بعد نحو أربعة أشهر على مأساة غرق القارب قبالة شواطئ طرابلس، في 23 نيسان الفائت، وصلت أخيرًا الغواصة التي تبرع بتكاليفها مغتربون في استراليا، من مرفأ جزيرة تينير الإسباني إلى مرفأ بيروت، قبل أن يتم نقلها الخميس إلى مرفأ طرابلس. ويفيد مصدر عسكري لـ"المدن" أن الغواصة ستبدأ من الاثنين المقبل عملية انتشال القارب من عمق يتجاوز 470 مترًا، ووضعت أسبوعًا كحد أقصى لعملياتها الدقيقة التي ستحظى بمؤازرة ميدانية ومن غرفة عمليات القوات البحرية التابعة للجيش في المرفأ. قلق الأهالي وبدأ ذوو ضحايا المفقودين العد العكسي لاستلام رفات أبنائهم العالقة داخل القارب، ويخشى بعضهم ألا تنجح عملية الغواصة بالعثور على المفقودين الذين طال انتظارهم وسط تخلي السلطات الرسمية عن مسؤولياتها تجاههم، وتحديدًا لجهة استقدام غواصة من الخارج عن طريقها بدل الجمعيات الخاصة. ويترقب كثيرون إن كان هذا الحدث الذي يحرك مواجع الأهالي سيؤدي إلى بعض التحركات العفوية والاحتجاجية، خصوصًا أن التحقيقات العسكرية لم تأتي بالعدالة للأهالي الذين يتهمون ضباط السفينة التابعة للقوات البحرية بالتسبب بغرق القارب. ويفيد بعض الأهالي "المدن" أنهم يستعدون للتحرك ومتابعة العملية ميدانيًا، عبر التنسيق مع النائب أشرف ريفي.
وكان شقيق ريفي، جمال ريفي، وهو مغترب مقيم في استراليا تولى عملية جمع التبرعات والتنسيق مع إحدى الجمعيات الاسترالية، والإشراف على عملية إرسال الغواصة التي كبدت نحو 250 ألف دولار، ناهيك عن تكاليف أخرى لطاقمها، وهو يتألف من 8 تقنيين وخبراء ومشغلين على متن الغواصة، وآخرين يتابعون العملية فوق سطح البحر مع القوات البحرية.
ويقول أشرف ريفي لـ"المدن" إن استقدام الغواصة اصطدم بالكثير من العراقيل المادية واللوجستية وحتى الأمنية. إذ تأخر حصولها على تصريح خاص من الجهات المعنية بالاتحاد الأوروبي لدخول لبنان، ورضخت لعمليات تدقيق كثيرة، إضافة إلى فرض شروط صعبة من شركة التأمين لضمان سلامة طاقمها.
وقال ريفي أن المسح البحري للجيش الذي قدّر غرق القارب بعمق يتجاوز 470 متراً، فرض استقدام غواصة بتقنيات عالية جدًا، وهذه الغواصة الملقبة باسم Spises 6 تعمل حتى عمق 2500 متر. مسار البحث والتحقيقوترجح معظم التقديرات أن تكون جثامين المفقودين عالقة داخل المركب بغرفته السفلية التي اختبأوا بها أثناء الغرق وأغلقوا الباب، وفق روايات الأهالي.
يُذكر أن القارب غرق أثناء عملية هروب غير نظامية من شمالي لبنان إلى إيطاليا، واعترضهم طرادان مطاطيان وسفينة تابعة للجيش بعد نحو ساعتين من انطلاقهم ليلًا، وقبل تجاوزهم المياه الإقليمية اللبنانية. وكان على متن القارب نحو 85 مهاجرًا، معظمهم لبنانيون وبينهم سوريون وفلسطينيون، نجا منهم 48 شخصًا، وجرى انتشال 7 جثث، وما زال ما لا يقل عن 30 فردًا في عداد المفقودين، معظمهم من النساء والأطفال.
وإلى حين البدء بعملية انتشال القارب، سيقوم فريق الغواصة بالتعاون مع الجيش بمسح المنطقة البحرية التي غرقوا بها، وقد تستغرق العملية نحو أسبوع وفق التقديرات الأولية.
وفي منتصف حزيران الفائت، قدم نحو 11 محاميًا بشكوى قضائية ضد 13 عنصرًا بحريًا عسكريًا، بتهمة التسبب بإغراق القارب، ولم يتم البت بالدعاوى بعد. في حين يعول البعض على انتشال القارب، وأن تساعد عملية الكشف عليه بمسار التحقيقات. ومن المفترض أن تخضع رفات المفقودين لفحوص DNA لكشف هويتها قبل تسليمها لذويهم.