في ظل امتناع روابط المعلمين في القطاع الرسمي عن إطلاق أعمال بدء العام الدراسي في المدارس والثانويات الرسمية، أجّل وزير التربية عباس الحلبي موعد بدء الأعمال التحضرية للعام الدراسي من الخامس من أيلول إلى 15 أيلول، وذلك في انتظار إمكانية نجاح المفاوضات مع الروابط. لكن الأخيرة ما زالت مصممة على عدم المشاركة قبل تحقيق مطالب الأساتذة، ما يعد التذكير بالعام الفائت.
رهن قرار ميقاتيوأكدت رئيسة رابطة أساتذة التعليم الثانوي، ملوك محرز، أن الروابط مجمعة على مقاطعة العام الدراسي ولن تتراجع عن الأمر قبل تحقيق مطالب الأساتذة. وقالت في حديث لـ"المدن": "من يجب أن يسأل عن انطلاق العام الدراسي هو الحكومة والدولة اللبنانية لا الأساتذة. لقد عرضنا مطالبنا للرئيس نجيب ميقاتي بشكل واضح وعملي ومن دون أي مبالغة. وطالبناه بإجراء مقاربة جدية لتصحيح الرواتب، لأن الأساتذة لم يعد يحتملون الوضع. فالحلول التي عرضت سابقاً كانت مسكنات ولم تعد تجد نفعاً. لقد انتظر الأساتذة ثلاث سنوات على هذه الحال".
وأضافت أن "الرئيس ميقاتي استمع وأبدى تفهمه، وأكد أنه يقف إلى جانب الأساتذة وطلب استمهاله لحين الاجتماع بوزير المالية، لأنه يريد معرفة الإمكانيات المتوفرة. واتفقنا أن نعقد اجتماعاً آخر الأسبوع المقبل. من جانبنا، مطالبنا واضحة وواقعية وهي حقوق لنا ولا نبالغ فيها. وعلى الدولة مقاربة الأمر بجدية بما يتعلق بالتعليم". مسؤولية الدولة لا الجهات المانحةوأكدت أن "انطلاق العام الدراسي يبدأ بتصحيح الرواتب. وعلى الدولة أن تأخذ القرار بهذا الشأن، وإذا كانت تريد التعليم الرسمي أم لا تريده. لقد لجأ المسؤولون إلى دولرة الاتصالات والاستشفاء والمحروقات والكهرباء وكل السلع، ولم يبق إلا رواتب الأساتذة. يريدون لنا أن نسكت ونخضع ونحن نرفض هذا الأمر. لا عام دراسياً قبل تصحيح الرواتب".وعن محاولات وزير التربية تأمين مساعدات وحوافز من الدول المانحة قالت محرز: "الدول المانحة مشكورة بمساعدتنا ومساعدة لبنان، لكن الدولة هي المسؤولة عن الأساتذة، أي دولتنا اللبنانية وليست الجهات المانحة. تلك الجهات تساعد لبنان مثلما جرت العادة، لكن لا يمكن أن نرهن قطاع التعليم ليعتمد حصراً على الجهات المانحة. الدولة اللبنانية هي المسؤولة".وسألت رئيسة الرابطة: "ماذا يحصل عندما تقرر الجهات المانحة وقف مساعدة لبنان أو تحويل الأموال إلى دول أخرى؟ هذا الأمر لا يجوز. نحن لا نرفض المساعدة لكن ليست الجهات المانحة التي تمنح الأساتذة حقوقهم ببساطة. نعم لقد استفاد الأساتذة من الدعم، لكن الحوافز التي تلقاها الأساتذة كانت هزيلة وغير منتظمة وليست كما يصورها الإعلام".وعن دور وزير التربية في عقد اجتماع بين الأساتذة والجهات المانحة، شكرت محرز الوزير على محاولته، مؤكدة أنهم سيلتقون بممثلين عن الجهات المانحة، لكن الدولة اللبنانية هي أساس. لا نستطيع الاعتماد على المانحين. هي تأتي لتكمل دور الدولة، لا لتحل مكانها". لا ينفع نحيب الدولةوعن واقعية مطلب تصحيح الرواتب قالت: "هو مطلب أكثر من واقعي. نحن في أزمة اقتصادية ومالية وتضخم وما يشبه إفلاس الدولة. نعلم كأساتذة هذه التفاصيل. لكن ما ذنب الأستاذ الذي يتحمّل تبعات الأزمة منذ ثلاث سنوات، ويدفع من ماله الخاص؟ ما ذنب الأستاذ عندما تقوم الدولة برفع كل الأسعار، وعندما يأتي دور راتب الأستاذ تقف وتبدأ النحيب؟"وأكدت أن "الأرقام التي رفعها الأساتذة للحكومة لتصحيح أوضاعهم واقعية ومحقة. الأساتذة لا يطالبون بأكثر من العيش بكرامة. جل ما يريدونه تأمين المعيشة حتى نهاية الشهر، لا أن يذلّون على أبواب المستشفيات والسوبرماركت". وقالت: "لم يطلب الأساتذة المعجزات بل العيش بكرامة. نحن موظفون ولنا حقوق وعلينا واجبات. فهل علينا أن ننفق من مالنا على الوظيفة أم تؤمن لنا الأخيرة معيشتنا؟"التعليم للأغنياء؟ورداً على سؤال حول قبول روابط المعلمين بتسجيل الطلاب كي لا يتكرر ما حدث العام الفائت وينزح الطلاب من الرسمي إلى الخاص، أكدت محرز أن القرار واضح: "لا تسجيل للطلاب ولا مشاركة في الأعمال التحضيرية قبل تصحيح الرواتب". وأضافت بالقول: "نحن لا نرمي تلامذتنا في الشارع. نحن نريد تلامذتنا في مدارسهم. والأستاذ في القطاع الرسمي يعطي من كل جوارحه. وهذا ليس مجرد كلام. فقد كشفت الامتحانات الرسمية كيف تفوق تلامذة الثانوي في القطاع الرسمي. لقد كانت نتائج مدارسنا مشرفة وباعتراف الجميع رغم كل الظروف التي مر بها الطلاب، في عام دراسي كان مجهولاً".وأضافت محرز: "المسؤول عن الظلم الذي تعرض له الطلاب ليس الأستاذ بل الدولة. وهذا ما يجب أن يعرفه ذوو الطلاب. لذا نطالب الأهل الوقوف إلى جانب الأساتذة الذين علّموا باللحم الحي. ونطالب المسؤولين بدعم التعليم الرسمي كي لا نصل إلى وضع يصبح التعليم حكراً على الأغنياء، ومن يملك المال يعلم أولاده في الخاص ومن ليس لديه المال يرسل أولاده إلى الشارع والبطالة".