2025- 01 - 17   |   بحث في الموقع  
logo الرئيس عون لماكرون: لبنان الحقيقي الأصيل قد عاد logo سلام من عين التينة : نقرأ انا ودولة الرئيس في كتاب واحد logo الرئيس عون لماكرون: لبنان الحقيقي الأصيل قد عاد logo ماكرون: فرنسا وقفت إلى جانب اللبنانيين خلال السنوات الأربع الماضية logo الأمن السوري يضبط شحنة أسلحة متوجهة إلى لبنان logo خالد زيادة لـ"المدن": الهوية الوطنية السورية بحاجة إلى ترميم logo ضريح حسن نصرالله logo برّي: اللقاء مع الرئيس سلام كان واعدا
رئيسة الجمهورية اللبنانية
2022-09-06 22:26:01

فلنفترض أن مسألة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية لا تخضع للتوافقات والصفقات المعقّدة، والمخزية غالباً، التي تزخر بها الأخبار السياسية اليومية، لا سيما في مرحلة الانهيار الراهنة...ولنفترض أن موقع رئاسة الجمهورية ما زال قادراً على إحداث فرق ما، في خضم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى المشهد السياسي والعسكري شديد الارتباك والقتامة محلياً وإقليمياً ودولياً..ولنفترض أيضاً أن كلاً من الإمرأتين المرشّحتَين حتى الآن بشكل رسمي لرئاسة الجمهورية، تملك برنامجاً واضحاً ومفصّلاً تنوي خوض ترشيحها على أساسه -رغم عدم تبلور شيء من ذلك بعد- بل وأن امتلاك أي مرشح/ة لبرنامج عمل هو أصلاً أمر مؤثّر ومُحدِّد في عملية الفوز بالمنصب أو خسارته...فماذا يقول لنا ترشّح سيدتين للسباق الرئاسي اللبناني من خارج دوائر السلطة الحالية (إلى هذا الحدّ أو ذاك)، وفي شبه سابقة في هذا المجال، في ما خلا ترشّح المحامية نادين موسى، غير المعروفة في المجال السياسي، العام 2014، وقبلها النائبة السابقة نايلة معوض، العام 2004، والتي أُحبطت نيّتها بالتمديد للرئيس إميل لحود؟ بل إلى ماذا يشير هذا الترشح النسائي إذ نعطفه على استفحال جرائم القتل والاغتصاب والتحرش في حق اللبنانيات. ونعطفه كذلك على تصاعد نغمة مناهضة النسوية، كموضة، وعلى اعتبار أن مطالبها تحققت فعلاً وما عاد لها من داعٍ سوى استعراض التمرد على العادات والتقاليد والدين والحشمة وحتى "الأنوثة الجميلة" التي "أنظروا ما أحلاها" في التلفزيونات والجامعات والرياضة ومختلف المهن والفنون ومعها حرية الحركة واللباس والزواج والإنجاب (وهو ليس تعميماً دقيقاً بالطبع). وذلك مع استمرار التمييز ضد النساء في الكثير من القوانين والأعراف، من منح الجنسية إلى الأحوال الشخصية، وخصوصاً دفن قانون الكوتا النسائية للانتخابات البرلمانية في أدراج عميقة، وتوسع الخطاب الذكوري والديني والمحافظ في الحياة العامة والسوشال ميديا. وإن ننسى، لا ننسى، تكرار ممثلي المنظومة السياسية الحاكمة تحقير النساء وتحجيمهن بشتى الأساليب "المؤدّبة" والوقحة، حتى وهنّ نائبات في البرلمان أو شخصيات ذات حيثية في الإعلام والمجتمع المدني ومختلف مناصب الدولة...