وضع الجامعة اللبنانية بات مزرياً. لم تعد تستطيع ليس بدء العام الدراسي المقبل، بل إنهاء العام الحالي. وبعيداً من إضراب أساتذتها الذي يبقي العام الحالي معلقاً، طالما لا امتحانات تجرى للطلاب، فحتى الحدود الدنيا لفتح الصفوف بات غير متوفراً، والمقصود تأمين الكهرباء. ما جعل بعض الطلاب يلجؤون إلى تأمين "تنكة مازوت" لتشغيل مولد الكهرباء لإجراء مناقشة أطروحة الدكتوراه في المعهد العالي للدكتوراه.
منذ أكثر من سنة تصرخ الجامعة ويضرِب أساتذتها، الذي باتوا غير قادرين على العيش قبل الحديث عن إجراء الامتحانات. هذا فيما المسؤولون في الدولة غائبون عن السمع. فهل تكون الهبة المطلوبة من صندوق قطر للتنمية منقذة للجامعة كي تسير عامها الدراسي المقبل؟غير قادرة على الاستمرارما من مأساة توصّف الوضع الحالي أكثر من أن بديهيات التعليم باتت غير متوفرة في الجامعة، أي تأمين المحروقات. وللمزيد من الوضوح نورد ما جاء على لسان رئيس الجامعة الدكتور بسام بدران في حديث لـ"المدن": "لا يوجد جامعة في العالم كله تعتل همّ تأمين الكهرباء مثلما هي الحال في لبنان. الكهرباء من بديهيات التعليم لتأمين الإنارة والتهوئة، قبل الحديث عن الامتحانات ومستلزماتها، وحاجة المختبرات إلى تيار كهربائي بشكل مستمر".باختصار، لم تعد الجامعة قادرة على الاستمرار، يقول بدران لدى سؤاله عن حال الجامعة وإضراب أساتذتها وبقاء مصير العام الحالي معلقاً بيد أستاذ ومدرب أو موظف، راتب الأول خمسة ملايين ليرة، والثاني مليون و800 ألف ليرة. وكلهم لم يحصلوا على أي مساعدة بخلاف كل موظفي القطاع العام.ويلفت بدران إلى الجامعة حصلت على مراسيم عدة: مرسوم بـ104 مليار ليرة لدفع نصف راتب للأساتذة للأشهر الستة الأولى للعام الحالي، ومرسوم بـ128 ملياراً لدفع راتب كامل يدفع ابتداء من الأول من تموز، ومرسوم بخمسين ملياراً لتحفيز وتيسير أمور الجامعة وبدل نقل، ومرسوم لمضاعفة أجر ساعة المتعاقدين بقيمة 120 ملياراً. مراسيم مضى عليها أشهر ولم تطبق. ولم يحصل الأساتذة أي شيء وباتوا يثقون أنهم لن يحصلوا عليها. علماً أن قيمة المساعدة انخفضت كثيراً، لأنه عندما أقر مرسوم النصف راتب العام الفائت كان سعر الدولار في محيط العشرين ألف ليرة واليوم يفوق ثلاثين ألف ليرة.ويضيف بدران، ما نقوله هو من بديهيات تأمين استمرارية الأساتذة والموظفين أقله، كي ينهوا الامتحانات والعام الحالي، قبل الحديث عن العام الدراسي المقبل. ورغم ذلك لم تحصل الجامعة إلا على وعود من دون تنفيذ.بعيداً عن وضع الجامعة الحالي الذي يعيق استكمال العام الدراسي الحالي، وضعتم ميزانية لتأمين هبة من صندوق قطر للتنمية، كي تتمكن الجامعة من فتح أبوابها العام المقبل. على ماذا تقوم هذه الميزانية وما هي كلفتها المالية؟