ما زالت قضية عدم تلقي الدبلوماسيين اللبنانيين رواتبهم منذ أربعة أشهر، وعدم تلقي البعثات المصاريف التشغيلية منذ ثمانية أشهر، تتفاعل (راجع "المدن"). جديد الملف، تبليغ بعض الدبلوماسيين بحل يقضي بتحول راتب شهر حزيران فقط. إجراء يأتي لإسكاتهم بعدما وصلت الأمور حد التداول بتنظيم إضراب تحذيري عن العمل، يعقبه إضراب مفتوح، أسوة بموظفي القطاع العام في لبنان. حلول مؤقتةإلى ذلك، أفادت مصادر دبلوماسية لـ"المدن"، أن بعض السفارات بدأت تتلقى دفعات هي بمثابة سلف من سفارات أخرى لديها فائض، كي يتمكن الموظفون المحليون من قبض رواتبهم المتأخرة أيضاً، ودفع بدل إيجارات مباني البعثات. ووفق المصادر، تلقت سفارة لبنان في موسكو سلفة من سفارة لبنان في الكويت، لدفع مستحقات الموظفين المحليين وإيجار المبنى المتأخر تسديده منذ أشهر. ورغم أن هذا الإجراء عادي، إلا أنه يكشف مدى عمق الأزمة التي يعاني منها لبنان. ففي السابق، جرت العادة أن تحول سلفات من حساب الواردات لسفارة معينة إلى حساب نفقات سفارة أخرى لا واردات فيها، أي غير قادرة على تسليف نفسها من وارداتها. وهو إجراء استثنائي وقانوني لتسديد النفقات التشغيلية (نفقات إدارية وإيجارات ورواتب موظفين). لكن لا يستخدم لدفع رواتب الدبلوماسيين.قانون الحاكمالأمور ما زالت عالقة في مصرف لبنان الذي عليه تأمين التغطية المالية، في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار. فنفقات البعثات ورواتب الدبلوماسيين كلها بالعملة الصعبة، فيما الموازنة بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي. وقد جرت العادة على تأمين المصرف المركزي الدولارات لتغطية هذه النفقات. لكنه توقف عنها منذ ثمانية أشهر بما يتعلق بالنفقات التشغيلية، ومنذ أربعة أشهر بما يتعلق برواتب الدبلوماسيين.وتشير المصادر إلى أن حاكم مصرف لبنان طلب إصدار قانون يبيح له الصرف من الاحتياطي كي يحول الأموال. لكن المسألة ما زالت قيد التداولات ولم تصبح رسمية بعد.مصادر في وزارة الخارجية فضلت عدم التعليق على هذا الأمر. فليس دور الخارجية طرح حلول في هذا الشأن. لقد أرسلت الخارجية الجدول وباتت في المصرف الذي عليه إيجاد حلول. وأضافت المصادر أن الخارجية قلصت النفقات ورفعت الواردات وقامت بكل ما يلزم. وثمة اقتراح بتعليق العمل ببعثات، حيال الأزمة التي بدأت منذ أكثر من عام.تعليق العمل ببعثاتويبلغ عدد البعثات الدبلوماسية اللبنانية نحو 89 بعثة، بُحث أمر تقليصها لمواجهة الأزمة، سواء من خلال دمجها بسفارات أخرى في دول أخرى أو إقفالها نهائياً، كحال بعض القنصليات.
وتشير مصادر الخارجية إلى أن عدد البعاث التي تم اقتراح تعليق العمل فيها يصل إلى 17 بعثة. وقد وضعت الخارجية فيها جدولاً وأرسلته منذ نحو خمسة أشهر إلى مجلس الوزراء. فتعليق العمل بأي بعثة بحاجة إلى مرسوم، لأن انشاء أي بعثة يصدر بمرسوم.وعن انعكاس هذا الأمر على صورة لبنان في تخفيض حضوره الدبلوماسي، لفتت المصادر إلى أن "الخارجية" وضعت معايير لتعليق العمل بتلك البعثات. وهي معايير واضحة تتعلق بحجم البعثة ومستوى التبادل التجاري مع لبنان وعدد الجالية اللبنانية في الدولة، وحجم الإيرادات القنصلية والدور السياسي للبلد المنوي تعليق البعثة فيه.لكن تعليق العمل بأي بعثة له تباعات مالية. فأي تعليق يحتاج إلى إنفاق مالي لصرف تعويضات للموظفين المحليين وإيجار المباني وحفظ موجودات السفارات أو القنصليات، وفق ما تؤكد مصادر دبلوماسية، مشيرة إلى أنه من الأفضل صرف هذه النفقات لإبقاء البعثات. وهنا تشير مصادر الخارجية إلى أن هذا الإنفاق آني يتبعه توفير مستقبلي، لكن لا بد منه.