لعلها شائكة تلك الفكرة الأولى التي تتبادر إلى الذهن، لا سيما في ظل نشاط نسوي متزايد الحيوية في حقول التحدّي المذكورة، والذي شهد زخماً إضافياً خلال العقد الماضي وخلال انتفاضة 17 تشرين. هي فكرة أن النساء اللبنانيات، في الكباشات التي خُضنها ويخُضنها، لا يطوينَ في المراحل، أو موجات النسوية الثلاث، بحيث ينتهينَ من واحدة ثم ينتقلنَ إلى أخرى. من الموجة الأولى (أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين) الدافعة إلى المساواة السياسية بحق النساء في التصويت والترشح. إلى الثانية (ستينات وسبعينيات القرن العشرين) من أجل المساواة القانونية والمهنية. وصولاً إلى الثالثة الراهنة من أجل المساواة الاجتماعية وبالمعايير اليومية والثقافية والفكرية، أي مواجهة "سيستم" هلامي وظاهر/خفي من المعتقدات والافتراضات غير المنطقية، وهو، فوق صعوبته، غير قابل فعلياً للقياس. كأن اللبنانيات لا يتقدّمن على طريقة سباق الحواجز، بحيث يضعن ما تجاوزنَه وراءهن فعلاً، ليُركّزنَ على ما ينتظرهن على طول الطريق. بل يجدن أنفسهن حاملات أوزار كل موجة على ظهورهن، من دون اكتمال الإنجازات، ليعبرن إلى التالية مُثقَلاتٍ بتراكم إشكاليات وإصابات.فالمرأة اللبنانية تنتخب وتترشح منذ العام 1953. وبين الاستقلال العام 1943 ونهاية الحرب الأهلية العام 1992، لم تدخل البرلمان سوى امرأة واحدة هي ميرنا البستاني خلفاً لوالدها النائب إميل البستاني بعد وفاته العام 1963. وبعد الحرب، غالباً ما كانت البرلمانيات اللبنانيات وريثات ذكور العائلة المتوفين أو المُبعَدين، أو وصيّات على المقعد ريثما يشتد عود الورثة الذكور، في ما خلا استثناءات قليلة كنّ أيضاً خيارات الأحزاب والزعامات الاستابلشمنت، وفائزات برافعاتها وأجنداتها. ثم اندلعت "17 تشرين"، وتصدّرت النساء مشهداً احتجاجياً ملفتاً ومؤثراً، وجاءت انتخابات 2022 بأعلى رقم للترشيحات النسائية في تاريخ الانتخابات النيابية اللبنانية، ومن 115 مرشحة، فازت ثماني نساء فقط، نصفهن من قلب السيستم المعتلّ وبروحه وخطابه وأعطابه المعروفة... ما زلنا إذن في سيناريو الموجة النسوية الأولى، الاقتراع والترشح الحقيقيين. ونرى انضمام أحمال الموجتين الثانية والثالثة، حينما نستمع جيداً إلى نقاش ناشطات وفاعلات يتجادلن في ما إذا كانت المرأة، في الاستحقاق الرئاسي الراهن، هي الأجدر والحل المطلوب باعتبارها أكثر ميلاً للتفاصيل والانطلاق من حاجات الفرد لتوسيع البيكار بخصوص الجماعة... أم أن البرنامج والاستقلالية عن المنظومة الحالية هو الأساس، لأن نساء مثل النائبتين ندى البستاني أو ستريدا جعجع (اللتين ورد إسماهما في استطلاعات للرأي) لا يطرحن حلولاً بعيداً من الأحزاب التي اكتوينا بها طوال عقود، بل إنهن لن يصلن لأن البستاني كبديل مفترض، لا حظ لها في حضور "الأصيل" جبران باسيل، وكذلك ستريدا جعجع في حضور سمير جعجع. والنقاش النسوي يذهب الآن أيضاً في مسار موازٍ، حول محدودية أو جهوزية تصويت النساء لنساء في الانتخابات النيابية، بسبب القانون (تُراجع عنها الانتخابات البلدية)، أو القدرات الاقتصادية، أو هيمنة عقلية لا تكتفي بإعلاء شأن الرجل على المرأة، بل تفضّل "الزعامة" القادرة على الخدمات، بالمال والنفوذ والقوة، في ظل مَوات الدولة والمؤسسات، على المستقلين والمناضلين وأصحاب الرؤى.. وبالتالي، طالما أنه لا نساء كفاية في مجلس النواب، فلن تكون لأي مرشحة رئاسية فرصة فعلية.. إن كانت النساء فعلاً تصوّت لنساء.