يعيش أساتذة الجامعة اللبنانية صراعاً مع عمداء وأساتذة متفرغين ومتعاقدين قرروا فك الإضراب عنوة عن إرادة رابطتهم النقابية. فبعد نحو شهرين على الإضراب المفتوح لتحصيل مطالبهم، شلّت الجامعة وأقفلت أبوابها أمام انطلاق العام الدراسي الجديد واستكمال العام الحالي بإجراء الامتحانات الفصلية للطلاب. وتوالت الضغوط التي تمارس على الأساتذة ولا سيما المتعاقدين منهم للعودة إلى إجراء الامتحانات. وصدرت مراسيم وتعاميم لمنحهم المساعدات التي لم يحصلوا عليها، لضعضعة صفوفهم. ولجأ عمداء إلى بدء تنظيم الامتحانات والتحضيرات للعام الدراسي الجديد، من خلال إطلاق الأعمال التحضيرية وتنظيم امتحانات الدخول إلى الكليات للطلاب الجدد.
الاستمرار بالإضرابوحيال هذه الضغوط عادت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية وقررت استمرار الإضراب المفتوح، مشيرة إلى أنها غير مستعدة للنقاش في أي موضوع قبل تحويل جميع المستحقات المتأخرة. وشددت على أن أساتذة الجامعة لن يتراجعوا هذه المرة عن هذه المطالب، وعن حقهم في راتب حقيقي ضامن مرتبط بسعر الصرف الحقيقي.وقالت في بيان صدر اليوم الخميس في 8 أيلول، إن كل مزايدة يتعرض لها الأساتذة بما يتعلق بمصلحة الجامعة والطلاب هي مزايدة مرفوضة وظالمة وغير موضوعية. وتؤكد أن كل دعوة توجَّه الى الأساتذة للعودة عن الإضراب في هذه الظروف المذكورة أعلاه، هي دعوة في غير مكانها وغير واقعية.استثناء الجامعةوكانت "الهيئة التنفيذية" عقدت اجتماعاً مساء يوم أمس الأربعاء وأصدت بياناً ذكرت فيه أن الجامعة "تأسست بجهود وتضحيات أبناء هذا الوطن، وأثبتت جدارتها على الصعيدين المحلي والدولي. وهي اليوم صاحبة النصف مليون خريج ممن يُشهد لهم بالألمعية والمستوى الرفيع ويرفدون الاقتصاد اللبناني بمئات ملايين الدولارات".وقالت إن "الدولة تعمدت منذ سنوات عديدة الإمعان في التدخل السافر في عمل الجامعة الإداري، وفي إهمالها وإضعافها، عبر تخفيض موازناتها وخنق أهلها، في استهداف صارخ لأمنهم الصحي والاجتماعي بالرغم من تضاعف عدد طلابها".ولفتت إلى "أن موازنة الجامعة اللبنانية، التي تشمل رواتب أهلها وكلفة تشغيلها وتطويرها لم تتغير منذ العام 2019، وفقدت أكثر من 90 بالمئة من قيمتها بفعل الأزمة الاقتصادية".وتابعت أن "الدولة اللبنانية عدلت موازنات التشغيل في وزاراتها لتأمين الوقود والقرطاسية والمواد الأساسية، واستثنت من ذلك وبشكل فاضح الجامعة اللبنانية". سرقة فحوص كوروناوذكّرت بأن "المجمعات الجامعية في حالة الإقفال القسري بفعل فقدان القدرة التشغيلية بالحد الأدنى من كهرباء ووقود وانترنت ومواد مخبرية وصيانة وتنظيف. وأساتذة الجامعة اللبنانية وأهلها من موظفين ومدربين لم يتقاضوا اي مساعدة اجتماعية من الدولة اللبنانية منذ أكثر من ثمانية أشهر. ولم يتقاضوا حتى اللحظة مساعدة نصف