انتهت انتخابات الصف الأول في الجماعة الإسلامية في لبنان بفوز الفريق المحسوب على حركة حماس وحزب الله فوزاً كاسحاً، على حساب التيار الذي يقوده الأمين العام السابق عزام الأيوبي، والذي يعد أقرب للتوجهات التركية. وهذا الفوز تجلى اليوم بفوز الشيخ محمد طقوش بمنصب الأمانة العامة خلفاً للأيوبي. بالمقابل، فشل الأيوبي بالفوز بمنصب رئيس مجلس الشورى، وفاز منافسه محمد شاتيلا بفارق 11 صوتاً.
وحسب مصادر مطلعة، فإن طقوش حصد في الجولة الأولى 23 صوتاً في مقابل 11 صوتاً حصل عليهم رئيس هيئة علماء المسلمين أحمد العمري، والذي يحمل الجنسية التركية. فيما شهدت الدورة الثانية فوز طقوش بثلاثين صوتاً مقابل 6 للعمري. وحسب المصادر ذاتها، فإن الفريق المقرب من حماس وحزب الله قاد مجموعة اتصالات مساء الجمعة، بهدف تعديل خياره من انتخاب محمد الشيخ عمار إلى انتخاب طقوش، والذي يعتبر مرشح مواجهة لا مرشح تسوية داخلية.طقوش مرشح حماسويشير مصدر مقرب من الجماعة الإسلامية أن محمد طقوش، والذي يعتبر من الجيل الرابع داخل التنظيم اللبناني، يعمل موظفاً متفرغاً في أحد أجهزة حركة حماس، جرى طرحه بمشاورات مشتركة بين حزب الله وحركة حماس. ويؤكد المصدر أن طقوش، والذي عمل لسنوات أستاذاً للتربية الدينية في مدارس الجماعة في بيروت، بالإضافة للإمامة في بعض المساجد، كان قد تولى في المرحلة التنظيمية 2012-2015 مسؤولية رئاسة مكتب بيروت في الجماعة، وشهد عهده استقالات جماعية لمجموعة شبابية، على خلفية عدم اندفاعه للعمل لصالح الثورة السورية بكونه مقرباً من خط حزب الله. كذلك تولى طقوش مسؤولية الجهاز الأمني في بيروت لسنوات طويلة.
ويشدد المصدر أن اختيار الأمين العام الفائز أتى بتنسيق كامل بين أجهزة أمن حماس والجماعة وحزب الله. والأخير كان قد أبلغ الجماعة أنه لن يتعاطى مع العمري في حال انتخابه، لكونه على خصومة مباشرة مع الحزب، ولأنه دعم بشكل كبير حركة المعارضة السورية خلال سنوات الثورة.إقصاء فريق الأيوبي والحوت: نموذج السنواروأمام هذه النتائج المتوقعة، فإن الفريق الفائز في إدارة الجماعة أبلغ كل المعنيين داخل التنظيم، أنه ليس بوارد فتح صفحة جديدة مع فريق الايوبي والنائب عماد الحوت، ويفضل أن يخوض تجربة الفريق الأوحد، تيمناً بتجربة فريق يحيى السنوار في حركة حماس، والذي استطاع إقصاء تيار خالد مشعلز وتشير المعلومات إلى أن طقوش وبالتنسيق مع الفريق الذي أتى به للمنصب، سيسمي محمود بديع نائباً له، بالإضافة لتسمية محمد هوشر رئيساً للمكتب السياسي، وسامي الخطيب مسؤولاً لوحدة التخطيط والتربية، بالإضافة لتسمية مصطفى الحريري مسؤولاً للدعوة، وإعادة تسمية مقداد قلاوون مسؤولاً أمنياً بكونه مقرباً من حماس والحزب.
وهنا تشير أوساط مقربة من الجماعة أن هذا الخيار سيدفع لإنشقاق كبير داخل الجماعة، وتحديداً لدى الفريق المناهض للإلتصاق بحزب الله. كذلك فإن الأوساط ذاتها تتوقع انكفاء النائب عماد الحوت عن الجماعة، وربما استقالته مع عزام الايوبي وإيهاب نافع رفضاً للخيارات الجديدة.في إطار متصل، فإن انتخاب طقوش أثار داخل صفوف الجماعة حالة من النقاشات الحادة، وتحديداً عبر المجموعات الخاصة على تطبيق "واتساب". وذلك بين مؤيد ومعارض، حيث اعتبر البعض أن انتخابه هو انتقال لضفة الممانعة، فيما آخرون اعتبروا أنها الديموقراطية المفتقدة داخل الأحزاب السياسية.
كذلك تؤكد المصادر أن الفريق الذي جرى فصله تنظيمياً خلال مرحلة الأيوبي، على خلفية الصراعات على المؤسسات والجمعيات، إضافة إلى آخرين على خلفية ملفات أمنية، كانوا جزءاً من ماكينة التسويق لطقوش في الساعات الأخيرة، حيث ستجري إعادتهم إلى صفوف الجماعة في أول جلسة "مكتب عام"، بحجة لمّ الشمل وإعادة اللحمة للتنظيم.تحديات البقاء: الحزب ودمشق والخليجوتنتظر الأمين العام الجديد مجموعة خيارات داخلية وخارجية، على رأسها استمرار سياسة التنسيق والانفتاح على حزب الله بوتيرة متسارعة. كذلك تؤكد المعطيات أن الفريق الأمني داخل الجماعة يدفع نحو إعادة العلاقة مع النظام في سوريا على غرار ما تفعله حماس منذ سنوات. ووفقاً للمعلومات، فإن مسؤول جهاز الأمن في الجماعة الإسلامية التقى منذ اشهر مسؤولين في أحد أجهزة الأمن السورية، بغية إعادة ربط العلاقة بين الطرفين.
بالمقابل، فإن الفريق الجديد داخل الجماعة يجمع على عدم جدوى إعادة العلاقة مع دول الخليج، وخصوصاً أن السعودية -وعلى الرغم من مساعي الجماعة لفتح ثغرة في جدار العلاقة معها- لم تبادر لفتح صفحة جديدة مع التنظيم الإخواني. بالمقابل، فإن فريق "الأمن والعسكر" والذي نجح في إيصال طقوش، يقول في كل مجالسه العامة والخاصة إن تركيا غير مهتمة بالملف اللبناني، وهي لا تريد دعم فصيل إخواني في لبنان. لذا، يجب البحث عن خيارات أخرى كالعلاقة مع إيران وحزب الله ومستقبلاً مع النظام السوري.