانوني، إلى جانب كتاب وزير العدل الأخير الذي طالب فيه مجلس القضاء الأعلى بتعيين قاض رديف للقاضي البيطار، ما أثار امتعاض الأهالي الذين اعتبروا هذه الخطوات تؤدي لتعطيل التحقيقات، وتجعل القضية منسيّة، وتحولها إلى مسألة إجراءات لإخلاءات السبيل فقط.شكوى قدح وذموتعليقاً على اتهام وزير العدل أهالي الضحايا، مساء يوم الأربعاء الفائت، بأنهم مسيسون وتابعون لسفارات وهناك من يدعم تحركاتهم، وأنهم يتقاضون المال ويُدفع لهم للتحرك بواسطة سيارات تؤمّن لنقلهم.. تقدم الأهالي بشكوى جديدة اليوم، الثلاثاء، ضد الوزير خوري بجرائم القدح والذم، على خلفية كلامه بحق الأهالي، وطالبوا إحالة الشكوى إلى المراجع المختصة لإجراء التحقيق معه، وتوقيفه وانزال أشد العقاب بحقه، مطالبينه بالاعتذار العلني من جميع الأهالي، عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع ووسائل التواصل الاجتماعي، وإلزامه بدفع ليرة لبنانية كتعويض رمزي عما أصابهم من ضرر لا يقدر بمال.
وفي حديث "المدن" مع المحامي شكري حداد، المتابع لقضية أهالي ضحايا المرفأ منذ عام 2020، قال إن ملجأ الأهالي الوحيد هو القانون واللجوء للقضاء لتحقيق العدالة وكشف الحقيقة. وتبعاً لتصريحات الوزير هنري خوري الأخيرة بحق أهالي الضحايا، لجأنا إلى رفع الدعاوى ضده وضد وزير المالية. ونحن بصدد اعتماد كل الأساليب القانونية والمسموحة للحصول على حقوقهم. وأكد أنهم بانتظار تعيين موعد جلسة في الفترة المقبلة للنظر في الدعوى.لا تعليقوفي اتصالٍ هاتفيٍ لـ"المدن" مع وزير العدل اللبناني، هنري خوري، اكتفى بالقول "لا تعليق". وأوضح بعدها، أنه لم يتعرض للأهالي بشكل مباشر، مؤكداً أنه يتضامن معهم ويسعى لمعرفة الحقيقة، إنما يشير إلى "وجود طابور خامس يسعى لعرقلة الأمور، وهو الذي يقوم بهذه التحركات"! وقال "إن الأهالي شتموه وأهانوه وأهانوا أفراد عائلته، فيما هو يعيد ويكرر أنه "لا يقصدهم أبداً، إنما قصد طابوراً خامساً يتواجد على الأرض وعليهم أن يعوا جيداً خطورة هذا الموضوع". ورداً على سؤال "المدن" عما إذا كان سيعلن عن اسم القاضي الرديف هذا الأسبوع، تمنّع عن الرد واكتفى بالقول: "لا أعلم شيئاً، لم أذهب إلى المكتب اليوم". استمرار التحركاتوفي حديث "المدن" مع أهالي الضحايا، أكدوا أنهم سيتابعون تحركاتهم على الأرض ولن يساوموا أبداً وأنهم سيصعّدون أكثر، عن طريق التحركات القضائية والميدانية. ورغم تأكيد وزير العدل بإبقاء القاضي البيطار، لكن مع وضع قاض رديف لحلحلة ملف اخلاءات السبيل، إلا أنهم لن يقبلوا أبداً بتقسيم القضية بين قاضيين.البيطار سيواجهوحسب معطيات "المدن"، فإن القاضي طارق البيطار لا يزال بانتظار لحظة إعلامه بالقاضي الرديف، وهو يحاول إيجاد مخرج قانونيّ للحفاظ على ملف التحقيق، وعدم تقديمه للقاضي الرديف. كما أنه متمسّك بشدة بقضية المرفأ، ولن يتنازل عنها. لذا، سيحاول إيجاد أي طريقة قانونية لمواجهة هذه "الهرطقة القانونيّة". وعليه، فإنه سيستبعد الاستقالة والانسحاب، وسيواجه حتى اللجظة الأخيرة.
وحسب المعطيات، فإن القضاة إيلي الحلو وسامر ليشع وفادي عنيسي رفضوا تعيينهم كقاض رديف، في حين يتم التداول باحتمال موافقة القاضية سمرنده نصار لمتابعة هذه القضية (راجع "المدن").لقاء مؤجّلومن خلال التواصل مع مجموعة أهالي ضحايا فوج الإطفاء، المتمثلة بوليام نون، شقيق الشهيد جو نون، أشار لـ"المدن" أن مجموعة فوج الإطفاء تجهّزت يوم الثلاثاء للقاء القاضي سهيل عبود في العدلية، لمناقشته بآخر المستجدات المتعلقة بالقاضي الرديف وبكف يد القاضي البيطار، إلا أن القاضي عبود لم يحضر اليوم إلى العدلية. فاضطروا إلى تأجيل اللقاء إلى يوم الخميس المقبل.
يبدو أن أهالي ضحايا المرفأ يواجهون صراعاً واضحاً مع المنظومة السياسية، التي تسعى لطمس التحقيقات، لمنافع شخصية وسياسية، فيما يحاول الأهالي استعادة كرامة ضحاياهم عن طريق تحقيق العدالة. فيما يبقى السؤال، في حال تمنع البيطار عن تسليم ملفه للقاضي الرديف المزمع تعيينه، هل سيعمل مجلس القضاء الأعلى على استخدام القوى الأمنية لفتح مكتبه والاستحصال على الملف أم سيدعون عليه بجرم التمرد؟