بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على توقف وزارة التربية عن استقبال طلبات معادلة شهادات الطلاب العراقيين، أبلغ بعض الطلاب السفارة العراقية في بيروت عن بدء الوزارة باستقبال عدد محدد من الطلبات يوم أمس الإثنين.
رحبت السفارة العراقية بالأمر، وهمّت لإصدار إعلان رسمي للطلاب، تعلن فيه عن بدء انفراج أزمتهم المستفحلة. لكن الموظفين المعنيين في وزارة التربية عادوا وأكدوا أن إضرابهم مستمر، وأن استقبال الطلبات الجديدة لن يكون منتظماً. فهم لا يعلمون متى وكم طلباً سيستقبلون يومياً. ما رفع الشكوك بوجود "أبواب ما" مخصصة لتخليص معاملات الطلاب المحظيين حصراً.معاملة غير لائقةمصادر عراقية رسمية شكت لـ"المدن" من أن طلاباً أجانب من مختلف الجنسيات، ولا سيما السعوديين والأردنيين والمصريين وغيرهم، يحصلون على معادلاتهم، فيما ما زال الطلاب العراقيون محرومين منها. ليس هذا فحسب، بل في ظل إضراب موظفي التربية (ما زال غير معروف فحوى هذا الإضراب في ظل حضور موظفين لتسيير المعاملات) ثمة طلاب أجانب محظيون يحصلون على معادلاتهم عبر وساطات من موظفين في وزارة التربية.وتؤكد المصادر أنه يوجد في لبنان 16 ألف طالب عراقي ينتظرون معادلة شهادتهم. وهم يعاملون بطريقة غير لائقة، فيما يسهل موظفو "التربية" معاملات باقي الجنسيات العربية والأجنبية. هذا في وقت يعتبر العراق أكثر البلدان الذي يساعد لبنان في محنته الحالية.وتضيف المصادر العراقية الرسمية: "العراق يساعد لبنان أكثر أي دولة عربية ويحظى بهذه المعاملة. أليس هو أولى من غيره بتسهيل أمور طلابه؟ ألا يقدّر لبنان هذا العدد الكبير من الطلاب الذي يُدخل عملة صعبة إلى البلد؟" تسأل المصادر، وتضيف: "أحد الأطباء اللبنانيين حضر إلى السفارة منذ أيام لإجراء معاملة للسفر والعمل في العراق. انتظر خمس دقائق وبدأ يتذمر بسبب التأخير، بينما يوجد 16 ألف طالب ينتظرون معادلة شهادتهم منذ أكثر من عام. أما آن لقضية هؤلاء الطلاب أن ترسو على حل في لبنان؟"، تسأل المصادر.عدم الاعتراف بالشهادةلقد حضر مئات الطلاب إلى لبنان أكثر من مرة، وحجزوا فنادق، وانتظروا لأسابيع، ثم عادوا إلى العراق خائبين. لقد باتوا قلقين على مصيرهم. فالطلاب الذين حصلوا على شهادة الماجستير باتوا مهددين بخسارة شهادتهم في العراق، لأن القانون ينص على حصول الطالب على الماجستير بسنتين، ويمكن أن يمدد الطالب لسنة ثالثة. بعدها لا يعترف العراق بشهادته. وقد مضت السنة الثالثة ولم يحصل مئات الطلاب على معادلة شهادة الثانوية العامة. فما ذنب الطالب طالما أن المشكلة في دائرة المعادلات في وزارة التربية، التي يتحجج بعض الموظفين فيها بالإضراب؟ تسأل المصادر مشيرة إلى أن قضية تأخير معاملات الطلاب العراقيين تعود لأكثر من سنة، أي قبل إضراب القطاع العام في لبنان.تمييز عنصريما لا تقوله المصادر العراقية الرسمية عن وجود تمييز عنصري بحق الطلاب العراقيين، يقوله رئيس ممثلية طلاب العراق في الخارج نهاد جهاد. فوفقه، بعض الموظفين في وزارة التربية يتعاملون بطريقة فيها تمييز عنصري تجاه الطلاب العراقيين. ويقول: "لا يمكن القول إلا أن تمييزاً عنصرياً يلحق بنا في وزارة التربية، طالما أن جميع الطلاب من الجنسيات العربية يحصلون على معادلاتهم. لقد طالبنا الوزارة بأن يتعامل معنا بعض الموظفين مثل سائر الجنسيات العربية. ولم نحصل على أي جواب".ويضف أنه يمكن إيجاز عدم قبول طلبات الطلاب العراقيين وتوقف معاملاتهم لسببين أساسيين: "التمييز العنصري والتحقيق الذي فتحه وزير التربية بشأن الشهادات المزورة. فبعد مرور أكثر من سنة على فتح التحقيق لم نعرف أين وصل بعد. ما يدفعنا إلى التشكيك بالقضية كلها، وبعدم وجود شهادة واحدة مزورة".ووفق جهاد، قضية الشهادات المزورة افتعلها البعض في العراق لأسباب سياسية واقتصادية، بمعزل عن كيفية تسجيل الجامعات في لبنان للطلاب العراقيين. فالبعض في العراق لا يريد الاعتراف بشهادات بعض المسؤولين الذين حصلوا عليها من لبنان من ناحية، وهناك مشكلة اقتصادية تتعلق بالحد من عدد الذين يحصلون على شهادات عليا، لعدم ترقيتهم بوظائفهم، من ناحية ثانية.
ويلفت جهاد إلى أن أي حل في لبنان يجب ألا يكون على حساب الطالب العراقي. ويسأل: ما ذنب الطالب الذي قبلت الجامعة طلبه قبل حصوله على معادلة شهادته الثانوية؟وشرح أن أكثر جامعة يعاني فيها الطلاب هي جامعة الجنان لأنه يوجد فيها نحو 9 آلاف طالب عراقي. فهل يدفع الطالب الثمن؟ أم تحاسب الجامعة؟ يسأل، ويضيف: "يفترض بالجامعة ألا تقبل تسجيل الطالب قبل استكمال ملفه وشهادته المعادلة، أو يجب تكليف ممثل معتمد من كل جامعة لمتابعة المعادلات في وزارة التربية، لتفادي المشاكل الحالية مستقبلاً".