"ولعت" على صفحات التواصل الاجتماعي أمس الاثنين بين نائبي زحلة الكاثوليكيين، جورج عقيص وميشال ضاهر، على خلفية المناقصة التي دعت إليها مؤسسة كهرباء لبنان لتلزيم عقد إدارة شركة كهرباء زحلة للمرحلة المقبلة، بعد انتهاء عقد إدارتها الحالية المنتظر في نهاية العام الجاري.مناكفات التلزيم والمناقصاتوصف الأول الثاني بنائب "المال"، ووصف الثاني الأول بنائب "الأشعار". وبدا أن فرقة نواب زحلة عصية على كل المحاولات السابقة لخلق تضامن نيابي بينهم، أقله على المستوى الإنمائي في المنطقة. وثبّت الجدل الدائر أن الكيمياء مفقودة فعليًا بين النائبين المذكورين، و"القصة ليست رمانة بل قلوب مليانة". وبدأت القصة قبل أيام مع إطلاق مؤسسة كهرباء لبنان مواعيد عروض إجراء مناقصة لتلزيم إدارة جديدة لشركة كهرباء زحلة، التي ينتهي عقد إدارتها الحالية الممدد منذ سنة 2020 في نهاية العام الجاري.
هذه المناقصات المؤجلة منذ سنة 2018 شكلت "حصوة" تستخدم لوضعها في عين الإدارة الحالية للشركة، والتي لم تتمكن من المحافظة على شعاراتها: "عز زحلة بكهربتها". بعدما تراجعت تغذيتها من 24 ساعة إلى 15 ساعة يوميًا، وباتت فواتيرها كاوية لكل البقاعيين، وخصوصا الأغلبية التي يعتبر دخلها محدودًا. فخسرت شركة كهرباء زحلة جزءًا كبيرًا من الالتفاف الشعبي الذي أحيطت به عند انتهاء عصر "امتيازها"، وباتت المطالبة باستمرارية إدارتها محفوفة بشروط، وأبرزها تخفيض الفاتورة الحالية للكهرباء.
لكن الإعلان عن المناقصة وتحديد مهل تقديم العروض لم يحقق إجماعًا على مستوى زحلة وقضائها، أقله على المستوى السياسي. مع أن الكهرباء كانت الملف الأول والأبرز الذي وضع على طاولة البحث في لقائي نواب زحلة الجامع الذي احتضنه قصرها البلدي. وجاء الإطلاع على دفتر الشروط مخيبًا لبعض الأمال، وفقاً لمصادر زحلية رأت أن بعض المواصفات فُصِّلت على قياس الإدارة الحالية، من دون أن تراعي مطالبات الناس بديمومة التغذية وتحسين التسعيرة، لا سيما لجهة تحديد مهلة عقد الإدارة الجديدة بخمس سنوات قابلة للتمديد لسنتين إضافيتين. وهذه مدة اعتبرتها المصادر غير مناسبة لاستثمارات جديدة في الطاقة المستدامة.تضامن المستقبل وضاهرالنائب سليم عون كان أول من نشر نص الدعوة إلى المناقصة. وقد جوبه ترحيبه هذا بانتقادات نُقِلت خصوصًا عن منسق تيار المستقبل في البقاع ورئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين. والمعلوم أن مجدل عنجر وسواها من قرى البقاع، لا تخضع لنطاق خدمة شركة كهرباء زحلة، التي تطالب قرىً عدة منذ سنوات بالاستفادة من خدمتها، ولو بامتيازات أدنى من تلك التي كانت تتمتع بها مدن وبلدات تابعة لنطاق خدمتها حاليًا.
وياسين مقرب من النائب ميشال ضاهر، ومتهم بأنه عمل لمصلحة ماكينة ضاهر خلال الانتخابات الماضية. وقد جاء اعتراضه على المناقصة متوافقًا مع ما اقترحه النائب ضاهر في خطة نشرها عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، وضمنها مطلب توسيع خدمة شركة كهرباء زحلة لتطال مدنًا وقرى إضافية في منطقة قضاء زحلة.
أما الخطة التي اقترحها ضاهر لتحسين خدمة الكهرباء في زحلة وقضائها، فـ"تتطلب إقرار قانون لامركزية إنتاج الكهرباء في لبنان، من خلال مشاركة القطاع الخاص في إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية"، كما قال، وتابع: "على أن تنشأ في زحلة شركات خاصة تفتح باب المساهمة لعموم الأهالي، بحيث لا يمكن للفرد أن يتملّك أكثر من خمسة في المئة منها، مع فصل شركات الإنتاج عن شركات التوزيع".
