2024- 09 - 29   |   بحث في الموقع  
logo 4 شهداء… العدوّ الإسرائيليّ استهدف مزرعة في بلدة زبود logo المقاومة تستهدف تحركات لجنود العدو في “المنارة” logo تقرير: إسرائيل وحزب الله ينزلقان شيئاً فشيئاً نحو حرب شاملة logo بعد أخبار عن إنفجار فيه... مدير المرفأ يوضح! logo في محيط "مدينة رفيق الحريري"... أمن الدولة يزيل خيم للنازحين السوريين logo المكاري بعد اجتماع لجنة الطوارئ الحكومية: الجهود الديبلوماسية لوقف إطلاق النار مستمرة logo شيخ العقل اتصل ببري وجنبلاط ودعا إلى الوحدة الوطنية.. logo تظاهرات في سيدني وملبورن ضد الارهاب الإسرائيلي في غزة ولبنان
الإبقاء على البربرية... الناجية من الحضارة
2022-08-14 09:56:12

دعوة لويزا يوسفي واضحة من مطلع كتابها، لا بل من عنوانه، الى نهايته: يجب ان نبقى برابرة. والـ"نحن" هي أقل وضوحاً من هذه الدعوة، إذ إنها تضم ما تمثله الكاتبة، اي ابنة عامل هاجر من الجزائر إلى فرنسا، ولكنها، وفي الوقت نفسه، هي تضم كل هؤلاء الذين، أكانوا متحدّرين من الهجرة أم لا، لا يجدون أن الثقافة الشرعية والطاغية توافق ما يبغون أن يكون حضورهم عليه. فالبربرية، هنا، هي ما لا يمكن لهذه الثقافة أن تقبض عليه، أن تروضه، ولهذا، بالتحديد، البربرية مزعجة لها، ولمؤسساتها. بالتالي، حث يوسفي على البقاء بربريين، أو الإبقاء على البربرية، هو بمثابة حض على التمسّك بما يقع خارج الثقافة إياها، مشكلاً ما يوخزها.ولكن، هذا لا يعني أن يوسفي تأخذ على عاتقها، وفي مديحها للبربرية، تحقيق غاية بعينها، وهي وخز هذه الثقافة. خلاف ذلك، هذا الوخز ليس مشروعها الأساس، إنما مشروع آخر، سهل، ضروري، لا بل بديهي، وما الوخز ذاته سوى أثر من اثاره. مشروع يوسفي يرتكز على جملة للروائي الجزائري كاتب ياسين: "أشعر بأن أشياء كثيرة أريد قولها، ولهذا، لا يجب أن أكون مثقفاً بطريقة مفرطة. لا بدّ أن أحافظ على نوع من البربرية، أن أبقى بربرياً". من هنا، مشروع يوسفي، وبالانطلاق من جملة ياسين هذه، هي البربرية كسبيل من سبل القول، أو، وعلى وجه الدقة، سبيل من سبل امكانه. فيوسفي، وعلى طريقة ياسين، تشير إلى أنها، وحين تكتم بربريتها، لا تعود قادرة على القول، ولا تعود قادرة على الكتابة، بل كل ما تقوله وتكتبه هو مجرد ابتعاد عن كل قول وعن كل كتابة. هكذا، يوسفي تتمسّك بالبربرية لأنها، من دونها، لا يمكن لها، وبعبارة واحدة، أن تتكلّم. ولكن، ما هي هذه البربرية؟
هي، بداية، وبإستناد يوسفي إلى الروائي الجزائري محمد ديب، "الشمس الكبيرة"، التي لا يمكن النظر إليها مباشرة لأنها توجع العيون، مثلما أنها، وبالتوازي مع ذلك، ما يضيء طريق أصحابها، أي كل بربري. ولكن، ما يبدو ملفتا في تعريف البربرية على أنها "شمس كبيرة" هو ما تشدّد عليه يوسفي، وهو أن هذه الشمس ليست كغيرها، والسبب أنها لا تغيب لتشرق من جديد، بل إنها، وعلى الدوام، مقبلة الاشراق. بشكل مختلف، وبالحديث مجدداَ عن مشروع يوسفي، هو ليس مشروعاً ماضويا: الرجوع إلى البربرية بما هي مرحلة أو حالة سابقة على الحضارة. على عكس هذا، مشروع يوسفي هو مشروع مستقبلي: البربرية هي ما يأتي بعد الحضارة، بعد ما يسمى "الامبراطورية". مجيء البربرية هذا له سبب أساس، وهو أن هذه البربرية، ولأنها خارج هذه الامبراطورية، أي ما لم تستطع ثقافتها ابتلاعها، فهي ستبقى من بعدها. البربرية هي الناجية من الحضارة، وهذه الحضارة، وإن كان هناك مجال لها أن تتواصل لاحقا، ولكن، من دون أن تكون على ما هي عليه الآن، فهذا المجال لا تتيحه سوى البربرية. بهذا المعنى، البربرية هي التحضر، تماماً، كما أنّ الإبقاء عليها ليس انصرافاً من الحضارة، انما هو انتقال الى مستقبلها.
فعلياً، يوسفي تبدّل معنى البربرية، وهذا، ليس من خلال تقديمها كشيء مقبل، وليس ماضياً، كما يحصل عند قراءتها تاريخوياً، بل، وأيضا، عندما تقول إنها هي الحاضر بعينه، أي أنها طريقة وجود فيه. ولهذا السبب بالتحديد، هي تتحدّث عنها، وطوال الغالب من صفحات كتابها، على أساس أنها مضارعة، ومضارعتها تتوزع على فضاءات عدة، من قبيل الأدب والموسيقى والفن وسواها. بالطبع، يوسفي تخصّص قسماً عن موسيقى الراب، بما هو مكان البربرية، ولكنها، وبالاضافة الى ذلك، تتنقل بين نصوص مختلفة لا تقلّ أهمية، أو بربرية، عن أغاني الراب التي تختار مقاربتها. فالبربرية موجودة في كل مطرح، ويوسفي تعقد النية على الإشارة إليها، على جعلها مفهوماً، أو موقفاً، ومرد ذلك، تكتبه بصراحة: "لأني فشلت أن أكون بربرية"!


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top