تستمرّ الإثارة اللبنانية لملف اللاجئين السوريين، إذ تتكثف الاجتماعات بين المسؤولين بإشراف رئيس الجمهورية ميشال عون، لتوسيع الحملة التي تطالب بإعادة اللاجئين إلى سوريا. مواقف لبنانية أثارت حتى حفيظة النظام السوري. فأبدى السفير السوري علي عبد الكريم علي اعتراضه على موقف لوزير الخارجية عبد الله بو حبيب قال فيه إن سوريا لم تطالب بإعادة اللاجئين.في هذا السياق، استقبل رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبدالله بوحبيب ووزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار، وعرض معهما التطورات المتعلقة بملف النازحين السوريين في لبنان. وقال حجار بعد اللقاء: "تم التوافق مع الرئيس عون على نقاط عدة على صلة بخطة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، والتواصل مع سوريا قائم ولم ينقطع يوماً".
وكان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، قد اعترض على موقف وزارة الخارجية اللبنانية قائلاً: "إن تصريح وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب مستغرب"، لافتاً إلى أن "السوريين في لبنان أو غيره لا يستطيعون إرسال العملة الصعبة". وأشار إلى أن "سوريا جادة ومنفتحة ومرحبة ومسؤولة، وهي الرئة الكاملة للبنان ومن مصلحتها أيضا التكامل معه".
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين قد أكّدت في بيان، أنّ "لبنان يواجه أزمةً اقتصاديّةً واجتماعيّةً غير مسبوقة في تاريخه المعاصر، الّتي بات معها يعيش 80% من اللّبنانيّين تحت خطّ الفقر"، وشدّدت على أنّه "لا يمكننا أن نتجاهل أنّ أحد الأسباب الرّئيسيّة لما يرزح تحته لبنان، متّصل بأعباء الأزمة السورية وتداعياتها، لاسيّما النزوح السوري الكثيف إلى لبنان"، مبيّنةً أنّ "التّواجد الكبير للنازحين السوريين على الأراضي اللّبنانيّة شكّل سببًا رئيسيًّا للأزمة الاقتصادية العميقة".
وذكرت أنّ "نتيجةً لذلك بدأت الفئات الاقتصاديّة الأكثر ضعفًا من اللّبنانيّين تتنافس على الخدمات والموارد الغذائيّة المحدودة المقدَّمة، مع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، الّذين أصبحوا يشكّلون معًا نحو 40% بالمئة من عدد اللّبنانيّين، ممّا أدى مؤخّرًا إلى زيادة نسبة التوتّرات والحوادث الأمنيّة بين الفئات الاقتصاديّة كافّة الأكثر ضعفًا في لبنان".ويحاول لبنان الضغط على المجتمع الدولي للدفع في اتجاه إعاة اللاجئين مستغلاً نقطتين، أولاً تحميل اللاجئين مسؤولية الانهيار الاقتصادي في لبنان، وثانياً محاولة تخويف أوروبا من الهجرة غير الشرعية. وقد أكدت وزارة الخارجية اللبنانية أنّه "حرصًا منّا على أوضاع لبنان الاقتصاديّة والاجتماعيّة والأمنيّة، نخشى أنّه لن يكون أحد بمنأى عن تداعيات هذه الأزمة، لاسيّما مع تزايد ظاهرة زوارق الهجرة غير الشّرعيّة المتّجهة إلى أوروبا، بالرّغم من تشدّد السلطات اللبنانية في منع هذه الظّاهرة".
إلى ذلك، أوضح بيان الخارجية أنّه "انطلاقًا من المصلحة المشتركة اللّبنانيّة- الأوروبيّة بإيجاد حلّ مستدام لملف النزوح السوري، يحمي لبنان اجتماعيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا، ويقي الدّول الأوروبيّة استباقيًّا تبعات أيّ تدهور محتمل، وإذ تثني الوزارة على الجهود المبذولة من دول الاتّحاد الأوروبي للتّخفيف من التّداعيات الإنسانيّة للأزمة السّوريّة، تدعو بصدق إلى التّعاون والتّشاور والحوار، لوضع خريطة طريق تسمح بعودة النازحين السّوريّين تدريجيًّا إلى ديارهم بكرامة وأمان، حرصًا على استقرار لبنان والمصالح المشتركة مع أوروبا".هذا، ويتحضّر وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال، عصام شرف الدين، لزيارة دمشق ولقاءِ مسؤولين من النظام السوري بتكليفٍ رسميٍّ من السلطات اللبنانية لبحثِ خطة عودة اللاجئين السوريين، الذين تصرّ الدولة اللبنانية على توصيفهم بالنازحين.