2024- 09 - 29   |   بحث في الموقع  
logo 4 شهداء… العدوّ الإسرائيليّ استهدف مزرعة في بلدة زبود logo المقاومة تستهدف تحركات لجنود العدو في “المنارة” logo تقرير: إسرائيل وحزب الله ينزلقان شيئاً فشيئاً نحو حرب شاملة logo بعد أخبار عن إنفجار فيه... مدير المرفأ يوضح! logo في محيط "مدينة رفيق الحريري"... أمن الدولة يزيل خيم للنازحين السوريين logo المكاري بعد اجتماع لجنة الطوارئ الحكومية: الجهود الديبلوماسية لوقف إطلاق النار مستمرة logo شيخ العقل اتصل ببري وجنبلاط ودعا إلى الوحدة الوطنية.. logo تظاهرات في سيدني وملبورن ضد الارهاب الإسرائيلي في غزة ولبنان
مرآة العلوم الاجتماعية المكسورة في المشهد اللبناني
2022-08-10 11:56:08

يأتي هذا العمل الجماعي، الصادر عن دار نشر في مرسيليا، كتتويج لبرنامج تقوده المؤرخة كانديس ريموند، وعالمة السياسة ميريام كاتوس، وساري حنفي في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في بيروت منذ العام 2016. هو جزء من شراكة Hubert Curien الفرنسية اللبنانية بدعم من برنامج Cèdre والوكالة الجامعية للفرانكوفونية، ويترجم تقاطع الأفكار والدراسات بين الباحثين من العالم العربي، خصوصاً من لبنان، وبين شركائهم الفرنسيين حول التدريس والبحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية (SHS).وتعد مساهمات المؤلفين العشرة في "المرآة اللبنانية" -وهم جميعاً أكاديميون يعملون في لبنان أو على دراسة واقعه- أكثر إبتكاراً كونها تجمع بين المعرفة المباشرة والعملية لموضوع دراستهم مع نظرة تأملية وانتقادية لا تخلو من التعاطف.ثلاث جامعات وبيروتيوجد في لبنان اليوم حوالى 50 مؤسسة تعليم عالٍ وبحثي، إلا أن الدراسات تركز على الجامعة اللبنانية (UL)، وهي الجامعة الحكومية، والتي تجمع وحدها نحو 80% من أعضاء هيئة التدريس وطلاب العلوم الانسانية والاجتماعية.كما تركز الدراسة على كلّ من الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) وجامعة القديس يوسف (USJ)، وهما جامعتان خاصتان قويتان أسسهما مبشّرون مسيحيون في نهاية القرن التاسع عشر وما زالت تدعمهما حتى اليوم الولايات المتحدة وفرنسا.من ناحية أخرى، تظل الدراسات عمومًا محصورة في بيروت الكبرى، حيث تتركز الأنشطة الثقافية والمؤسسات التعليمية، ما يترك مجالًا ضئيلًا للمبادرات والمواقع البديلة مثل جامعة البلمند الأرثوذكسية، شمالي البلاد.إن الجامعات الثلاث المختارة (UL، AUB، USJ) تمثل الغالبية العظمى من الحياة العلمية والأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية في لبنان، والأسئلة وطرق البحث التي تجمع المؤلفين تدعونا إلى تجاوز الحدود. وهذه بالفعل أولى صفات هذا الكتاب.طريق المأسسةتجدر الإشارة، كما تفعل مقدمة الكتاب، أن هذا ليس تقييمًا بعد قرن قصير من المأسسة وممارسات العلوم الإنسانية والاجتماعية في لبنان. وهو حتى أقل من تقييم كمّي: فالإحصاءات القليلة والجداول الزمنية التي يحاول بعض المؤلفين طمسها بسبب عدم اليقين من المصادر، سواء تم فحصها بدقة من قبل علي موسوي في ما يتعلق بالأطروحات والدبلومات التي يتم الدفاع عنها في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، أو تم جمعها بشق الأنفس من قبل C.Remmond لتقديم جدول بالمجلات المعنية المتخصصة والعامة.