سقطت آخر الصوامع الشمالية في مرفأ بيروت صباح اليوم الثلاثاء وعددها أربع، وخلفت وراءها سحباً من الغبار. لكن اتجاه الرياح حمل الانبعاثات نحو البحر، وجنبت سكان المنطقة المحيطة المخاطر الصحية متأتية منها.
وكانت وزارتا البيئة والصحة حذرتا سكان المنطقة المجاورة من أن الانبعاثات التي يخلفها الانهيار تحمل، إضافة إلى سحب غبار الإسمنت، معدلات مرتفعة من الفطريات (من نوع اسبيرجيلوس)، وذلك وفق الفحوص المخبرية للهواء المحيط بالمرفأ، التي جرت بالتعاون مع سرية الوقاية من الدمار الشامل (CBRN)- فوج الهندسة في الجيش اللبناني. ودعت السكان إلى أخذ الحيطة وعدم الاقتراب من المرفأ وإقفال منازلهم في الساعات الـ24 التي تلي الانهيار.انحناء كبيرمنذ أكثر من شهر عاش أهالي بيروت والمنطقة المجاورة لانفجار المرفأ قلقاً يومياً، جراء الخوف من سقوط الصوامع التي تهاوت على دفعات. وبسقوط الأربع صوامع، صباح اليوم، تقفل صفحة إهراءات الجهة الشمالية في مرفأ بيروت، التي كانت مهددة يومياً بالسقوط، وتفتح مرحلة البحث عن معالجة الردميات بطريقة بيئية.ووفق وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين، كان انحناء تلك الصوامع مخيفاً مساء أمس، عندما كان سقوطها متوقعاً بين فينة وأخرى. وأبلغ الخبير السويسري، الذي كان يعاين حركة انحناء الصوامع، المعنيين أن ميلان الصوامع الأربع كان يعادل ثلاث مرات انحناء برج بيزا في إيطاليا.عدم التدخل بشرياًوشرح ياسين لـ"المدن" أنه منذ نحو أسبوع كان الخيار هو ضرورة التدخل السريع لهدمها، لأنها كانت تهدد السلامة العامة. لكنها بدأت تتهاوى ككتل كبيرة. وسقط منذ يومين الجزء الداخلي الذي يربط بينها. لكن الصوامع الأربع المتبقية لم تسقط بسرعة يوم أمس، لأنها استندت من ناحية على الصوامع الجنوبية الثابتة ومن ناحية ثانية ساهمت الأشلاء الكبيرة التي سقطت سابقاً في تشكيل دعائم لها وكانت تستند عليها أيضاً. وحيال هذا الميلان الكبير ألغي القرار باسقاطها عبر تدخل بشري، نظراً لخطورة المسألة وفق ما أكد المهندسون. فقد كان من الصعب دخول الآليات والعناصر والاقتراب منها.معالجة الردمياتتسارعت وتيرة الانحناء وسقطت الصوامع الأربع المتبقية صباح اليوم كما كان متوقعاً. وبسقوط هذه الصوامع الأخيرة للجهة الشمالية بلغ مجموع الصوامع التي سقطت تباعاً منذ نحو شهر، ثماني صوامع.
ووفق وزير البيئة ستبدأ مرحلة البحث عن كيفية معالجة الردميات والحبوب المحترقة وتلك المتعفنة بطريقة بيئية تراعي السلامة العامة. فالتخلص منها بشكل بيئي لن يكون سهل المنال. لذا تواصل ياسين مع منظمات تابعة للأمم المتحدة للتعاون في هذا المجال.صوامع الجهة الجنوبيةوبما يتعلق بصوامع الجهة الجنوبية البالغ عددها نحو تسع صوامع، فهي ما زالت ثابتة ولم تسجل أي حركة منذ سنتين. وأكد ياسين أنه تولى مهمة التنسيق مع زملائه في مجلس الوزراء ومع نقيب المهندسين في بيروت عارف ياسين، لبحث خطوات تدعيمها حيث يجب. وسيصار في اليومين المقبلين إلى تعديل قرار الهدم الذي اتخذه مجلس الوزراء في شهر آذار الفائت. وتعديل القرار يشمل الحفاظ على الجهة الجنوبية كلها، أو الجزء الأساسي منها، لتكون معلماً وشاهداً على الانفجار كما يطالب أهالي الضحايا. لكن مسألة الحفاظ عليها ستكون وفق مخطط هندسي وفني ومالي، ومراعاة المساحات الواجب توفّرها في المرفأ، في خطة الإعمار التي أعدت له.