ننظر إلى المرشّحتين الرئاسيتين اليوم:مي الريحاني، ابنة الأديب والناشر ألبرت فارس الريحاني، مؤسس دار الريحاني للنشر العام 1937. وعمّها الأديب امين الريحاني، صديق الملك السعودي مؤسِّس المملكة، عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وواضع أول رواية عربية باللغة الإنكليزية وصاحب كتابي "تاريخ نجد وملوك العرب"، و"الرسائل المتبادلة" (هل تعتبر هذه امتدادات عربية بالمعايير الراهنة للقيادات السعودية وغيرها؟). والمرشحة التي وضعت هي نفسها 11 كتاباً، بالعربية والانكليزية، هي أيضاً مديرة كرسي جبران خليل جبران للقيم والسلام في جامعة ميريلاند الأميركية، وعضو الجامعة الثقافية اللبنانية في العالم، ولجنة التنسيق اللبنانية- الأميركية. تقيم في الولايات المتحدة منذ أكثر من 40 عاماً، وعملت في برامج الأمم المتحدة الإنمائية وخصوصاً في برامج تعليم الفتيات ومشروعها الأثير بعنوان "نساء شريكات في التطوير والتقدم" (فروع دولية؟ نسوية؟)، وتجمع في سيرتها المهنية بين الاقتصاد والتربية والنضال السياسي الذي بدأته في صفوف الدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت، حيث درست العلوم السياسية ونالت شهادة الماجيستير في العلاقات الدولية.أما ترايسي شمعون، ابنة داني كميل شمعون الذي اغتيل العام 1990، فقد انتبه إليها الرأي العام -إيجاباً- حينما استقالت من منصبها كسفيرة للبنان لدى الأردن، على خلفية انفجار مرفأ بيروت الذي حمّلت مسؤوليته للطبقة السياسية، وقالت إنها ترفض أن تكون "شاهدة زور" على هذه المأساة، مطالبةً بمعرفة الحقيقة ومحاسبة المسؤولين وتحرير القضاء من التدخلات السياسية. وتكمل سيرتها المتداولة أنها عملت فى مجال الأزياء والموضة وكانت عارضة أزياء فى أستراليا (والدتها الممثلة الأسترالية باتي مورغان)، عملت على إحياء إرث والدها من خلال مؤسسة داني شمعون (وتتبنى الإرث السياسي أيضاً؟)، وكانت أول امرأة لبنانية تشكل حزباً سياسياً وتترأسه هو "الديمقراطيون الأحرار"، وفي سيرتها الذاتية أنها "تحاول إيجاد حل يضمن عودة اللاجئين السوريين والفلسطينيين الآمنة إلى بلادهم" (هل يصح اعتبار المحاولات بنداً في برنامج عمل جدّي؟).ما مدى نسوية هاتين المرشّحتين، وفي أي اتجاه نسائي تمضيان؟ كيف ستواجهان مقولة "لبنان ليس جاهزاً لرئيسة جمهورية".. إن افترضنا أنه جاهز حتى لرئيس. وإلى أي مدى أداؤهما "الرئاسي" عضوي، أم أنه تسجيل حضور في لحظة أضواء مسلّطة؟ أسئلة تبقى مفتوحة على مزيدٍ مُنتظَر من التصريحات والخطوات والشفافية قبيل الاستحقاق. لكن البادي الآن أنهما، المارونيتان طبعاً، مرشحتا طبقة اجتماعية وسياسية ومهنية تقليدية، والأدبيات كثيرة في نقد أداء النساء من الفئة هذه في الشأن العام في ما لو أخلصتا لتوقعات مُنطلقاتهما وقواعدهما "القبَلية"... إلا إذا قررتا التمايُز، وبالتالي إعفاء صورة اللبنانيات السياسيات من التنميط بل ومن الالتحاق بنظام الفشل الذي قاده ذكور مهيمنون.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top