من المؤسف بالطبع عدم وجود مصادر كمية موثوقة عند محاولة وضع القطاع المدروس في منظور أوسع للحياة الثقافية في لبنان، ونسبيًا في المنطقة العربية. لكن هذا أمر لا مفر منه، خصوصاً أن بيانات المؤسسات الدولية (اليونيسكو، أليكسو، إلخ) لا تتضمن أكثر من ذلك.إطلالة على مشهد كارثيهو إذن جردة، أو بشكل أدق، هو ملاحظة وتحليل ورسم تخطيطي للتنظير في هذه الجردة أو المخزون.الخاصية الأولى: أفق الأزمة المنتشر. أُجريت غالبية الاستطلاعات الواردة في الكتاب في نهاية العام 2010، وتحمل النصوص المكتوبة في أوائل العقد الأول من القرن الحالي (العام 2020 وما بعد) علامة الأزمة الخطيرة متعددة الأبعاد التي عصفت بلبنان وقت كتابتها:- وجود أكثر من مليون سوري في البلد فروا من القمع والحرب.- انفجار الفقاعة المالية التي احتفظت بها النخب الجشعة والعمياء لمدة ثلاثين عامًا بعد الحرب الأهلية 1975-1990؛- تفاقم الانقسام بين الطوائف الدينية والمذهبية على خلفية التنافس السعودي الإيراني؛- عسكرة المواجهة مع إسرائيل من خلال التعبئة المسلحة لـ"حزب الله".إضافة إلى الانفجار الهائل في صيف 2020، الذي دمّر قلب بيروت (ناهيك عن كوفيد).يشير جميع المؤلفين، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى هذا السياق القاتل، خصوصاً أن الإفقار السريع والعنيف للمجتمع اللبناني يؤثر بشكل خاص في الشباب الذين دُفعوا إلى الهجرة فيما التعليم الجامعي محروم من أبسط مقوماته وموارده وتم تسخيف وتسطيح الحياة الثقافية والفكرية.الخاصية الثانية أكثر فائدة لتحليل العلوم الاجتماعية في لبنان من منظور مقارن. تقدم ثلاثة فصول على الأقل، من فصول الكتاب الثمانية، عرضًا استعاديًا للمدة المتوسطة لتتبع مسار اتجاه مؤسسة أو تخصص. يتفق الجميع على اللحظات الحاسمة في التاريخ اللبناني منذ الاستقلال (1943) وعلى تأثيرها الحاسم في تشكيل التدريس والبحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية.بيتي جيلبرت، التي تكشف عن تعقيدات مأسسة علوم المعلومات والاتصالات في الفرع الثاني للجامعة اللبنانية، شرقي بيروت؛ إريك فيرديل، عندما يتابع تطور علوم المدينة، من "سطوة" المهندسين الى سكان المدن، فيما تحاول هالة عواضة، التي كانت تعمل في علم الاجتماع النقدي لمعهد العلوم الاجتماعية منذ إنشائه العام 1959، تحديد التاريخ الاجتماعي للعلوم الإنسانية والإجتماعية، مع التركيز على ثلاثة تواريخ تأسيسية للبنان المستقل:-أولاً: رئاسة فؤاد شهاب (1958-1963) التي تجلت رؤيتها القومية والتنموية من خلال تعزيز الجامعة اللبنانية (التي تأسست في أعوام 1951-1953)، ومن خلال إنشاء محطة الفضاء الدولية التي سرعان ما أصبحت أرضاً خصبة للأكاديميين الملتزمين.