2024- 09 - 28   |   بحث في الموقع  
logo قصف إسرائيلي على الضاحية.. وإعلان من العدو logo غارات جديدة متتالية على الضاحية الجنوبية logo بايدن يوجه البنتاغون لتعديل وضع القوات الأمريكية بعد ضربات بيروت logo غرفة إدارة الأزمات توجه نداء عاجلاً للنازحين logo الجيش الاسرائيلي: “سنضرب خلال ساعات” logo بالفيديو: غارات عنيفة على الضاحية logo الأردن: نتنياهو يجر المنطقة إلى حرب شاملة ويجب إيقافه logo بالفيديو: حركة نزوح كثيفة من الضاحية الجنوبية
حُلول الصاروخ في الرغيف
2022-09-13 20:26:03

ضيّع "حزب الله"، أو فلنَقُل جمهوره، فرصة ذهبية لصوغ الرد المسبوك على خبر موقع "إم تي في" الذي قرع جرس إنذار، مثير للشفقة والضحك والاشمئزاز في آن معاً، إذ أخافه، مع المواطنين في كسروان، انتشار منتجات "أفران الهادي" في المنطقة، مشيراً على لسان "مصدر كسرواني" إلى "المقاطعة العفوية" لهذا "الغزو الغذائي" بعد "الغزو الثقافي".بعَقل بروباغندي بحت، ولو أن الجيش الالكتروني الأصفر ضمّ عنصراً فهلوياً واحداً على شيء من الموهبة المتجاوزة لقريحة المُنشد علي بركات، لرأى أن الخبر يختزن في ذاته بذور ردٍّ صاروخي مُفحِم: تمييز أقرب إلى منطق النازية، فَوقية، نَفَس تقسيمي على المستوى الوطني، وعنصري على المستوى الطائفي والمذهبي، وطَبَقي وشوفيني من قبل الفئة اللبنانية التي – إن سلّمنا بالمنطق التجاري الطائفي – لطالما تركزت فيها الاحتكارات التجارية وسواها، و"غزت" منتجاتها مناطق "الآخرين". والأهم من ذلك كله، هو انفصال الهواجس التي تشكل خلفية الخبر، عن الكارثة المحيطة بالرغيف اللبناني عموماً، فتفرّغ كاتبه لاستهوال الخبز الشيعي في المناطق المارونية.بل إن الردّ الطبيعي والبديهي هذا، كان ليتّسق تماماً مع سردية المظلومية التي يصدّرها الحزب وبيئته، بدءاً من محاولات إسقاط المرويات العاشورائية على الحاضر، ولو عنوة، وصولاً إلى ما عبّر عنه حسن نصر الله في خطابه ذات يوم، حين قال: "لن نعود ماسحي أحذية". وهي المظلومية التي ما عاد خطاب "حزب الله" يجيد إدارتها وإعادة إنتاجها، رغم المحاولات الحثيثة والمستمرة، لأنها، بكل بساطة، ما عادت معبّرة عن واقع إحدى أقوى الجماعات السياسية والعسكرية وربما الاقتصادية، في لبنان والمنطقة، إن لم تكن الأقوى والأكثر نفوذاً.لكن الواقع أن حتى البروباغندا تبقى في حاجة إلى شيء من التواضع والسياسة، ولو فقط من أجل التلميع وشقلبات الـspin doctor. أما ردّ بيئة حزب الله وضاحيته، فتركّز على الاقتباس من نشيد علي بركات، العبقري -للأمانة- في واقعيته وصدقيته لجهة نقل الأجواء الحقيقية المهيمنة سياسياً وثقافياً على شيعة الحزب. وبدلاً من "هزّ العصاية بإيدك/ واحد واحد ربّيهن"، تفتّقت السخرية، المحدودة بالإيديولوجيا والإحساس بفائض القوة عن: "رقّ العجين بإيدك/ واحد واحد ربّيهم".. أو "واحد واحد طعميهم/ نحن نار بواريدك/ نحن الموت الجاييهم".وفي ردود أخرى، تناولت موقع حزب "الكتائب" الذي كان نقل خبر "إم تي في" ليوم واحد قبل أن يعود ويحذفه، فهي أن رئيسه سامي الجميل سبق له أن أكل من "خبز السنّة" في إشارة إلى زوجته السنّية من طرابلس. إضافة إلى التهمة الإسرائيلية الجاهزة لكل مَقام ومَقال: "ما هني معوّدين ياكلوا من إسرائيل"... و"راعبهم إسمك".. و"كيف إذا بيشوفوا قميص أسود أو رجال الله؟ أكيد بيهاجروا"... والأكثر تعبيراً كانت التنويعات على إطلاق أرغفة الخبز كصواريخ أو متفجرات في كسروان.في لبنان، مثل هذا الخبر المُخجِل.. يستتبع مثل هذه الردود الكليشيهات. ليس في الأمر ما يَسُرّ. لكن ليس فيه أيضاً ما يدعو لكثير استغراب، سوى ربما في ما يخص انخفاض منسوب الذكاء، حتى في لعبة القوة والمعاني المفترض أن تقوم على هزيمة الخصم بالحُجّة، في ملعبه وبأدواته، بصواريخ الحق والصواب، بدلاً من الصواريخ التي تُربّي قليلي الأخلاق، وقبل الترهيب والزهو بالقدرة على بث الموت والرعب، وإلا جرت المساهمة في تحويل هذا الخصم ضحيةً مضاعفة، ما يعزز مبررات الخبر المقيت الرّهابي أصل الحكاية. لكن هيهات... منّا الذلّة!متوقّع هذا كله، وعادي، رغم تفاهته، في بلد تنعدم فيه السياسة، مثلما تنعدم الكهرباء والأدوية والأمن والعدالة والسيولة النقدية. في غياب السياسة والمؤسسات، تمسي الرموز هي اللغة. أبخس الرموز، وأكثر الكلمات ضحالة. تزدهر الطواطم، لكنها طواطم عاقر، مُفرغة من السّحر، مدججة بالقداسة من دون إله ذي قيمة أو معنى. تطفو الغرائز المفهومة وغير المفهومة على سطح النقاش والتخاطب، وتتقزم النزاعات لتزداد أذية، وتضمحل القضايا الأساس. حتى الأزمات تُجرَف بعيداً من جوهرها، إلى التحريض المحض. بل يفقد التحريض ثقله الصلب إذ ينقلب سُخفاً، فيجد واحدنا نفسه متأسفاً على فقدان الشرّ الأصيل معناه لصالح الغوغائية. هكذا، وفي نسخة ممسوخة من حلول الناسوت في اللاهوت، تحلّ الصواريخ والمخاوف الوجودية في الرغيف.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top