2025- 01 - 13   |   بحث في الموقع  
logo مفاوضات غزة تحت ضغط ترامب.. والتركيز على إنهاء الحرب logo الحكومة السورية والاقتصاد الجديد: رسوم جمركية موحدة وإلغاء الدعم logo الحدود الشرقيَّة بين لبنان وسوريا: هل حان أوان الترسيم؟ logo جوزاف عون: "الشهابية" بنسخة عربية-دولية تستبدل الطبقة السياسية logo الحكومة الجديدة واستحقاقات ما بعد الحرب: أي سياسة اقتصادية؟ logo ابراهيم منيمنة: أعلن سحب ترشحي logo بايدن يشدد لنتنياهو على "الحاجة الفورية" لوقف إطلاق النار logo برشلونة يُهين ريال مدريد بخماسية و يُحرز كأس السوبر الإسباني
مصرف لبنان يقايض: حلم الكهرباء مقابل تقاعد المنصّة
2022-09-06 11:26:02

قرّر مصرف لبنان صباح اليوم تخفيض نسبة الدولارات التي يؤمّنها من كلفة استيراد البنزين -عبر منصّة صيرفة- إلى 20%، ما سيفرض على مستوردي هذه المادّة تأمين 80% المتبقية من السوق الموازية. وبذلك، يكون مصرف لبنان قد استكمل قراراته السابقة التي تدرّجت في خفض نسبة الدولارات التي تؤمّنها المنصّة لاستيراد البنزين، مؤكّدًا بذلك اتجاهه لمرحلة سحب المنصّة كليًّا من مهمّة تأمين "دولارات البنزين" خلال الأسابيع المقبلة. والوصول إلى هذه المرحلة، بات قاب قوسين أو أدنى، إذ لم يعد يفصلنا عنها سوى اتخاذ القرار الأخير القاضي بإلغاء نسبة 20% من كلفة استيراد البنزين، التي ما زالت المنصّة تموّلها اليوم.غلاء البنزين وإعدام مسار توحيد أسعار الصرفمن الناحية العمليّة، لن تقتصر مفاعيل هذا القرار على الارتفاع المتوقّع في سعر البنزين، بعد أن ترتبط تسعيرته بتسعيرة الدولار في السوق الموازية. فانسحاب المنصّة من مهمّة تمويل استيراد البنزين، ستعني رصاصة الرحمة على دورها الأوّل والأساسي، أي العمل كوسيط للتداول بالعملات الأجنبيّة، طالما أنّها باتت عاجزة عن بيع الدولارات لتأمين المواد الأساسيّة. مع الإشارة إلى أنّ حاكم مصرف لبنان كان قد قرّر منذ إطلاق المنصّة إحالة مستوردي المازوت إلى السوق الموازية لتأمين كامل فاتورة استيرادهم، ما يعني أنّ إحالة مستوردي البنزين إلى السوق الموازية أيضًا سيسحب المنصّة من عمليّة تمويل استيراد كافّة حاجات القطاع الخاص للمحروقات.
إحالة المنصّة للتقاعد المبكر بهذا الشكل، ستعني بطبيعة الحال انفلات الأمور بلا قيود في السوق الموازية، بعد تلقيها كتلة ضخمة من الطلب على الدولارات النقديّة، في الوقت الذي تتحكم عمليّات المضاربة اليوميّة في معروض الدولار النقدي. وهكذا، ستكون النتيجة هنا الاستمرار بتسجيل ارتفاعات سريعة وقياسيّة في سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وهي ارتفاعات بدأت السوق بتسجيلها أساسًا منذ بدء مصرف لبنان بتخفيض نسبة الدولارات التي يؤمنها لمستوردي البنزين، مقابل زيادة نسبة الدولارات التي سيحتاج المستوردون إلى طلبها من السوق الموازية.
لكن الإشكاليّة الأهم، التي ستنتج عن تقاعد المنصّة، ستكمن في تعطيل الأداة التي كان من المفترض أن تنتج سعر الصرف العائم من قبل المصرف المركزي، عبر استيعاب عمليّات التداول في السوق، ليتم على أساسها توحيد أسعار الصرف بشكل مضبوط ومدروس لاحقًا. بمعنى آخر، سيكون تقاعد المنصّة على هذا النحو رصاصة رحمة لمسار توحيد أسعار الصرف على المدى القصير، والذي اشترطه صندوق النقد قبل توقيع أي اتفاق نهائي مع لبنان.المقايضة: الكهرباء مقابل دولارات البنزينكل ما يجري على مستوى المنصّة لا يعدو كونه عمليّة مقايضة يجريها حاكم مصرف لبنان، بما يسمح للمصرف المركزي ببيع الدولارات لمؤسسة كهرباء لبنان بسعر المنصّة، من أجل استيراد الفيول وتشغيل معامل الكهرباء، في مقابل وقف بيع هذه الدولارات لمستوردي البنزين. وبهذا المعنى، يصبح ارتفاع سعر صفيحة البنزين وضرب قيمة الليرة في السوق الموازية وتقاعد المنصّة، مجرّد أثمان سيدفعها اللبنانيون لتحقيق حلم إعادة التغذية الكهربائيّة، لمدّة قد تصل لغاية 10 ساعات في اليوم، إذا تمكنت مؤسسة كهرباء لبنان من شراء الفيول الكافي لتشغيل المعامل بكامل طاقتها.
