2024- 11 - 02   |   بحث في الموقع  
logo الشيعي الأعلى: لتحرك عاجل يوقف تدمير إسرائيل لدور العبادة logo بيانٌ من "حماس" حول مصير "الضيف" logo إسرائيل تزعم استهداف قياديّ جديد من الحزب.. من هو؟ logo استهداف تجمع لقوات العدو في “أفيفيم” logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم السبت logo إيران تتوعد إسرائيل... وتلميحات عن السلاح النووي logo غاراتٌ إسرائيلية على الحدود... معابرٌ استراتيجية تحت النار مجددًا logo بالفيديو: غارة إسرائيلية استهدفت جسراً في عكار
جورج الراسي... عن بدايات سليم عبود وياسين الحافظ
2022-08-20 12:56:10

الإنتقال من ساحة ساسين في الأشرفية إلى ساحة البربير في بيروت الغربية كان - ولا يزال - يوازي، في بعض جوانبه، رحلة تقودك من سوق الحميدية في دمشق... إلى جزر المالديف...
تغير كامل في الأشكال والروائح والألوان وكأنك انتقلت في بضع دقائق من عصر إلى آخر، كرحلات الإستشراق التي كان يقوم بها في القرون السابقة بعض الكتّاب والرسامين أمثال Chateaubriand وLamartine وÉtienne Dinet وDelacroix، والتي تفوح منها روائح البحث عن الغرائبية Exotisme.حاول بعض رجال الدولة القلائل جداً (على أعتبار أنها قلما كانت دولة، ونادراً ما عرفت الرجال) بناء مؤسسات متماسكة كما فعل فؤاد شهاب، إلا ان الأمور لم تذهب بعيداً، وظل موضع فخرنا الRING الذي تكفيه بضعة حجارة وحاوية نفايات مشتعلة لإغلاقه من جديد.الأب سليم عبو: إلا كلود ليفي شتراوس!
وجهان اخترتهما لمحاولة الإحاطة بتلك السنوات المضطربة في سبعينيات القرن الماضي: الأب اليسوعي سليم عبو، والسياسي العقائدي ياسين الحافظ. تولى سليم عبو التدريس لمدة إثني عشر عاماً في مدرسة الآداب العليا التابعة للجامعة اليسوعية، مادة عزيزة على قلبه هي "الأنتروبولوجيا"، وممثلها الأبرز كلود ليفي شتراوس. بالمناسبة فإن أحد تلامذته النجباء ويدعى أمين معلوف، احتل بعد نحو أربعين عاماً، كرسي ليفي شتراوس الفارغ في الأكاديمية الفرنسية!سليم عبو أولى إهتماماً خاصاً لمواضيع اللغة والهجرة، وأصدر بحثاً مهماً عن "الثنائية اللغوية في لبنان Le bilinguisme au Liban، كما كتب عن "لبنان المقتلع" Liban déraciné.. وأمضى شهوراً حينها في الأرجنتين لدراسة هذه المسألة على أرض الواقع (لو سألني حينها لأخبرته أن شطراً كبيراً من عائلتي يعيش في ذلك البلد منذ أوائل القرن الماضي، وأن أحد أبناء بلدتي وصل إلى رئاسة الجمهورية!). إلى جانب اهتماماته الأكاديمية، كان سليم عبو يحاول أن يطبق، من طريق الثقافة، ما سعى اليه الرئيسان فؤاد شهاب والياس سركيس من طريق السياسية، أي خلق عوامل وحدة بين مختلف الأطياف والطوائف اللبنانية. من أجل ذلك أسس ما سمّاه "المركز الثقافي الجامعي "Centre culturel universitaire " وإتخذ له مقراً في قلب حي البربير! يعني صبايا الأشرفية بالحُمرة والبودرة والغندرة والجينز، أصبحن يطلبن العلم في بيروت الغربية... بدلاً من الذهاب إلى الصين! فكان يخيل إليهن أنهن يعبرن من سوق الخضار إلى متحف اللوفر بخطوات قليلة... لحضور أمسيات ثقافية ونقاشات فكرية وسهرات طربية. لا أدري كم "علّمت" تلك التجربة في جلودهن... لكن النوايا كانت حسنة!