منذ مدة نعمل على تأمين دعم مادي للجامعة كي نسيّر العام الدراسي المقبل. فمن دون الدعم المادي لا يمكن الاستمرار. وتوجهنا إلى أكثر من مصدر منها صندوق قطر للتنمية. لقد أجرينا دراسة ووضعنا ميزانية بحدود دنيا تقوم على تأمين مبالغ مالية لدعم الموظفين والأستاذة، ووسائل نقل للطلاب والكلفة التشغيلية، قيمتها 35 مليون دولار. وهي موزعة على: تأمين وسائل نقل للطلاب، بقيمة مليونين و250 ألف دولار لمدة تسعة أشهر كي نستطيع إجراء عام دراسي حضوري. فلا ينفع فتح الجامعة من دون حضور الطلاب. وتأمين الحد الأدنى لصمود الأساتذة لدعمهم بنحو 200 دولار. وتأمين الحد الأدنى للأمور التشغيلية مثل الورق والمحابر لإجراء الامتحانات، ومحروقات وصيانة المولدات لتشغيل الجامعة. ورفعت الجامعة هذه الميزانية إلى وزارة التربية التي أعدت بدورها ميزانيات لباقي القطاعات التعليمية لطلب المساعدة من الجهات المانحة التي تعنى بقطاع التربية، وصندوق قطر للتنمية جزء من هذه الجهات التي تدعم التربية.هذا المبلغ المطلوب أقل من نصف قيمة المنح التي تقدمها بعض الجامعات الخاصة لطلابها، ومن شأنه أن يؤمن عاماً دراسياً لجامعة تضم نحو مئة ألف طالب. هل من مؤشرات حول الحصول على هذه الهبات التي لا يمكن من دونها بدء العام الدراسي؟ صحيح أن هذا المبلغ بسيط، وقد لا يساوي شيئاً لبعض الدول، لكن المشكلة أنه لم يعد هناك ثقة بلبنان للحصول على المساعدات. من جانبنا أجرينا دراسة موسعة للحد الأدنى كي نفتتح العام الدراسي المقبل، ولا نريد أكثر من هذه الأمور كي نشغل جامعة تضم نحو مئة ألف طالب، حتى لو كانت غير كافية.المبلغ قليل وهذا صحيح. لكنه يسمح للجامعة بأن تؤمن مبالغ بسيطة لتحفيز الأساتذة والموظفين، ودعم نقل الطالب وتأمين وسائل إجراء الامتحانات، وتأمين المحروقات لتسعة أشهر لفتح الصفوف. لكن لم نحصل على إجابات إذا كانت الجهات المناحة ستستجيب. لقد قمنا بما يلزم ونظمنا زيارات وعرضنا الحاجة، وعلينا الانتظار للحصول على الرد. فهذه الأمور تأخذ وقتها عادة. وعلى سبيل المثال ما زالت المفاوضات مع البنك الدولي مستمرة منذ تسعة أشهر لتركيب طاقة شمسية للمجمعات الجامعية والإدارة المركزية لتخفيف كلفة المحروقات والصيانة، ولم نحصل على الهبة بعد.في حال لم تتمكن الجامعة من الحصول على الهبات، ما هي الخيارات المتاحة؟في حال لم نؤمن الدعم، علينا أن نعمل بما سيكون متاحاً. المطلوب دعم الجامعة وبالحد الأدنى كي تستطيع تسيير العام الدراسي. قد نحصل على هبة بكل المبلغ المطلوب أو جزء منه. أما في حال لم يتأمن أي شيء فلا مناص من تعديل رسوم التسجيل في الجامعة.هل من مداولات لرفع رسوم التسجيل على الطلاب؟لغاية اليوم لا نية برفع رسم التسجيل. الأمر بحاجة لتعديل المرسوم في مجلس الوزراء. فالجامعة لا تتقاضى أقساطاً سنوية من الطلاب، لكنها لن تستطيع الاستمرار في ظل رسم سنوي باتت قيمته أقل من عشرة دولارات. هذا أمر غير منطقي. في حال أمنت الجامعة المساعدات لن تطلب إعادة النظر برسم التسجيل. وحتى لو لجأنا إلى هذا الخيار سنعمل على رفعه بما يراعي ظروف الطلاب والأهل، وفق مبدأ "بحصة بتسند خابية".