تتزاحم الاحزاب والقوى السياسية والمرجعيات الدينية واطراف في "المجتمع المدني"، اضافة الى شخصيات سياسية وفكرية، في طرح مواصفات رئيس الجمهورية، وبقي "حزب الله" صامتا، لم يدل بعد في موقفه من الاستحقاق الرئاسي المقبل خلال الشهرين المقبلين، وهو ما لم يفعله في الانتخابات الرئاسية السابقة، عندما حسم خياره، واعلن امينه العام السيد حسن نصرالله، الحرفين الاولين من مرشح الحزب للرئاسة الاولى، فكان القرار اسم العماد ميشال عون، الذي ارتبط معه بتفاهم كنيسة مار مخايل، الذي وقعه مع السيد نصرالله في 6 شباط 2006.
هذا التفاهم السياسي، خاض اول تجربة له، بعد ستة اشهر، اذ وقف "التيار الوطني الحر" الذي كان رئيسه عون، الى جانب المقاومة في صد العدوان عليها وعلى لبنان في 12 تموز 2006، بحرب مدمّر صمدت المقاومة بوجه العدوان الاسرائيلي لمدة 33 يوماً، وافشلت اهدافه، فربح العماد عون رهانه على التفاهم مع المقاومة، واعتبارها قوة للبنان مع الجيش اللبناني، الذي شغل قيادته.
هذا الثبات الذي مثّله العماد عون، في دعم المقاومة، كان الامتحان السريع له، فاعلن السيد نصرالله وعده بان مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية هو مؤسس "التيار الوطني الحر"، الذي حوّل "بيئته الشعبية والمسيحيةِ الى حاضن للمقاومة، مما اثر ذلك في جمهور الطرفين، من خلال العلاقات التي نُسجت بينهما، الا قلة في "التيار الحر"، آتية من جذور سياسية وطائفية، فانسحبت من "التيار الحر".
هذا الدعم من "حزب الله" لخيار وصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية، ولو على حساب الحليف الثابت رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الذي اعتبره السيد نصرالله، انه وعون هما كل واحد منهما عينه، فقبل فرنجية ما قرره "حزب الله" حماية لخط المقاومة، على امل ان يكون المرشح التالي لرئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية العماد عون، لكن "حزب الله"، لم يعلن موقفه بعد، حيث الانتظار ما زال سيد الموقف.
ففي المواصفات، فان "حزب الله" ثابت على رئيس للجمهورية لا يطعن المقاومة، او يتآمر عليها، وهذا توصيف لا يحيد عنه، وقد خبره بالرئيس اميل لحود الذي امّن كل التواصل والتناغم والتنسيق ووضع مقولة الجيش والشعب والمقاومة، كاولوية في ادائه فاظهر بالممارسة انه مع المقاومة، ووقف ضد الحكومة في صيف 1993، عندما قررت ارسال الجيش الى الجنوب، ونزع سلاح المقاومة، او تقييد حركتها بالاتفاق مع القوات الدولية، لكن العماد لحود، رفض القرار واعتكف في منزله، ولم يعد عنه، الا بعد ان تفهّم الرئيس حافظ الاسد موقفه وسانده، حيث فتح موقفه هذا الطريق له الى رئاسة الجمهورية.
من هنا، فان في "حزب الله"، تأكيد على ان مواصفات رئيس الجمهورية مشروطة ببند واحد، وهو تأييد خيار المقاومة، التي تحولت الى قوة ردع بوجه العدو الصهيوني، كما في موضوع حقوق لبنان النفطية في مياهه الاقليمية، اذ استخدم "حزب الله" مسيّراته، لتكون قوة للبنان في مفاوضاته غير المباشرة مع العدو الصهيوني عبر الوسيط الاميركي.
ومن يحمل مواصفات خيار المقاومة، هو المرشح الذي يبحث عنه "حزب الله"، الذي من المبكّر الافصاح عمن يريده، لانه لا يرغب باحراج حلفاء له، هم في خط المقاومة، وحصول شرخ بينهم وزيادته، والقصد من ذلك، المرشحون البارزون من حليفيه جبران باسيل وسليمان فرنجية، اللذين جمعهما السيد نصرالله، في افطار قبل اشهر في رمضان، لتخفيف التشنج بينهما، ودخول الاستحقاق الرئاسي بهدوء.
فليس من مرشح بعد "لحزب الله" الذي يلتزم مسؤولوه الصمت، ولم يتطرق امينه العام الى رئاسة الجمهورية في اطلالاته الاعلامية، دون ان يعني ذلك غياب الاستحقاق عن المتابعة، كما موضوع تشكيل الحكومة التي اعطاها الحزب كل اهتمامه كي تولد، وتتولى صلاحية رئيس الجمهورية في حال عدم حصول الانتخاب، دون ازمات سياسية ودستورية.
ولا يقفل "حزب الله" الحوار مع احد، حول الاستحقاق الرئاسي، وقد فتحه مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي سعى ان يعرف موقف "حزب الله" منه، فلم يلق الجواب، سوى انه يؤيد مرشحا يوحّد اللبنانيين حوله، حيث حاول جنبلاط تمرير مواصفات المرشح "غير الاستفزازي"، في اشارة الا يكون من 8 و14 آذار.