تسلم سليم عبو بعد ذلك، رئاسة الجامعة اليسوعية، مكان الأب اليسوعي الفرنسي Ducruet الذي لم يضبطه أحد وهو يبتسم ولو ابتسامة خفيفة على مدى نحو عشر سنوات... ولم يكن ذلك بالتغيير البسيط. واحتفل العام 2000 بمرور قرن وربع القرن على تأسيس الجامعة العام 1875 (صاروا اليوم قرناً ونصف القرن)، وأعلن بفخر أن طلاب الجامعة لم يعودوا أبناء النخبة الكلاسيكية. وأصبح "المسلمون يشكلون 25% من المجموع" (لم تكن بعض التلاوين قد ظهرت بعد..)، ورفع شعار "لبننة" الجامعة اليسوعية.لكن الجديد في خطاب عبو أنه إتخذ منحى سياسياً جديداً مناهضاً بعنف للوجود السوري آنذاك، ورافضاً في الوقت نفسه الإحتلال الاسرائيلي (قبل التحرير طبعاً)، ورفع شعاراً جديداً ومستجداً يقول: "نحن مع وحدة المسار مع سوريا، لكن ليس مع وحدة المصير معها" (الله نطقه). يعني دشّن الخط الذي سيسير عليه البطريرك صفير لاحقاً. وكان من عادة عبو أن يلقي "خطاب العرش" في 19 آذار/ مارس من كل عام يحدد فيه سياسة "المملكة" للعام الجديد.ياسين الحافظ: خسرته الكنيسة... ولم يربحه الجامعياسين الحافظ، إتخذته نموذجاً لأن كل "الشكشوكة" الأيديولوجية لتلك المرحلة تمثلت فيه، ليس في لبنان وحده، بل في سوريا أيضاً. شيوعي ماركسي، وقومي عربي، وليبرالي حداثي، وبعثي ناصري. يعني خلطة ليس من السهل فك طلاسمها. هو أصلاً بدوي، بكل ما في الكلمة من معنى، وبكل ما فيها من عفوية وطهارة. ينتمي إلى عشيرة البوكسار، إحدى العشائر الثلاث الأكبر في دير الزور (مع البوعبيد والهنيدي)، والتي يقال انها تتحدر من سلالة الحسين بن علي بصفتها فرعاً من عشيرة البقارة...أولى مفارقات حياته، أن أمّه أرمنيّة مسيحية، من الأرمن الذين نفذوا بجلدهم من مذابح العام 1915 في تركيا وهربوا إلى حلب. تزوجها والده إلى جانب زوجته الأولى، وكانت في الثالثة عشرة من عمرها، بينما كان هو في الخامسة والثلاثين. درس ياسين في مدارس السريان الأورثوذكس وكان يواظب على حضور القداس وتناول القربان بمعية والدته التي توفيت سنة 1946 في الخامسة والثلاثين أيضاً.بداية ياسين تشبه بدايات الكثير من أبناء جيله المتطلعين إلى تحرير وتطوير بلادهم. تربى على أساطين "البعث"، ثم تبنى النهج الناصري، وعاد إلى البعث لكي يتصدر جناحه "الماركسي" ويساهم في مركَسته من خلال ما عرف "بالمنطلقات النظرية" التي أقرها المؤتمر القومي السادس للحزب سنة 1963، وظلت موضع أخذ وردّ، حتى المؤتمر القومي السابع سنة 1965، وصولاً إلى إنقلاب 23 شباط/فبراير 1966، والبقية معروفة...ما أريد الوصول إليه هو أن الحافظ خرج من الحزب إلى باريس أولاً (حيث عاش مأساة 1967)، ثم حط الرحال في بيروت يبشر بالحزب الجديد "حزب العمال الثوري" الذي أسسه مع علي صالح السعدي وحمدي عبد المجيد وحمود الشوفي وآخرين... وقد تحلق حوله في بيروت عدد من الشباب المثقف، وكأنهم أمام "يوحنا الفم الذهبي"... والطريف أن معظمهم كان من تلامذة او خريجي المعاهد الفرنسية المدهوشين أمام ماركسي سوري ناصري. وهو يحدثهم بلهجة بدوية، عن ماركس ولينين والثورة والإشتراكية، على أساس أن ما حققه مع رفاقه في سوريا "بيرفع الراس"... كل عناصر الكوكتيل الثوري في تلك الأيام... ماذا سيفعل "حزب العمال الثوري" في لبنان؟ يا جماعة إذا نحيتم جانباً العمّال العرب والأجانب -حتى لا يزعل أحد- من يبقى من عمّال لبنان؟متى يدرك الجميع أن هذا بلد فكر وثقافة وسياحة وخدمات ومصارف (الله لا يردهم... ولعنة الله عليهم...) وأن كل ما ينقصه هو أن يتحول إلى بلد بالفعل؟(*) بعد الحلقة الأولى، والثانية، هنا الحلقة الثالثة من مدونة نشرها الكاتب جورج الراسي في صفحته الفايسبوكية.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top