لم يتمكّن رئيس حكومة تصريف الأعمال من إقناع نقابة موظفي أوجيرو بالعودة عن الإضراب، رغم إطلاقه وعوداً بتلبية كافة مطالبهم. كافة المطالب، بما يشمل المطلب الرابع أي زيادة غلاء المعيشة على الرواتب. وهو المطلب الذي رفضه ميقاتي منذ بداية الإضراب. أما السبب فيعود لانعدام ثقة الموظفين بوعود الحكومة.
اعتمدت الحكومة مع نقابة موظفي أوجيرو الأسلوب نفسه الذي درجت على اعتماده مع باقي القطاعات والتحركات المطلبية. غير أن موظفي أوجيرو لم يتراجعوا أمام الوعود، بل أصرّوا على ترجمتها فعلياً على الأرض، إن عبر إصدار المراسيم التطبيقية لتلك الوعود، أو عبر فتح اعتمادات مالية لها. إصرار الموظفين على السير بالمطالب أحرج الحكومة وفاقم عجزها في ظل تزايد الأعطال على شبكة الإنترنت والاتصالات وتوقف عمل العديد من السنترالات.
وأكثر من ذلك، لعب عامل الانتخابات المقبلة لنقابة عمال ومستخدمي أوجيرو، التي لا يفصلنا عنها سوى اسابيع قليلة، دوراً إيجابياً في توحيد موقف النقابة. علماً أن محاولات عديدة جرت لممارسة ضغوط على المستخدمين والقيّمين على النقابة، لحل الإضراب قبل التوصل إلى تحقيق فعلي للمطالب. لاسيما أن نقابة مستخدمي أوجيرو كغالبية النقابات المولودة من رحم أحزاب السلطة والمحادل السياسية، لها حساباتها ومرجعياتها الحزبية. غير أن الضغوط لم تفلح أقله حتى اللحظة في فك الإضراب، بل جُبهت بتمسّك الموظفين بالمطالب كـ"سلّة واحدة".لقاء صباحيالعرض الذي قدّمه ميقاتي ليل أمس الثلاثاء لنقابة موظفي أوجيرو لم يكن عرضاً بقدر ما هو وعد بتنفيذ مطالبهم، من هنا لم ترفضه النقابة إنما ردّته مع الاشتراط بترجمته فعلياً، على ما يكشف مصدر من نقابة موظفي أوجيرو متابع لمجريات المفاوضات مع الحكومة، ويشير في حديث لـ"المدن" إلى أن كل ما طلبته النقابة هو ترجمة الحكومة لوعودها بمراسيم أو قرارات مكتوبة، وليس وعوداً بالهواء فقط.
وإذ يؤكد المصدر موافقة الحكومة على المطالب الأربعة، بما فيها مطلب غلاء المعيشة، يكشف عدم وجود نوايا لدى النقابة بالتراجع عن الإضراب قبل تقديم الحكومة إثباتات لحسن نواياها بتلبية المطالب، أي إصدار المراسيم رسمياً بالمطالب الأربعة، وهو ما يتوقع حصوله في الساعات القليلة المقبلة.
ولا يستبعد مصدر آخر من النقابة تعليق الإضراب من قبل النقابة فور الترجمة الفعلية للمطالب، ويقول في حديثه لـ"المدن": هذا التحرك الأول من نوعه لموظفي أوجيرو، وبعد اقترابنا كثيراً من تحقيق مطالبنا لن نتراجع، وإلا فلن نتمكّن لاحقاً من تحقيق أي مكاسب. ويذكّر بأن المطالب الأربعة ليست إضافات أو إكراميات من الدولة، بل هي مطالب مستحقة للموظفين وعلى الدولة تطبيقها وفق ما تفرض القوانين وتقتضيه الحقوق العمالية.موافقة الحكومة!ويعتزم مدير عام اوجيرو عماد كريدية نقل إيجابية موقف الحكومة إلى النقابة والعاملين في اوجيرو، بعد لقاء عقده صباح اليوم مع ميقاتي في السراي. وحسب مصدر متابع فإن كريدية تبلّغ من ميقاتي عزم الحكومة على إصدار المراسيم الأربعة.
وهنا لا بد من التذكير بأن مطالب موظفي أوجيرو تشمل بدل النقل المحدد بـ95 ألف ليرة، وبدل الحضور اليومي بين 150 ألفاً و350 ألف ليرة، حسب الفئات الوظيفية، ومنحة الانتاج التي يصل سقفها إلى 3 مليون ليرة، بالإضافة إلى المطلب الأساس وهو زيادة الغلاء المعيشي التي لا تلامس نسبتها مستوى الغلاء الفعلي الحاصل في البلد، ومن المفترض أن تبلغ نسبة الزيادة المطلوبة 2.2 من قيمة أدنى راتب. أي تُحتسب قيمة الزيادة بضرب قيمة أدنى راتب بـ2.2 نقطة. ويذكّر موظفي أوجيرو مراراً وتكراراً بأن مضمون المراسيم الثلاثة الأولى هي حق مكتسب للموظفين، سبق لزملائهم في باقي إدارات ومؤسسات الدولة أن حصلوا عليه، وهو حق لهم.نعي القرمبالتوازي ينعي وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم الاتصالات وخدمات الإنترنت، تارة بسبب إضراب الموظفين، وتارة أخرى بسبب شح المازوت. وقد بشّر اليوم صباحاً في حديث له أن "مولدات الطاقة في أوجيرو ستبدأ بالاطفاء تباعاً على المدى القريب بسبب عدم القدرة على تأمين التمويل لشراء المازوت". محاولاً الإيحاء بأن تعطّل السنترالات مرده فقط إلى شح المازوت وليس إضراب الموظفين. وبذلك يكون قد مهّد لعجز الوزارة عن التعامل مع رداءة الخدمات حتى بعد فك إضراب موظفي أوجيرو.
وإذا ما استثنينا عامل الإضراب وافترضنا فكّه قريباً، وفق ما توحي أجواء التفاوض مع الحكومة، رب سؤال لوزير الاتصالات: هل تقوم مهمة المولدات على تغذية سنترالات اوجيرو بشكل مستدام؟ ولماذا لم يوجه وزير الاتصالات شكواه إلى زميله وزير الطاقة؟ أليس من واجب الأخير تأمين التغذية الكهربائية لسنترالات أوجيرو وعموم المؤسسات؟