شكلت دار الفتوى في الأيام الماضية عنواناً لزيارات متعددة. بعد زيارة السفير الإيراني مجتبى أماني، ولقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، جاءت زيارة السفير السعودي وليد البخاري. أدت زيارة السفير الإيراني وتصريحه من على منبر الدار إلى جملة اعتراضات. إذ قال أماني: "تشرفت بزيارة مفتي أهل السنّة والجماعة". فيما توالت الردود عليه بأن الكلام فيه تجاوز ومحاولة لتكريس الانقسام الإسلامي في لبنان. بعد هذه الحملة عمل السفير الإيراني على توضيح موقفه. في المقابل، تأتي زيارة السفير السعودي في إطار حركة سعودية مستمرة مع دار الفتوى لترتيب الوضع داخل البيت السنّي، بالإضافة إلى إعلان الدعم لموقع المفتي ودوره.في موازاة ذلك، تشير مصادر متابعة إلى أن مساع عديدة تُبذل في سبيل توفير ظروف عقد لقاء إسلامي واسع في دار الفتوى، يضم النواب السنّة. وذلك تحضيراً لمواكبة الاستحقاقات المقبلة ولا سيما انتخاب رئاسة الجمهورية. تأتي هذه التحركات بالتزامن مع موقف أطلقه المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، حول ضرورة تشكيل الحكومة والحفاظ على اتفاق الطائف.
في هذا السياق، جاءت زيارة البخاري إلى دار الفتوى حيث التقى دريان وعرض معه آخر التطورات على الساحة اللبنانية وأوضاع المنطقة. وأشاد مفتي الجمهورية بجهود المملكة العربية السعودية في "ترسيخ وتأصيل ثقافة الوسطية والاعتدال ودعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية ونصرة الحق والعدل في العالم"، وأثنى على دور المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان في "احتضان ورعاية الشؤون العربية والإسلامية وعنايتها الخاصة بالشأن اللبناني، وحرصها على جميع اللبنانيين لتعزيز أمن وسلامة واستقرار لبنان".
وأبلغ المفتي دريان السفير بخاري مضمون بيان المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وخصوصاً الفقرة المتعلقة بمناشدة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان ودول مجلس التعاون الخليجي "عدم التخلي عن لبنان وتركه في محنته. فلبنان عربي الهوية والانتماء ولن يكون إلا مع إخوانه العرب، وإن أي تهديد للسفارة السعودية أو أي سفارة عربية أخرى هو تهديد للأمن الوطني والسلم في لبنان".
من جهته أكد السفير بخاري أن مُفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان "هو من أبرز رموز الوحدة الوطنية في لبنان، والمملكة العربية السعودية حريصة كل الحرص على كل المقامات والمواقع الدينية الإسلامية والمسيحية. فهي المؤتمنة على وحدة لبنان وعروبته وعيشه المُشترك، والمملكة تدعم تعزيز الوحدة والتقارب فيما بين اللبنانيين، وهي ترفض مُحاولات استغلال الإسلام كغِطاء لأغراض سياسيَّة تُؤجِّج الكراهيَّة والتَّطرف والإرهاب". وقال السفير السعودي: "ستبقى دار الفتوى موقعًا مؤتمنًا على الدور الريادي للمسلمين واللبنانيين جميعاً".