تجمع بعض من كبار وجوه الأدب الأميركي، أمثال بول أوستر وغاي تاليس، لتنظيم قراءة لمقاطع من أعمال سلمان رشدي دعماً للكاتب البريطاني الذي أصيب بجروح بالغة الأسبوع الماضي في هجوم طعناً بالسكين.
وجرى التجمع الذي شارك فيه حوالى عشرة كتّاب معروفين، بعضهم مقرّب من رشدي، على أدراج مكتبة نيويورك العامة في حي مانهاتن، ودُعي الكاتب إلى متابعة الحدث عبر الإنترنت من غرفته في المستشفى.وكان رشدي، مؤلّف رواية "آيات شيطانية"، يستعد لإلقاء محاضرة في 12 آب/أغسطس في شمال ولاية نيويورك، حين اقتحم رجل المسرح وطعنه عدّة مرّات في العنق والبطن. ونُقل الكاتب في مروحية إلى مستشفى حيث تم وصله بجهاز التنفس الاصطناعي لبعض الوقت قبل أن تتحسّن حالته.وتلا الكاتب والصحافي غاي تاليس مقطعاً من رواية رشدي "البيت الذهبي" (The Golden House)، فيما قرأ الكاتب الإيرلندي كولوم ماكان، مقطعاً من مقال "خارج كنساس" (Out of Kansas) الذي نشره رشدي في مجلّة "نيويوركر" العام 1992. وقال ماكان أن الكاتب "لطالما أثبت أنه بمستوى الظَّرف" مضيفاً: "أعتقد أنه سيكون لديه كلام عميق يقوله" بعد تعافيه.واختارت الكاتبة الأميركية إيه. إم. هومز، التي أثارت بعض مؤلّفاتها مثل رواية "نهاية آليس" سجالات، قراءة مقاطع من نصّ لرشدي بعنوان "عن الرقابة"، مستخرجة من محاضرة ألقاها العام 2012. وجاء في المقطع: "ليس هناك أي كاتب يريد فعلاً التحدث عن الرقابة. الكتّاب يريدون التحدث عن الإبداع، والرقابة مضادة للإبداع".وتعرض رشدي للطعن بعد أكثر من 33 عاماً على إصدار مؤسِّس الجمهورية الإسلامية في إيران، روح الله الخميني، فتوى بهدر دمه في 14 شباط/فبراير 1989، إثر صدور روايته "آيات شيطانية" التي أثارت موجة غضب في العالم الإسلامي. واضطر رشدي إلى التواري تحت حراسة أمنية والانتقال من مخبأ إلى مخبأ.وقرأ الروائي والصحافي البريطاني، هاري كونزرو، مطلع الرواية التي بدّلت حياة رشدي بصورة جذرية ونهائيّة. وقال: "كتب سلمان يوماً أن دور الكاتب هو أن يصف ما هو عصيّ عن الوصف، أن يفضح المنافقين ويتخذ طرفاً، ويطلق النقاشات ويترك بصمة في العالم ويمنعه من الغرق في السبات. لهذا السبب نحن هنا".ودفع منفذ الهجوم هادي مطر، وهو أميركي من أصول لبنانية عمره 24 عاماً، ببراءته من تهمة "محاولة القتل والاعتداء" الموجهة إليه، لدى مثوله الخميس للمرّة الأولى أمام محكمة منذ توجيه التهمة إليه. وصرحت سوزان نوسيل، رئيسة الفرع الأميركي لجمعية "بين" (PEN) للدفاع عن الكتّاب في العالم والتي نظمت التجمع: "حتى سكّين في حنجرة سلمان رشدي لا يمكن أن يسكت صوته".وقبل تلاوة نص بدورها، توجهت الكاتبة البريطانية تينا براون مباشرة إلى رشدي قائلة: "لم تطلب يوماً أن تلعب دور بطل". وتابعت: "كل ما كنت تريده هو أن تتفرّغ للكتابة. لكن تعنّتك في الدفاع عن حرية التعبير جعل منك بطلاً، ودفعت ثمناً فظيعاً".ورأت الكاتبة والمؤرّخة أماندا فورمان، أن التعبئة "تثبت أن الناس ليسوا خائفين". وقالت لوكالة "فرانس برس": "جميعنا على استعداد للدفاع عمّا نؤمن به".وولد رشدي في 19 حزيران/يونيو 1947 في بومباي بالهند في عائلة من المثقفين المسلمين غير الممارسين للشعائر الدينية، عائلة ثرية وتقدميّة ومثقفة. ورغم الخطر، ظهر الكاتب مؤخراً بشكل متزايد في العلن من دون حماية أمنية ظاهرة، مواصلاً في الوقت نفسه الدفاع في كتبه عن حرية التهكم وعدم احترام الأديان.وفي مقابلة أجرتها معه مجلّة "شتيرن" الألمانية قبل بضعة أيام من الهجوم، أبدى تفاؤلاً قائلاً: "منذ أن انتقلت للعيش في الولايات المتحدة، لم يعد لديّ مشكلة. حياتي عادت طبيعية من جديد".