2024- 09 - 29   |   بحث في الموقع  
logo ميقاتي يتلقى اتصالاً من نظيره العراقي: نشكرُ دعم بغداد الدائم للبنان logo قبلان: من اغتال الأمين العام لحزب الله يريد اغتيال لبنان logo القادة الذين اغتالتهم إسرائيل بالتزامن مع اغتيال نصرالله وبعده logo “أمل” شيّعت الشهداء الرساليين في بلدة طيردبا logo "الموقف ثابت بدعم لبنان"... إتصالٌ عراقي بميقاتي logo صحيفة أميركية تكشف سبب نجاح "استخبارات اسرائيلية" مع حزب الله logo "أسباب كيدية"... عودة يناشد عدم ربط مصير لبنان بأي جماعة أو دولة logo بالفيديو: اليكم ما جرى صباحاً عند المعابر الحدودية
لازمة الإستنتاج وسلطته
2022-08-24 12:26:15

كيف تتكون لازمة ما للحديث؟ اللازمة، هنا، تعني عبارة يبدأ بها غيرنا جملته الموجهة الينا قبل أن يعود إليها حين ينتقل إلى غيرها. فاللازمة، بهذا المعنى، هي فاتحة كل الجمل، إذ تقع في بداية كل واحدة منها، لتكون بمثابة علامة على أن جملة سابقة قد انتهت وبعد ثانية قد انطلقت.
لتقديم مثال حول لازمة راهنة، وهي موضوع الديباجة هذه، يمكن الإشارة إلى عبارة تنتقل من الانكليزية إلى الفرنسية وبينهما العربية، لتنتشر في جمل اغيارنا، أكانت تلك التي يتلفظون بها أمامنا أو التي يسجلونها على مواقع التواصل الاجتماعي: so، donc، سو (النقل العربي لـso)، التي يمكن مرادفتها، ومن باب التقريب، من عبارة رائجة، اي "طيب". بالطبع، لا بد من القول، في هذه الجهة، أن "طيب" هنا تعادل "إذاً" أو "إذَن"، بمعنى انها تساويها من ناحية معناها، اي الإستنتاج. فلازمات so، donc، طيب، لها ذات المعنى، بحيث انها تفتح الجملة التي تنطلق منها على أساس أنها استنتاج لما سبقها، ولكن، حين لا يكون ما سبقها هذا موجود، فهذا يدفع الى التساؤل عن أثرها.
فقد يفتح غيرنا، وفي الحديث معنا، جملته الأولى بواحدة من تلك اللازمات، مثلا "سُوْ كذا وكذا". هذه اللازمة هي قد تبدو، وللحظة، كأنها تريد قطع ما جاء قبلها اكثر مما تريد ان تفتح ما يجيء بعدها. وقطعها لما يسبقها ينطوي على أنه كناية عن تشتيت له من أجل الحلول مكانه من باب أن ما ستفتحه هو على قيمة أعلى منه. كمن يتحدث مطولا، وفجأة، غيره يقول "طيب كذا وكذا"، وعندها، يبدي، وبلازمته هذه، أن الحديث ذاك لم يكن المهم بل حديثه الآن. ولكن، القطع ليس وقع تلك اللازمة سوى حين تحل من دون سابق فعلي عليها، إذ إنها، وبذلك، تظهر ما يسبقها بلا أن يتصل بها عبر سياق مشترك كحشو يمكن الاستغناء عنه. وهي تفعل ذلك لأنها تفتح ما يُعد الخلاصة، اي المستنتج. فهذه اللازمة، طيب، او so، او donc، تفتح الحديث على أساس أنه استنتاجي، وعلى نحو أنّ كل جملة منه تفضي إلى نتيجة او أنها هي، وبحد ذاتها، نتيجة.
بديهي القول إن هذه اللازمة، وباللغات الثلاث، تبرز، بادئ ذي بدء، اعلاءً من قيمة الإستنتاج، وخلاصته تحديداً، بالانطلاق من كونه أهم من غيره. وربما، هذا الطموح الذي تحققه هذه اللازمة، أي جعل كل حديث كناية عن استنتاج، وهذا، حتى لو لم يكن كذلك، او لا سيما حين لا يكون كذلك، يتعلّق بالرمي الى اختزال الحديث، والذهاب الى حصيلته مباشرة من دون لف ودوران. بالتأكيد، تحقيق هذا الطموح ينتج جمل اسنتاجية لا يمهدها اي شيء قبلها، ما يحولها الى ما يمكن تسميته خلاصات طائشة، إذ إنها تقع بلا سياقاتها، بلا ما يحضرها، بلا ما يفضي إليها، وبعبارة أخرى، بلا ما يصنعها. فاللف والدوران ليس مجرد سبيل إلى صناعة حشو لا لزوم له، بحيث يمكن رميه جانباً، واستبداله بلازمة، على العكس، هو عملية تصنع مكاناً لهذه اللازمة، وللاستنتاج الذي تقدّمه. إذ إنها، ومن دونه، تبدو كمن يعد بالوصول الى مكان بعيد عنه من دون أن يتحرّك من مطرحه! فهذه اللازمة ترتبط بالقفز فوق الحديث، فوق جريانه، من أجل الذهاب إلى خلاصته كمُنتجه، كما لو أنها لازمة لاستهلاك التحدث: وضع اليد على ما يخلص منه من دون المرور بقنوات صناعته.
وفي السياق نفسه على الاغلب، هناك أثر آخر لهذه اللازمة، اي لـ"so" واخواتها، وهو اليقين. هذا اليقين، مفاده، من ناحية، أن السابق عليها، على استنتاجها، لا قيمة له لأنه ليس خلاصة طائشة، ومن ناحية موازية، أن مستعملها على إمساك بما هو ليس بحشو، وامساكه له هكذا يعني انه صاحب سلطة ما. هذه السلطة، سلطة الاستنتاج، التي تمده بها اللازمة، تجعله ينطلق في حديث من أي محل يقع فيها، كما لو أن كل محل في الحديث هو محل الخلاصة، مثلما أن هذه السلطة تجعله يتقدّم كما لو ان خلاصته تلك هي، ليس الحقيقة، انما يجب قوله. فسلطة الإستنتاج بمثابة سلطتين: سلطة تقفز فوق التحدّث على أساس انه حشو، وهذا، نحو خلاصته، وسلطة تفرض التحدث بهذه الخلاصة على أساس وجوب قولها. اذ انها لا تمنع التحدث سوى لتجعله كناية عن خلاصة طويلة، وهذا فعلياً ما لا يمكن له أن يغدو عليه.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top