ثانياً: فترة الحرب الأهلية (1975-1990) التي تسببت في انقسام الجامعة اللبنانية من العام 1976 بين شرق بيروت وغربها؛ إنقسام ما زال يحدد إلى اليوم هيكلية الدوائر الفكرية والجامعية في مجال العلوم الاجتماعية. ثالثاً: فترة "إعادة بناء" الليبرالية الجديدة للبلاد بعد العام 1990، حيث أصبح الربح والخصخصة نموذجًا للمنطق الاجتماعي وانسحب ذلك ايضاً على المجال الثقافي.لكن مواضيع أبحاث العلوم الاجتماعية تفسح المجال واسعاً للبحث في أسئلة الطبقية والتنمية والهويات الأسرية والدينية والعنف.هل تستطيع العلوم الإنسانية والاجتماعية في لبنان درء المصير، وتأكيد نفسها كمساحة لتهجين المعرفة واكتساب مكانة "المختبر المتميز" لدراسة "الديموقراطية التوافقية" أو الجيوسياسية للدول الصغيرة؟ هذا ما اقترحه أكاديمي مغترب في تعليقه على عمل عالم الاجتماع، وضاح شرارة. لكن في هذه المنطقة الصغيرة الواقعة على مفترق طرق، فإن التوترات الأيديولوجية والسياسية التي تجتاح العالم العربي تهز الحياة الفكرية.ماذا بعد؟الملاحظة التي شاركها المؤلفون هي "تغايرية" مجال العلوم الاجتماعية في لبنان على الرغم من إضفاء الطابع المؤسسي التدريجي على التخصصات وحتى احترافها. ومن هنا عنوان الكتاب الذي يخفي تشاؤمه الضمني: المشهد الاجتماعي اللبناني مجزأ. تعمقت الانقسامات الاجتماعية والثقافية منذ الحرب الأهلية، والسلطة السياسية مشلولة.المرآة المرفوعة أمام المشهد السياسي المنكوب هي "مرآة مكسورة". هي تكشف عيوبه، لكن أيضًا شظاياه. لأن المجال اللبناني للعلوم الانسانية والاجتماعية، الذي تهيمن عليه القوى الاقتصادية والسياسية، تتخطاه أيضاً ديناميكيات مجتمعية واعدة جديدة.المال قبل الخير العام في لبنان، ترافق النمو المتسارع للدراسات الجامعية في العلوم الانسانية والاجتماعية، الذي تسارع في مرحلة "إعادة الإعمار" بقيادة رفيق الحريري، مع تدهور مكانة ورواتب المعلمين في الجامعة الحكومية.بين سطور الفصول كلها، يشار إلى الآثار الضارة لدور المال وانكماش الاقتصاد اللبناني على التعليم العالي والبحث. ولاحظ المؤلفان أنه في لبنان يصبح هذا المعطى الموجود في كل العالم، أكثر تأثيراً من أي مكان في العالم، ربما بسبب نفوذ المال وتقدمه على "الخير العام" الذي يصبح ثانوياً في لبنان.ويشير العديد من الباحثين إلى أن رأس المال العلمي، وهو دعامة المجتمع الأكاديمي، غالبًا ما يخضع لسيطرة مصالح اجتماعية خارجية، وأن الدولة اللبنانية ليست ضامنة لاستقلالية الجامعة، بل هي ساحة للتنافس بين القوى السياسية والدينية. تسمى الأعراف الاجتماعية الواردة في مجال العلوم الانسانية والاجتماعية بـ"التواطؤ والتسوية".هذا الوضع غير المواتي لا يخلو من حل. ظهرت أماكن بديلة تطورت فيها العلوم الانسانية والاجتماعية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. فصارت الحركات الاجتماعية متعددة الأبعاد والاهتمامات توفر أدوات علمية للاحتجاج في شبكة الانترنت. تؤكد هذه المراكز عدم تخليها عن الصرامة الأكاديمية وتحاول "الجمع بين البحث التطبيقي والمناصرة العملية".فهل ستكون الدولة اللبنانية قادرة على ضمان وصولهم بحرية إلى الموارد المطلوبة واحترام القانون؟


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top