الراتب المقررة للقطاع العام منذ مطلع العام الحالي، وقد فقدت قيمتها بفعل الارتفاع المخيف لسعر الصرف. ولم يتقاضوا بدل النقل عن الحضور منذ العام الماضي. ولم يتقاضوا حتى اللحظة الراتب الإضافي عن شهري تموز وآب. وحرم الأساتذة من مساعدات الـpcr المتفق عليها مع إدارة الجامعة منذ أشهر عديدة. وتمت سرقة وقحة لمستحقات الجامعة اللبنانية من أموال الـpcr عبر مطار رفيق الحريري الدولي".وتابعت أن الأساتذة المتعاقدين بالساعة لم يتقاضوا مستحقاتهم منذ اكثر من سنة وقد فقدت قيمتها الشرائية. وملفات الجامعة الأساسية والضرورية لاستمرارها من ملاك وتفرغ وعقود المدربين وتعيين مجلس الجامعة لم يتم اقرارها في مجلس الوزراء. والجامعة تستنزف بفقدان رهيب لكادرها الأكاديمي والإداري".راتب باشتراك كهرباءوأضافت أن راتب الأستاذ الجامعي أصبح يوازي اشتراك كهرباء 5 أمبير على الأكثر. وأساتذة الجامعة اللبنانية أصبحوا غير قادرين على تعليم أبنائهم. وقد سقط أمنهم الصحي والاجتماعي عبر إضعاف صندوق تعاضدهم وتعمد التقصير في دعمه وعدم مساواته بالجهات الضامنة الرسمية الأخرى. وهم لا يستطيعون سحب مستحقاتهم من المصارف على قلتها.وأكدت الهيئة استمرار الإضراب المفتوح الذي أقرته الهيئة العامة للأساتذة، داعية إلى الالتزام التام بالتوقف عن كافة الأعمال الأكاديمية. وهي لا تملك حتى اللحظة أي معطيات إيجابية جدية وواقعية، لعرضها على الهيئة العامة للأساتذة لاتخاذ التوجه المناسب.لا عام جامعياًوشددت على أنها غير مستعدة للنقاش في أي موضوع قبل تحويل جميع المستحقات المتأخرة. وقالت: "في حال عدم وجود استراتيجية واضحة لعودة التعليم الحضوري، وتعديل رواتب الأساتذة بما يتناسب مع الوضع الحالي، فليعلم الجميع بكل وضوح أنه لا عام جامعياً مقبلاً ولا إنهاء للعام الحالي".
وأضافت: "نريد كل ذلك، ونطالب بالحفاظ على مكانة الأستاذ الجامعي في سلم الرتب والرواتب التاريخي للجمهورية اللبنانية، بالمقارنة مع مختلف الفئات الوظيفية. وحفظ حق الناس براتب مناسب للوضع المستجد وبالضمانات الصحية والاجتماعية. وهناك 52 مليون دولار من حق الجامعة مسروقة، نريد استعادتها. والسارقون معروفون".
وأوضحت أن "أساتذة الجامعة لن يتراجعوا هذه المرة عن هذه المطالب وعن حقهم في راتب حقيقي ضامن مرتبط بسعر الصرف الحقيقي. ويتوجهون إلى الشعب اللبناني وإلى طلابنا الأعزاء وأهلهم: لقد خيرنا بين تخريج الطلاب هذا العام وبين الجامعة، فاخترنا الجامعة لكم ولأبنائكم ولكل الأجيال القادمة. وندعوكم للتحرك للحفاظ عليها. لن يقبل الأساتذة توزيع شهادات مجانية لأحد ولا بالتعليم من بعد، وهو غير قانوني ويؤدي خلال فترة قصيرة إلى عدم الاعتراف بشهادات الجامعة، ويضرب مستواها الذي لطالما تميزت به. فلتتخذ كافة الإجراءات التي تؤمن مقومات عودة التعليم الحضوري إلى الجامعة".