ولفهم الصورة الكاملة، تنبغي الإشارة إلى أنّ خطة الكهرباء الطارئة تقوم على زيادة التعرفة لمستويات تصل لحدود 27 سنتاً للكيلواط، مع التسعير بالليرة وفقًا لسعر صرف المنصّة. وعندها، وبعد تصحيح التعرفة، سيكون بإمكان المؤسسة استعمال العوائد بالليرة لشراء دولارات المنصّة، لشراء الفيول اللازم لتشغيل المعامل بكامل طاقتها. مع الإشارة إلى أنّ مؤسسة كهرباء لبنان تراهن على تمكّنها من الحصول على قرض مشروع الغاز المصري من البنك الدولي، عند تحقيق زيادة التعرفة، وهو ما سيساعدها على المدى المتوسّط على استعادة انتظامها المالي، عبر تشغيل معمل دير عمار بكامل طاقته بالغاز المصري المموّل من القرض.الخطّة غير مضمونةمن حيث الشكل، قد تبدو هذه الخطة واعدة بالنسبة لقطاع الكهرباء، لكونها تضمن بالحد الأدنى الانتظام المالي لمؤسسة كهرباء لبنان. لكنّ حتّى اللحظة، لا يوجد ما يضمن أن المواطن اللبناني سيستفيد فعلًا من زيادة التغذية خلال المرحلة المقبلة، في مقابل انسحاب مصرف لبنان من عمليّة تمويل استيراد البنزين. وحسب مصادر متابعة لخطة الكهرباء الطارئة هذه، مازالت الخطّة غير مضمونة التنفيذ لعدّة أسباب:
1- تراهن الخطّة بأسرها على اتخاذ قرار زيادة التعرفة، لتحصيل الرسوم الكافية لشراء الدولار بسعر المنصّة وتمويل استيراد الفيول. لكنّ حتّى اللحظة، ما زال قرار زيادة التعرفة أسير تقاذف المسؤوليّات بين عدة جهات: وزير الطاقة ينتظر توقيع وزير المال مع موافقة استثنائيّة من رئيسي الجمهوريّة والحكومة، في حين أن رئيس الحكومة يعتبر أن المسألة من صلاحيّة مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان وحده، الذي يملك أساسًا موافقة مبدئيّة من مجلس الوزراء لهذه الغاية. وبذلك، يبدو من الواضح أن جميع الأطراف ما زالت تتهيّب تحمّل مسؤوليّة زيادة التعرفة، تمامًا كما جرى بالنسبة للعديد من القرارات غير الشعبيّة (كحال ملف الدولار الجمركي مثلًا).
2- تراهن الخطة على المضي بحصول لبنان على قرض مشروع الغاز المصري عند زيادة التعرفة، على افتراض أن زيادة التعرفة هي شرط القرض الأساسي الذي لم يتم تنفيذه بعد. لكن من هذه الناحية، ثمّة شروط أخرى لا تقل تعقيدًا وضعها البنك الدولي لمنح القرض للبنان، منها تعيين الهيئة الناظمة التي يتحفّظ التيار الوطني الحر على تشكيلها قبل تعديل القانون والحد من صلاحيّاتها، واتخاذ قرارات ميدانيّة لمكافحة التعديات على الشبكة ومكامن الهدر التقني وغير التقني.
3- تشترط مؤسسة كهرباء لبنان، وقبل رفع التعرفة، الحصول على تعهّد خطّي موقع من حاكم مصرف لبنان، بتحويل قيمة الفواتير المحصّلة إلى الدولار الأميركي بسعر المنصّة، لتفادي سيناريو رفع التعرفة من دون التمكن من شراء الدولارات اللازمة لتأمين الفيول وزيادة التغذية. وهذا الشرط –توقيع تعهّد مكتوب- لم تتم الموافقة عليه بعد من قبل حاكم مصرف لبنان، ما سيبقي الخطة بأسرها معلّقة في الوقت الراهن.
4- تطلب مؤسسة كهرباء لبنان تحميل الدولة اللبنانيّة كلفة سداد كامل مستحقات الفيول العراقي (بقيمة 460 مليون دولار)، بدل تحميلها على حساب مؤسسة كهرباء لبنان بعد زيادة التعرفة، وذلك لتفادي إعادة المؤسسة إلى دائرة التعثّر المالي بعد زيادة التعرفة. وهذه المسألة لم يتم حسمها بعد.
5- تطلب مؤسسة كهرباء لبنان وضع آليّة واضحة لسداد مستحقاتها المترتبة على الإدارات الرسميّة والمؤسسات العامّة، وهو ما لم يتم البت به بعد.لكل هذه الأسباب، لا يوجد ما يكفل اليوم عدم تعثّر خطة الكهرباء بأسرها، ما سيحمّل المجتمع كلفة انسحاب المنصّة من تمويل استيراد البنزين، من دون أن يستفيد من تمويل شراء الفيول لمصلحة كهرباء لبنان. مع الإشارة إلى أنّ وجود حكومة تصريف أعمال، يزيد من احتمالات هذا السيناريو، في ظل تقاذف المسؤوليّات الذي يحكم علاقة جميع الأطراف المعنيّة. أمّا في حال نجاح الخطّة كما هي، فسيكون لبنان قد تلافى مخاطر الانهيار الكامل في القطاع، ولو على حساب سعر البنزين وعمل المنصّة.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top