وحسب المعلومات، فإن ضاهر يحاول أن يبقي التوزيع بيد شركة كهرباء زحلة، التي تملك كافة التجهيزات وتتقن الخدمة بشكل مدروس منذ عهد امتيازها القديم. على أن يكون الإنتاج من مسؤولية شركة خاصة، تعمل على تأمين محطات تعمل على الفيول والغاز مستقبلاً بطاقة 75 ميغاواط. وهي تكفي لتلبية حاجات قضاء زحلة (بعد ضمّ البلدات كافة التي هي حاليًا خارج نطاق شركة كهرباء زحلة)، إضافة الى تركيب محطة طاقة شمسية، بقدرة 40 ميغاواط، تعمل نهارًا لتخفيف استهلاك المحروقات.عقيص يدعم الإدارة الحاليةهذه الاقتراحات وضعت وفقًا للمصادر على طاولة النقاش خلال اجتماع عقد في كاتدرائية سيدة النجاة بين نواب وأساقفة المدينة، بحضور رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء زحلة أسعد نكد، من دون أن يخرج الاجتماع ببيان موحد، في انتظار تبلور اتفاق نهائي على خطة العمل المستقبلية، وفقاً للمصادر. وقد تغيّب عن الاجتماع النائب جورج عقيص الموجود خارج لبنان، وفقا للمصادر. الأمر الذي يمكن أن يكون قد أمن أجواء أقل تشنجًا حالت دون تفجير اللقاء، خصوصًا أنه جاء عشية الصدام الإلكتروني الذي نشب بينه وبين النائب ميشال ضاهر على خلفية ملف الكهرباء تحديدًا.
واعتبر عقيص في بيان له أن "أي حلّ مستدام وطويل الأمد لمسألة الكهرباء في زحلة، يحتاج تنفيذه في أحسن الأحوال من 18 شهراً إلى سنتين. الأمر الذي يفرض علينا، مع اقتراب نهاية مدة العقد التشغيلي مع شركة كهرباء زحلة في نهاية العام الحالي، التفكير الجدي بقانون مؤقت يرعى الفترة الانتقالية المذكورة، كي لا نقع في محظور العتمة الشاملة".
وفي موضوع تأمين توليد الكهرباء بواسطة الطاقة المتجددة، أوضح عقيص أن هناك "قانونًا جديدًا للطاقة المتجددة في المجلس النيابي. قد تكون اللجنة الفرعية المكلفة بدراسته أنهت أعمالها". وأضاف: "من المفيد انتظار مضمون هذا القانون نظرًا إلى تأثيره الأكيد على موضوع إنتاج الكهرباء في زحلة".
واعتبر كلام عقيص داعمًا للتجديد لإدارة الشركة الحالية وخدماتها الكاملة، خصوصًا عندما قال: "بقدر حرصي على مبدأ المنافسة في تقديم الخدمات الأساسية للمواطن، وهو المبدأ الذي أثبت جدواه في أغلب دول العالم، حيث لا يكون تقديم الخدمات الكهربائية في زحلة حكراً على شخص أو شركة، بقدر ما أحرص أيضًا على عدم إثارة غضب الناس واستغلال وجعهم، فنستعجل الخروج من تحت دلفة كهرباء زحلة، للدخول تحت مزراب سواها". وضمّن عقيص بيانه توضيحًا لقانونية المناقصة التي دعت إليها مؤسسة كهرباء لبنان، وهو ما شكل موضوع خلاف بينه وبين النائب ميشال ضاهر، الذي فسر خطته بمحاولة انتزاع مهمة توليد الكهرباء من صلاحيات شركة كهرباء زحلة، ووضعها في مكان آخر. ولكن من دون ضمانات كافية تعطى للمواطنين، وخصوصاً في ظل ظرف انهيار المؤسسات الذي لا يسمح بالمقامرة.دور الكنيسةفي انتظار ما تحمله الأيام المقبلة، يبدو أن مسألة لقاء النواب لمناقشة هذه القضايا التي تهم أبناء زحلة وقضائها على طاولة القصر البلدي، بات مستبعدًا حاليًا. فالجو "مكهرب" بين نواب زحلة، ليس فقط بين النائبين ميشال ضاهر وجورج عقيص، وإنما أيضًا مع نائب حزب الله رامي أبو حمدان ونواب القوات اللبنانية. ولا يلوح في الأفق توجه لتحديد موعد لقاء جديد على هذه الطاولة. وخصوصا بعدما انعقد اللقاء الأخير بغياب النائب ميشال ضاهر والنائب رامي أبو حمدان.
لكن مهل بت مسألة الكهرباء باتت داهمة. والزحليون والبقاعيون لا يملكون ترف انتظار حلحلة "حرد" النواب وخلافاتهم، إلا إذا نجحت الكنيسة في جمعهم مجددًا في لقاء ثان يخرجون منه بأرضية مشتركة تؤمن استمرارية الكهرباء وتخفيض فواتيرها.