2024- 09 - 29   |   بحث في الموقع  
logo برقيات ورسائل تعزية محلية وإقليمية بالسيد نصرالله logo عبدالله يشكر جمعية البرجين الثقافية على تبرعها لمستشفى سبلين logo إفتتاح مركزاً جديداً لجهاز الطوارئ والاغاثة .. في عكار logo "جرّاء غارتين اسرائيليتين"... استشهاد 7 مسعفين جنوباً logo السفارة الإيرانية: استشهاد نيلفروشان إلى جانب نصرالله تأكيد على رابط الدم logo "لم يكن شخصية معروفة"... اغتيال أحد "العقول الاستخباراتية" لحزب الله logo "بعد اغتيال نصرالله"... خطوة أميركية في الشرق الأوسط logo "مرحلة خطيرة ودقيقة من تاريخ وطننا"... بيانٌ "هامّ" للجيش اللبناني!
محمد شوقي الزين... سرقات فرويد وفقر غدامير
2022-09-08 10:56:11

انتهيتُ هذه الصائفة من قراءة سيرتين، الأولى لميشال أونفري حول سيغموند فرويد، والثانية لجان غروندان حول غادامير. سيرتان ضخمتان، لا تخضعان للمعايير البيوغرافية نفسها. فيما يُشدِّد أونفري على دور سيرة الحياة في بلورة فكر الفيلسوف وأن كل شذرة حياتية لها بشكل أو بآخر مبنى معرفي للمذهب؛ يتحفَّظ غروندان قائلًا بأن الهيدغريين، ومن بينهم غادامير، كانوا يرفضون هذا الربط شبه العلِّي، عن غير وجه حق، بين السيرة والفكر. كذلك، اختلاف في الرؤية إلى سيرة الفيلسوف: فيما كانت سيرة أونفري المخصصة لفرويد عبارة عن تفكيك لما يُسمِّيه أسطوريات فرويد عندما جعل حياته الخاصة نموذجًا للنفس البشرية كلها عبر معجم معروف ومثبَّت اليوم (الكبت، القتل الرمزي للأب، اللاشعور، التسامي...)، كانت سيرة غروندان المخصصة لغادامير قراءة في المسار الاستثنائي للفيلسوف الذي عَبر القرن العشرين بتحوُّلاته الكبرى وانهياراته في الحروب العالمية.
1. ما ينبري من سيرة أونفري أن فرويد مختلق وسارق، حيث تعامى عن الكثير من المصادر التي تُرجع ميلاد التحليل النفسي واكتشاف قارة اللاشعور قبل أبحاثه التي أجراها في باريس تحت إدارة شاركو، وحتى بعد عودته إلى فيينا وفتح عيادة يكون فيها العلاج شبه سحري وباطني لا يخضع إلى الطب النفساني المتداول في عصره. نعته بأنه أقرب إلى المعلّم الروحي (gourou) منه إلى طبيب معترف بكفاءاته. ثم إن التحليل النفسي في نظر أونفري عبارة عن أدب جميل بمجموع الأدوات الاستعارية والبلاغية والخيالية، وليس له أي سند موضوعي يمكن التحقُّق من علميته، مُدعِّما الكتاب الجماعي بهذا الشأن "الدفتر الأسود للتحليل النفسي". لكن، سيرة أونفري تُقرأ بالمسافة الضرورية التي تتطلبها كل قراءة، بمعنى أن أونفري يقرأ وفق استراتيجية أساسية هي ما يُسميه "ضد تاريخ الفلسفة"، ويضع الفلسفات التفكيكية وما بعد الحداثية في سلَّة المهملات العدمية والخرافية. من ثمَّ، فإن التحليل النفسي لفرويد هو كذلك "باروكية فلسفية" عجيبة الأطوار والمعجم واللغة، لا تصمد أمام كلاسيكية الفكر البشري الذي يقوده العقل وحده. بما أن أونفري حدَّد سياسته الفكرية، فإن الحدوس والنباهات واللطائف التي لم ترتقِ إلى المفهوم، لكن مع ذلك هي أصوله المتوارية بالجذر الألماني (Ur-)، لا يُعوَّل عليها.
2. ما سرُّ تعمير غادامير (102 سنة)؟ لا شيء. إذا علمنا أنه عانى من الفقر خلال 35 سنة (من 1914 إلى 1949)، وأحيانًا المجاعة إلى غاية أن هيدغر دعاه هو وزوجته فْريدا إلى أن يعيشا في بيته إلى غاية أن تتحسَّن ظروفه المعيشية. زيادة على مرض بُوليُو (الشلل) الذي أصابه في شبابه. عاش في ظرفٍ صعب، كان يُملي عليه الصمت خلال الحكم النازي، ثم التحفظ خلال الاحتلال السوفياتي لألمانيا الشرقية عندما كان مدير جامعة لَيْبتسغ، قبل أن يرحل إلى ألمانيا الغربية (الفيدرالية) ليُدرِّس في فرانكفورت ثم هايدلبيرغ تحت احتلال الحلفاء (أميركا، بريطانيا، فرنسا) لألمانيا. غير أن سعة الرؤية والارتقاء بالفهم إلى جذرية التأويلية (أو الهيرمينوطيقا) جعله يُنمِّي شيئًا من الأمل، وغالبًا ما كان يقول بأن المتشائم يفتقر إلى النزاهة والشرف. ثم أظهر غروندان نفور غادامير من السياسة، وإن كان يُبدي خلال الحُكم النازي مُكرهًا ولاءه المزيَّف، خصوصًا بعد محاولة اغتيال هتلر في 20 يوليو/تموز 1944، وما انجرَّ عنها من حملة اعتقالات واسعة شملت الآلاف بما في ذلك محامين وأساتذة وطلبة وعلماء. ما كان يُبرزه غادامير هو "كرامة الفكر"، وأن الفيلسوف، وإن كان في الغالب يبدو "سياسيًا رديئًا" عندما يتقلَّد المناصب السياسية، لكن لا يُضحِّي بكرامة الفكر من أجل مزيَّة أو هديَّة. هذا يُفسِّر الاحترام والتبجيل الذي ناله في حياته من طرف الساسة، من طرف المستشار الألماني الأسبق هلموت كول، والرئيس الألماني. كان في مقام أن يأتي إليه السياسي، لا أن يذهب هو إلى السياسي. لأن كرامة الفكر لا تُقارن بتقلُّبات السياسة.
(*) مدونة نشرها الباحث الجزائري محمد شوقي الزين في صفحته الفايسبوكية


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top