يختتم فصل الصيف أيامه ويتحضّر لبنان لوداع المغتربين والسياح. إلاّ أن المؤشرات التي يقدّمها القطاع السياحي كخلاصة أولية لنتائج الموسم، فيها الكثير من الإيجابية. فوزير السياحة وليد نصّار رأى بأن العجلة الاقتصادية استفادت بـ4.5 مليار دولار. ووعَدَ بـ"خطة للفصلين المقبلين"، تستكمل ما أنجزه موسم الصيف. أما رئيس نقابة أصحاب الفنادق بيار الأشقر، أوضح بأن الموسم السياحي أدخل إلى لبنان ما يقارب 3 مليار دولار، عبر كافة القطاعات الاقتصادية، وليس فقط القطاع السياحي، أي فنادق ومطاعم وملاهي وما إلى ذلك. (راجع المدن).قيمة الأرقامتتفاوت الأرقام المعلنة بـ1.5 مليار دولار. وهو رقم ليس بضئيل في ظل حاجة البلاد إلى دولارات نقدية. ومع ذلك، فإن شكوكاً تحوم حول المبالغ المعلنة، بصرف النظر عن التفاوت بينها، في ظل غياب مرجعية رسمية موثوقة للاحصاءات. والأهم، هو مقاربة تأثير إيرادات الموسم السياحي على الاقتصاد وسعر صرف الدولار في السوق. ففي تقرير سابق بعنوان "بغياب خطّة نقديّة واضحة: مليارات المغتربين لن تفعل شيئاً" (راجع "المدن")، كانت التقديرات التي تراهن عليها الدولة اللبنانيّة، من المفترض أن تضخ السياحة كتلة من السيولة بالعملة الصعبة، بقيمة قد تتراوح بين الثلاثة والأربعة مليارات دولار. وهذا المبلغ وحده، الذي سيتدفّق خلال فترة لن تتخطّى الثلاثة أشهر، تتجاوز قيمته إجمالي القرض الذي ينتظره لبنان من صندوق النقد الدولي، والذي لن تتجاوز قيمته الثلاثة مليارات دولار، سيحصل عليها لبنان على دفعات على مدى 46 شهراً.
يقلّل الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي من أهمية الأرقام المعلنة، سواء عبر نصّار أو الأشقر. وبحسب ما قاله لـ"المدن"، فإن "الرقمين، لا قيمة لهما في ظل غياب المديرية العامة للاحصاء المركزي وغياب القواعد العلمية للاحصاءات، والتي تفترض أخذ عيّنات مباشرة على الأرض من مختلف المناطق ومختلف القطاعات، وتُجمَع وتُفرَز وتُعالَج وينتج عنها أرقام تقديرية قريبة من الواقع".واستبعد يشوعي أن تكون عائدات الموسم السياحي قد صرفت في السوق بل إن "أصحاب المؤسسات السياحية والقطاعات الاقتصادية يدّخرون الدولارات في منازلهم للأيام السوداء الآتية".لا شكّ في أن المغتربين والسياح ساهموا في رفد السوق بالدولارات، لكن ليس بالقدر الكافي لمعالجة الأزمة وطمأنة السوق. فالأموال المعروضة سرعان ما تختفي، وأصحاب المؤسسات يحاولون قدر الإمكان عدم عرض الدولارات في السوق، تمهيداً للاستفادة من أسعارها مع الارتفاع المرتقب بدءاً من شهر أيلول الجاري. فلا معالجة صحيحة لمشكلة ارتفاع سعر الصرف. أما التعويل على اتفاق مع صندوق النقد للحصول على 3 مليار دولار، فهو أمر يتضارب مع الأرقام المعلنة عن عائدات الموسم السياحي، لأن ما ينوي لبنان الحصول عليه بعد التفاوض مع الصندوق، قد حصل عليه خلال نحو شهرين، ومع ذلك استمرت الأزمة، لأنها باتت بنيوية وتحتاج إلى علاج داخلي جذري، وهو ما يؤيّده يشوعي، إذ يرفض التفاوض مع الصندوق لأنه "تغاضى عن السياسات المالية وعن السرقة المستمرة منذ 30 عاماً، واليوم يأتي لطرح الحلول".